لقد انتهي هذا المولد الذي غلب عليه الفوضى العارمة في كل شيء حتى باتت مصر حزينة علي هذا الصراع العنيف غلي كرسي الرئاسة لحكم هذا البلد الطيب الذي يمر شعبه المغلوب علي أمره نتيجة للفقر المتقع الذي يعيش فيه غالبيته ويتعرض لأعتي الأمراض التي تنحر جسده وواجه الفساد في كل شيء والديكتاتورية من حكامه الفاسدين علي مر عقود طويلة فاقدا لكرامته وإنسانيته حتى شبابه الذي بات يشعر بالغربة عن وطنه ويهاجر قسرا ليواجه الموت والأخطار الجسيمة في مياه البحر دون رحمة ليكون في النهاية طعاما لأسماك القرش أو الموت المؤكد وبالرغم من هذه الصعوبات الخطيرة يصر علي تكرارها مفضلا الموت علي الحياة القاسية في وطنه الذي هاجره اضطرارا دون رغبة أكيدة ولكنه البحث عن لقمة عيش في وطن جديد من أرض الله الواسعة إلي أن قامت الثورة المجيدة في 25 يناير 2011 م واعتقد الجميع أن كل شيء سوف يتغير ومرت الشهور 16 شهرا منذ قيامها ولم يتغير الحال بل اكتسبت مصر فوضي عارمة شارك الجميع في صنعها حتى الثوار أنفسهم لأن القيادة ووحدتها غابت عنهم وبدأت الصراعات المتعددة بينهم وتكوين الائتلافات المتعددة تعبيرا عن هذا الصراع وتاهت أهداف الثورة تماما حتى إنني حذرت من ذلك في مقالة لي بجريدة الوفد الغراء منذ شهرين وعنوانها " ياولدي إن الثورة ترقص سمبا " وطالبت أن تنهل الثورة طريقا جديدا لمواجهة الثورة المضادة وفلول النظام السابق الذين يسعون إلي القضاء عليها بشتى الطرق مهما كلفهم ذلك من ملايين الجنيهات لأن مصلحتهم الفعلية هو استعادة مجدهم الزائف والاستمرار في نهب هذا الوطن حتى لو أدي ذلك إلي احتراقه وتدميره كلية وجاء دور القضاء ليصدر إحكاما هزيلة لا ترقي لمستوي المسئولية زادت النار اشتعالا لأننا يجب أن نعترف وبكل أمانة التي يعرفها عني قرائي الأعزاء أن المجاملة الرخيصة ليست من سماتي وطبيعتي لتدخل المليونات الشعبية والمعبرة عن غضبها وضيقها لكل ما يحاك ضد مصرنا الحبيبة لأننا ببساطة شديد أن كل مؤسسات الدولة كانت صنيعة لنظام مبارك الفاسد الذي دمر كل شيء وأحال مصر إلي خرابه تامة يتطلب إعادة بنائها عشرات السنين وكان من المفروض أن يتم تغيير كل مؤسسات الدولة الخربة لتساير الثورة في نهجها وسلوكها الساعي إلي إعادة بناء هذا الوطن ولكن انتهج نواب الشعب سلوكا سيئا بعيدا عن الإصلاح والتصدي لكل ما يهدد حياة المواطن المصري ومعيشته فكان لزاما إصدار القوانين المنظمة للسلطة القضائية بدءا من النائب العام وانتهاء بتشكيل المحاكم وإضافة قانون يسمح بإنشاء محكمة للثورة ومحاكمة كل الفاسدين الذين خربوا هذا الوطن ونهبوا خيراته وإصدار أحكام رادعة عليهم لتكون عبرة لكل من يجرؤ علي انتهاك حرمة وطننا الحبيب وشعر الجميع بأن الثورة علي وشك الانهيار والاختفاء ومما زاد من غضب الشارع المصري أن رئيسه وأعضائه يتقاضون مرتبات خيالية ولم يعطوا القدوة الحسنة بالامتناع عن صرف هذه المرتبات تضامنا مع الغالبية العظمي من أفراد الشعب المصري الذي يضرب الفقر بجذوره في المجتمع المصري وجاء الدور علي اللجنة العليا للانتخابات لتشرف علي الانتخابات الرئاسية وتتحصن بالمادة 28 التي أصدرها المجلس العسكري ضمن الإعلان الدستوري لتضع موقفا مشبوها في عدم الطعن علي أحكامها ومع ذلك نجح من نجح وخسر من خسر وظهرت الزعامات الوهمية في ميدان التحرير ليصب الراسبون غضبهم عليها وللأسف الشديد أعلنت رأي بكل أمانة أن كل هؤلاء لا يصلحون لقيادة مصر لأن قائد مصر يجب أن يتحلي بكاريزمية القيادة ويشعر بآلام الفقراء والمساكين وليس من المنطق كلية أن من ينفق الملايين المشبوهة التي يستحوذ عليه لا تصنع قائدا لمصر بل في المقام الأول تخدم أهدافا مشبوهة تزيد من خراب هذا الوطن وتدميره وماذا يفيد ميدان التحرير لأننا ببساطة شديدة أن كل من يجتمع هو وعصابته يسعي إلي فرض نفسه حاكما لمصر ووصولا إلي كرسي الرئاسة وجاءت المحاكمات الهزلية التي أقيمت بميدان التحرير تعبيرا عن هذه الفوضى العارمة لأنها ببساطة لن تقدم أو تؤخر في الأحكام الهزيلة التي صدرت علي مبارك وحاشيته الفاسدة وتحول ميدان التحرير إلي مسرح هزلي في كل شيء فالباعة الجائلون يجوبون طرقاته وترتكب فيه جرائم البلطجة والعربدة والتحرش الجنسي وصار الدهماء هم أصحاب الكلمة والمظاهرات الاحتجاجية حتى توقفت أكثر من 40% من المصانع الإنتاجية عن إنتاجها المحدد والمطلوب وصار الاقتصاد المصري ينزف نزيفا حادا ليرتفع عامل التضخم ويصبح الجنيه المصري عملة فاقدة لقيمتها والارتفاع الجنوني للأسعار يزيد من كاهل المواطن المصري ولا يستطيع تلبية حاجاته وحاجات أسرته والحكومة المؤقتة عاجزة تماما عن احتواء هذه الأزمات القاتلة وما عليها إلا الاستجابة لتلك الضغوط الصادرة من المحتجين فماكينات طبع الأوراق النقدية جاهزة لامتصاص هذا الغضب وذلك الإرضاء ألقسري لأن الكافة لا يهمهم إلا اكتساب المزيد من الطلبات دون أن يدري أنه يساهم في تخريب الدولة وتدميرها واستنزاف عملتها الصعبة وظهرت النتائج النهائية ليتم الإعادة بين الدكتور مرسي والفريق شفيق ولم تعلن اللجنة العليا للانتخابات نتيجة الإعادة ليعلن الدكتور مرسي فوزه في هذه الانتخابات الرئاسية ليزيد النار اشتعالا ولهيبا في كل شبر من هذا الوطن وعلي الجانب الآخر يعلن أنصار شفيق فوزهم في تلك الانتخابات الرئاسية وصار الجميع في حيرة شديدة من هذا الارتباك الهادف لإحداث الفوضى المتعمدة لإحراق هذا الوطن وتخريبه وللأسف فكلا المرشحين لا يصلحان لقيادة هذا الوطن والعمل علي استقراره وذهب انتصار مرسي ليعتلوا ميدان التحرير للضغط بقوة علي جموع الشعب المصري وعلي اعتبار أن مرشحهم هو الفائز في تلك الانتخابات وتجمعت الزعامات الوهمية من الشيخ حازم ابو إسماعيل ليقود المظاهرات الغشيمة والتي تنادي برحيل المجلس العسكري وإسقاطه لأن رجاله يخونون هذا الوطن وهم ليسوا بالأمناء علي الثورة وعبورها إلي أهدافها الرئيسية التي قامت من أجلها وأصبح صوت الدهماء هو الحاكم في مسيرة القرارات المصيرية وغاب عن هؤلاء ما يتعرض له الوطن من أخطار خارجية عنيفة وما يتم التدبير له في الخفاء والعلن من إحراقه وقد نوهت سابقا علي الكم الضخم من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي دخلت مصر في الآونة الأخيرة والتي يقدر عددها بأكثر من 8 مليون قطعة من الأسلحة الخطيرة التي تتنوع بين م/ ط المضادة للطائرات وأيضا م/د المضادة للدبابات والرشاشات الثقيلة والمتوسطة لأننا ندرك ببساطة شديدة أن هناك أهدافا إستراتيجية يسعي المخربون إلي تنفيذها في اللحظات الحاسمة لأننا قد تأكدنا ودون تردد أن هناك مخططا كبيرا يسعي لإذلال مصر ورضوخ شعبها والسعي لعدم عودتها إلي الريادة والقيادة لأمتنا العربية مرة أخري لتنتزع الزعامة دويلات عربية غارقة في الخيانة وتنفيذ المخططات الصهيونية والأمريكية لتقسيم المنطقة العربية ونهب خيراتها ومواردها الاقتصادية دون رحمة وجاء الدور علي المجلس العسكري الذي كشر عن أنيابه ليصدر قرارات عنيفة وصعبة- البعض منها جاء قويا وفي محله والبعض منها ارتجاليا حتى صارت الريبة والشك هي العنوان الذي يلتصق بهذا المجلس من الدهماء وغائبي المعرفة لكافة التحديات الخارجية والداخلية وحين ننظر إلي هذه القرارات بنوع من التحليل المنهجي والصادق الذي يقترن بالشفافية المطلقة فإننا نقول إن القرار الخاص بحل مجلس الشعب هو قرار من المحكمة الدستورية نتيجة الطعن علي النواب الحزبيين الذين دخلوا علي القائمة الفردية ونجحوا علي هذا المعيار وللأسف الشديد تابعت القرارات المتعددة من فقهاء القانون الدستوري فمنهم من أيد المحكمة في قراراتها ومنهم من شكك في هذا القرار بحل مجلس الشعب والذي أصبح حله وحوبيا لا مفر منه ونظرا للفراغ الدستوري بحله صدر الإعلان التكميلي من المجلس العسكري ليعود إليه الصفة التشريعية مع حل هذا المجلس دون الاستفتاء أو دون الرجوع إلي المجلس الاستشاري ومشاركته في هذا القرار الخاطيء خاصة لأننا تسعي في المقام الأول إلي اتخاذ الديمقراطية منهجا وسبيلا إلي إعادة بناء هذا الوطن وغرس قيم القانون واحترامه من الجميع وصدرت الفتاوى من الجهلاء بأحكام القانون بأن مجلس الشعب المنحل يستطيع أن يعقد جلساته في أي مكان والمكان المختار هو ميدان التحرير ليتأكد لنا غياب الفكر والرؤية السياسية والإستراتيجية خاصة أنه قد أعلن عن مكان حلف اليمين القانونية للرئيس المنتخب الذي لم يعلن عنه رسميا وهي الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية وبالتالي فان حلف اليمين في أي مكان هو باطل تماما ولا يمكن التقيد به لأنه بالتالي لن يكتسب الصفة الدستورية الكاملة لحكم البلاد وجاءت التكهنات الخبيثة من حزب الحرية والعدالة بان المجلس العسكري اتخذ هذه المواقف الاستباقية لأنه كان يعلم بفوز مرشح الأخوان المسلمين لمنصب الرئاسة وهذا لغط شديد لا يمكن السكوت عليه خاصة أنه وقف موقف الحياد من المرشحين منذ بداية السباق الرئاسي وصار الكل يصب النار علي الزيت ليحرق مصرنا الحبيبة دون مراعاة لتاريخها وحضارتها التي امتدت الآف السنين ينهل العالم كله من علمها وفنونها – وجاءت الضربات عنيفة وموجعة حين أصدر وزير العدل قرارا يضفي علي رجال الشرطة العسكرية وضباط المخابرات صفة الضبطية القضائية واعتبره البعض انقلابا عسكريا ليتشبث المجلس العسكري بالسلطة خاصة حين أعلن عن تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الدائم في غياب مجلس الشعب وبطلان اللجنة التي تأسست لغياب المعايير الحقيقية في اختيار أعضائها وعدم الاختيار السليم وغلب علي الاختيار الأهواء الشخصية لحزب الحرية والعدالة – إلي جانب ذلك صدر عن المجلس العسكري تشكيل لجنة الدفاع الوطني بقيادة رئيس الجمهورية المنتخب والمجهول رسميا حتى الآن ولم يع الجميع أنها مشكلة منذ عام 1977م وان الإعلان عنها هو محاولة إحياء دورها سعيا لحفظ الأمن القومي والوقوف أمام كافة الأخطار الذب بتعرض له الوطن الحبيب وان قراراتها تصدر بالأغلبية المطلقة ويصدق غلي قراراتها رئيس الجمهورية وللأسف صدرت الفتاوى والفاسدين من الإعلاميين المأجورين والدهماء المخربين بأن المجلس العسكري يقلص من سلطات الرئيس القادم ويجعله منزوع الصلاحيات ولا يستطيع أن يمارس أية قرارات إلا بموافقة المجلس العسكري وهذا هراء فاضح وما بعده من أكاذيب الغرض منها هو إشعال الفتنة والتخريب المتعمد لإحراق مصرنا الحبيبة إننا للأسف الشديد أمام حالة من الريبة والشك بين جماعة الأخوان المسلمين والمجلس العسكري وقد أثبتت الأيام الماضية أن الأحزاب في مصر مجرد عدد في الليمون كما يقول مثلنا الشعبي لأن مصر أصبح فيها أكثر من 70 حزبا لا يعرف أحد مسمياتها سواء ما قبل الثورة أو ما بعدها لأنها أحزاب هشة يرأسها زعامات فارغة وقيادات هشة وأصبح الكل يسعي إلي اخذ نصيب من الكعكة ويمتص دماء مصر وإلا لماذا لم تسارع بإعلان بيان صريح يحد من تلك الفوضى العارمة ويقف موقفا قويا أمام دعاة التخريب والتدمير وإذا كنا ضد شفيق الذي يعد من الفلول والنظام البائد فانا أيضا ضد مرسي الذي يحمل أبنائه الجنسية الأمريكية والذين سوف يدخلون القصر الرئاسي إذا تم الإعلان رسميا عن نجاحه وفوزه بتلك الانتخابات وبصراحة تامة فان التخوف يملأ قلبي علي مصر الحبيبة ولقد كان من رأي أن تلغي هذه الانتخابات الرئاسية لأن الشعب المصري أقدم عليها وهو فاقد الرؤية والإرادة لأن الاختيار لم يكن مبنيا علي ما سوف يحققه الرئيس القادم لمصر ولكنه كان قائما علي التخوف من إقامة نظام يمتد للنظام البائد ومهما قيل فان العودة للنظام البائد يمثل ذعرا شديدا وعلي الجانب الآخر فان الأخوان المسلمين نجحوا في استمالة البسطاء والفقراء والدهماء وهؤلاء لم تتغير المنفعة من تذكرة الانتخاب الماضية أو بطاقة الرقم القومي الجديدة للاستفادة من عائدها المادي ولذلك إن التساؤل الذي يفرض نفسه هل نترك الوطن يحترق أم تتكاتف كل الأيادي لإعادة بنائه وتعميره فنحن مضطرين إلي أن نحترم صندوق الانتخابات وما سوف يجيء به ويجب أن يتصافح الخاسر والكاسب لمصلحة مصرنا الحبيبة ويجب أن يتم إعادة كتابة دستور جديد يتم فيه توضيح كل ما يرتبط بنظام الدولة وعلاقتها بكافة المؤسسات واختصاصات المجالس التشريعية والقضائية والتنفيذية والفصل التام بين سلطاتها وتحديد مهام رئيس الجمهورية والتقليص التام من سلطاته في المرحلة الحالية ومهام المجلس العسكري وسلطاته وأحرص دائما علي أن أكون من أعضائها لأنني لا أخشي إلا الله تعالي وعلي استعداد تام إلي أن أفدي هذا الوطن لأن مصر أكبر بكثير لما تتعرض له من أخطار ويجب علي الجميع إدراكها دون تقصير وتسعي في النهاية إلي مشاركة الرئيس القادم إذا كان أمينا علي هذا الوطن أو نسقطه إلي غير رجعة مهما كانت إيديولوجيته واتجاهه لأن عصر الخنوع والخضوع والديكتاتورية قد ولي وانتهي ولن يعود مرة أخري مهما طال الزمن وقصر وإنا غدا لناظره قريب مع تحياتي وتقديري لقرائي الأعزاء مدير المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية ومرشح الرئاسة السابق لجمهورية مصر العربية