القضية التى أثارها أمس الصديق والزميل العزيز علاء عريبى بشأن ممارسة الأميين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، حق الانتخاب والتصويت، وقيامهم برسم المستقبل السياسى للبلاد، لهى قضية أشد خطورة وأبشع تأثيراً، وكما قال «عريبى» فى نهاية مقاله، فإن قوانين المرور ترفض منح الأمى شهادة أو رخصة قيادة خوفاً على حياته وحياة الآخرين، ومن باب أولى ألا يمنح هؤلاء الأميون حق التصويت فى الانتخابات، لأنهم سيختارون من يقود الأمة سواءً فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو وضع الدستور، والاستفتاء عليه بعد كتابته. وأضم صوتى إلى صوت علاء عريبى، فى ضرورة منع هؤلاء الأميين من المشاركة فى الانتخابات، ليس استعلاء عليهم أو نقصاً من شأنهم أو تقليلاً من أهميتهم، ولكن تجنباً من التلاعب بأصوات هؤلاء فى أية انتخابات، وصحيح أن الدستور والقانون لا يفرقان بين أحد فى الحقوق والواجبات والكل سواسية أمام القانون فى أى دولة ديمقراطية، لكن عندما يتفشى الجهل ويسود ويتحكم فى مصير الأمة وتحديد مستقبل البلاد، فإن ذلك ينسف الديمقراطية بل يقتلعها اقتلاعاً ونحن مازلنا نحبو فى طريق هذه الديمقراطية،ونفاجأ أن هؤلاء الأميين من أهلنا فى العشوائيات وريف مصر قبلى وبحرى، يتلاعب بهم رجال السياسة ويوظفون أصواتهم لصالحهم مقابل اللعب على احتياجات هؤلاء البسطاء من مأكل وملبس ومشرب.. ويخطئ من يظن أننى أستهين بهؤلاء أو أقلل من شأنهم، بل هم الغالبية العظمى من أبناء شعب مصر، وهم على رأسى وهم من انتصر إليهم فى قضاياهم وأدافع عن كل المهمشين فى بلدى وأتبنى قضاياهم.. وفى المقابل أرفض رفضاً تاماً أن يتلاعب بهم السادة المرشحون فى أية انتخابات أو استفتاءات.. وطالما أن هؤلاء الأميين شريحة كبيرة فى المجتمع، هل تترك الأمور هكذا ونسمح لهم عن طريق سرقة أصواتهم أو التلاعب بها أن يرسخوا مستقبل مصر. أعلم أن هذا حقهم فى حرية التعبير والاختيار، وأعلم أيضاً أن هؤلاء يتم التلاعب بهم خاصة لو علمنا أنهم كتلة تصويتية ضخمة قادرة على إنجاح مرشح واسقاط آخر، وهذا يحدد مستقبل البلد. وبما أن هذه ظاهرة فى المجتمع وكان لها الدور المؤثر فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة، وبما أن لهؤلاء الحق فى التصويت بدون تفرقة مع باقى شرائح المجتمع، فإننى أدعو إلى تعديل القوانين التى تسمح لهؤلاء بالتصويت، وضرورة وضع شرط رئيسى بإسقاط حق الأمى فى التصويت، حتى يتم حصوله على شهادة تؤكد إجادته للقراءة والكتابة، لأنه من غير المنطقى والفعلى أن يقوم هؤلاء الأميون بالتصويت لمجرد الاعتماد فقط على السماع، وهناك من يجيد من المرشحين سواء فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو حتى المجالس المحلية القدرة على التأثير فى هؤلاء الأميين.. وهل يعقل أن أمياً لم يقرأ البرنامج الانتخابى لمرشح أن يدلى بصوته ويرسم مستقبل بلد يبدأ وضع قدمه على طريق الديمقراطية. القانون نفسه يمنع هذا الأمى من قيادة سيارة، والقانون نفسه يمنحه حرية اختيار قيادة الأمة.. إنه فعلاً التناقض الغريب والعجيب الذى يجب أن يتلاشى فى مصر الحديثة الديمقراطية التى ينشدها الجميع.. أما بقاء هؤلاء الأميين بهذا الشكل فهذا يهدد مستقبل البلاد فى مقتل ويقضى على أى أمل نتمناه فى المستقبل. ولا أقول أن نحرم هؤلاء الأميين من ممارسة حقوقهم، لكن سيكون ذلك بعد أن يقوم هذا الأمى بالتعلم وإجادة القراءة والكتابة.. فلماذا لا نقدم على هذه الخطوة وساعتها يكون هناك دافع قوى لأن يقدم الأميون على التعلم، ونقضى تماماً على هذه الظاهرة البشعة.. فلا يمكن لأى مجتمع أو شعب أن يتقدم وبه قطاع كبير من الجهلاء الذين يحددون ملامح هذا الوطن.. ألا يكفى وجود أمية ثقافية خطيرة تنخر داخل المجتمع، ومتعلمين تخرجوا فى المدارس والجامعات، والجهل الثقافى يسيطر عليهم؟!!.. مرة أخرى لا أقلل من شأن هؤلاء الأميين، لكننى حزين على ما يحدث لهم من المرشحين الذين يسرقون أصواتهم ويوظفونها لصالحهم، ولذلك أنا مشفق عليهم، ومشفق أكثر على وطنى مصر. وللحديث بقية