أكد مثقفون أن الجدل الدائر حول نتيجة الانتخابات الرئاسية والإعلان الدستورى المكمل أصاب الحياة السياسية بالارتباك، خاصة مع صعود مؤشر الدكتور محمد مرسى الذى أعلن فوزه برئاسة الجمهورية قبل الإعلان الرسمى من قبل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. وأوضحوا أن الإعلان الدستورى المكمل أتاح للمجلس العسكرى سحب جميع السلطات من الرئيس الجديد. وأشار المثقفون إلى أن الأمل فى المستقبل رغم كل شىء، وأنهم يراهنون على عبقرية الشعب المصرى وقدرته على التغيير. أشار الكاتب الكبير بهاء طاهر الى أن احتفالات الإخوان المسلمين جاءت سابقة لأوانها، لأنه لم تعلن جهة رسمية النتائج النهائية. وأضاف: على كل الأحوال، سواء فاز الدكتور محمد مرسى أو الفريق شفيق، فكلاهما سيصبح رئيس دولة «منزوع الدسم» بعد إعلان المجلس العسكرى التعديلات الدستورية المكملة للإعلان الدستورى الأول والذى سحب فى معظم بنوده كافة سلطات الرئيس القادم وجعل منصبه أقرب إلى الرئيس الشرفى. وأوضح «طاهر» أن تداعيات الموقف الآن تأتى على خلفية الهجوم الضارى على وثيقة الدكتور السلمى التى كانت تتضمن فى مادتيها «9 و10» اختصاصات المجلس العسكرى والتى كانت منطقية بعيدة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، واللتيت حصل عليهم الأخير بالتعديلات الدستورية المكملة. وعبر «طاهر» عن تفاؤله على المدى البعيد قائلاً: إن الثورات الكبرى والمراحل الانتقالية فى تاريخ الشعوب يحدث فيها ما تمر به مصر الآن، ولكن الثورة مستمرة وهى حقيقية وليست شعاراً، والشعب المصرى سيقاوم بسلمية، حتى لو لم تتخذ هذه المقاومة بشكل مظاهرات فى ميادين مصر لأن الشعوب تبتكر طرقاً للمقاومة لم يعرفها التاريخ بعد. وقال الكاتب سعيد الكفراوى: هذه هى شرعية الصناديق، وهناك انتخابات شرعية التزم بها الناس، وعلينا أن نقبل النتيجة، الانتخابات ليست هى المشكلة ولكن المشكلة فى القوانين المكملة التى تبنتها المؤسسة العسكرية،وهى تشكل انقلاباً على الشرعية،والجيش يعطى لنفسه شرعية غير دستورية أو بدستور هو الذى صنعه، الجيش يعلم بمجئ الإخوان المسلمين للرئاسة، ولكى يحتاط لمواجهتهم أصدر قوانينه مضحياً بشرعية الشعب وشرعية القانون للانقضاض على السلطة، وما يجرى الآن فى مصر عبر الأحزاب والجماعات السياسية والمؤسسة العسكرية سينتهى آخر المطاف إلى صراع على السلطة. وأضاف أن المأساة أن تمثل هذه النتائج انقضاضاً على ثورة من قبل العسكريين والأحزاب الذين جعلوا من أصحاب الحق الشرعى الذى يمثله الشباب حقاً غير شرعى واستبعدوا من فجروا الثورة. وأشار الكاتب نعيم صبرى الى ان المشهد السياسى شديد الاضطراب والقلق، فالانتكاسات السياسية نتيجة لأخطاء المجلس العسكرى السياسية وعدم البداية بالدستور، ثم سيطرة تيار الإسلام السياسى على مجلس الشعب بما لا يمثل التوازن الطبيعى للقوى السياسية فى مصر، نتيجة انتخابات متعجلة، ولا يوجد غير قوى الاسلام السياسى هى الوحيدة الجاهزة والأكثر تنظيماً، ثم أزمات الجمعية التأسيسية للدستور ومحاولة الهيمنة عليها، وكل هذا يؤدى الى ارتباك سياسى، وأصبح لدينا اختياران كلاهما سيئ، إما أن نختار ديكتاتورية عسكرية أو فاشية دينية، ولقد شعرت بالألم والأزمة منذ النتيجة الأولى للانتخابات، ولم أذهب في الإعادة، ولم أستطع أن أعطى صوتى لأى من المرشحين، ولكن يبقى إيمانى الشديد بالشعب المصرى، ومازال الشارع بحيوية كاملة، ولن تستطيع قوى سياسية على الأرض أن تعود بمسار الشعب المصرى والثورة المصرية إلى الخلف. وقال الكاتب ابراهيم عبدالمجيد: أبطلت صوتى الانتخابى لأن أول المرشحين الفريق شفيق يمثل النظام القديم بكل معانيه السيئة، والثانى الدكتور محمد مرسى يمثل جماعة لديها أجندة فكرية لا تناسب تاريخ المجتمع المصرى المدنى، ولكن فى النهاية لابد أن يأتى أحدهما الى السلطة،وهو الدكتور محمد مرسى، ونتمنى أن يكون الخلاف معه ديمقراطياً ولا يحاول هو أو جماعة الإخوان ان ينفردوا بكل شىء وإلا يكونوا وجهاً آخر للحزب الوطنى وأن يعوا الدرس فيما حدث فى مجلس الشعب الذى تسبب فى ابتعاد كثير من الناس عنهم، ولو فعلوا ذلك ربما تمضى الأمور بسلام، ولكن لو حاولوا الهيمنة وفرض أفكارهم على الشعب فلن يستمر الدكتور محمد مرسى رئيساً كثيراً. وترى الكاتبة أمينة زيدان أنه كان من المتوقع صعود الدكتور محمد مرسى لرئاسة الجمهورية بناء على قراءة للأحداث الأخيرة، ممثلة فى حل البرلمان وعدم حصول عمرو موسى على الأصوات الحقيقية التى أيدته، فالصورة بدأت تتضح، أعتقد أن الدكتور محمد مرسى إذا أصبح رئيساً فلن يؤثر سلباً بناء على القواعد الجديدة التى وضعها المجلس العسكرى فى التعديلات الدستورية المكملة. ومصر ليست بلداً صغيراً بل هى شعب تعداد مواطنين يبلغ ال«90» مليوناً، وهذا الشعب الكبير حضارياً بتاريخه وناسه لا يستطيع أن يحاصر بفكر واحد فقط. ويؤكد الكاتب والروائى منتصر القفاش ان المشهد شديد الارتباك،ومازال هناك تضييع للفرص وتوجد امكانية لإقامة حياة ديمقراطية بدون ادعاءات بمعنى أن المجلس العسكرى يعود الآن ليتحدث عن الدستور أولاً قبل مجلس الشعب، هذا ما كانت تقوله القوى الوطنية ولم يؤخذ به،و هذا مظهر من مظاهر الارتباك والمتاهات التىأدخلنا فيها المجلس العسكرى، بالاضافة الى أن فوز الدكتور محمد مرسى لا يعنى سوى أن الإخوان المسلمين مازالوا ينظرون الى مصالحهم الخاصة فقط، فهو يرضى أن يأتى الى كرسى الرئاسة بدون صلاحيات، وبعد أن ابتعدت القوى الوطنية عن الإخوان المسلمين، وأرى أن الأيام القادمة لا تتطلب سوى اتحاد القوى الوطنية وتجمعها على مطالب بعينها، سواء فى وضع الدستور أو المطالبة بتحقيق مطالب الثورة التى لم يتحقق منها أى شىء. وعلى الرغم من هذا الارتباك الشديد، الا أننى متفائل، لأننى منذ خلع «مبارك» وثورة «25 يناير» أثق فى أن هذا الشعب مازال لديه الكثير ولن يفرط فى ثورته العظيمة.