محافظ الجيزة يشدد على توقيع غرامات على السائقين غير الملتزمين بالأجرة المحددة    رانيا المشاط تلتقي المدير الإقليمي للبنك الدولي لبحث استعدادات المشاركة باجتماعات البنك السنوية    بالرابط... كل ما تريد معرفته عن برنامج تكافل وكرامة    إعلام عبرى: تأهب لتأمين قادة الاحتلال الإسرائيلى عقب استهداف منزل نتنياهو    الشرطة اليابانية: اعتقال شخص ألقى قنابل حارقة على مقر الحزب الحاكم    تذكرتى تعلن طرح بطاقة Fan ID للموسم الجديد 2024 - 2025    مدرب بيراميدز: جئنا للمنافسة على لقب السوبر.. وكأس مصر البداية    وصول وزير الرياضة ووفد كاف ومجلس اتحاد الكرة إلى ملعب بطولة أفريقيا للكرة الشاطئية    السيطرة على حريق داخل محطة تبريد لحفظ المواد الغذائية بصحراوى البحيرة    مصرع سيدة ونجلها وإصابة الزوج إثر انقلاب سيارة بترعة فى طنطا    حبس عاطلين بتهمة سرقة هواتف المحمول باستخدام دراجة نارية    البوسترات الفردية لأبطال "6 شهور" لنور النبوي قبل عرضه الأربعاء على watch it    على الحجار خلال بروفته مع المايسترو أحمد فرج استعدادًا لحفل مهرجان الموسيقى العربية    خطوبة منة عدلي القيعى ويوسف حشيش بحضور نجوم الفن.. صور    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى نبروه المركزى    محافظ أسيوط يتفقد المجلس الطبى العام ومستشفى الصدر للاطمئنان على سير الخدمات    وزير الكهرباء يكشف عن أسباب سرقات التيار وإهدار ملايين الجنيهات    وزير الأوقاف يشارك في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد نيابة عن الرئيس السيسي    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    جامعة دمنهور تعقد أولى الجلسات التعريفية حول سوق الصناعات الغذائية (صور)    سفير تركيا بالقاهرة يعلن عن 25 ألف فرصة عمل مرتقبة بالعاصمة الإدارية    مصرع مزارع دهسًا أسفل عجلات جرار زراعي في قنا    رفع الإشغالات بمنطقة السيد البدوى بطنطا بعد انتهاء الاحتفالات    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    أمين عام حماة الوطن: انتصار أكتوبر المجيد يجسد عزيمة الشعب المصري    «كلب» على قمة الهرم.. رحلة الصعود والهبوط تبهر العالم    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    مدبولي: الحكومة طورت 60 محطة صرف صحي لتحويها لصرف ثنائي وثلاثي    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية في القاهرة    6 غيابات تضرب يوفنتوس أمام لاتسيو.. وعودة فاجيولي وويا    بيولي: حققنا الأهم أمام الشباب.. ولا نملك الوقت للراحة    رئيس مياه المنيا يتفقد محطتي مياه بني مزار الجديدة والعدوة الجديدة لمتابعة حسن سير العمل    مدبولي: القطاع الصحي ركيزة رئيسية ضمن خطط تطوير الدولة المصرية    الرئيس السيسي لوفد النواب الأمريكي: يجب وضع حد للحرب في غزة ولبنان    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    محافظ السويس يشارك أبطال أفريقيا و100متسابق في ماراثون الدراجات بالكورنيش الجديد    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    اليوم.. منتخب مصر يخوض أولى مبارياته أمام غانا في بطولة كأس أمم إفريقيا للكرة الشاطئية    يد الأهلي يواجه فلاورز البنيني في نهائي بطولة إفريقيا    5 لاعبين أمام المحاكم.. ضرب إمام عاشور وسحر مؤمن زكريا الأبرز    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    حزب الله يستهدف تجمعًا كبيرًا من جنود الاحتلال    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    وزير الخارجية: أخبار سارة قريبا بشأن التواجد السعودي الاستثماري في مصر    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. وأخيراً وجد د. العوا نفسه!
نشر في الوفد يوم 09 - 06 - 2012

في خريف عام 1951، وقف زعيم الوفد العظيم، مصطفي النحاس، في البرلمان قائلاً: «من أجل مصر، وقعت معاهدة 1936، ومن أجل مصر، أطالبكم اليوم بإلغائها».. وكانت تلك قنبلة وطنية مدوية، حيث كان إلغاء المعاهدة مطلبا شعبيا بامتياز.. وكان أحمد حسين، زعيم مصر الفتاة، دائم الهجوم الضاري، في جريدته، علي الزعيم الوفدي، فلما أعلن الزعيم إلغاء المعاهدة، كتب أحمد حسين مقالا ما زلت أذكره، عَنْونه ب «وأخيرا وجد النحاس نفسه»! تقديرا للفعل .
ولا أدري كيف تم استدعاء هذا بسرعة إلي ذاكرتي، حال أن عرفت نتيجة الجولة الأولي من انتخابات الرئاسة، وفيها، خرج الدكتور محمد العوا من السباق.
ومن الغريب أن هاجمني وقتها شعوران متناقضان: أولهما حزن عميق، والآخر، فرح غريب.. وجه الحزن، أنه، رغم توقعي بألا يفوز العوا بمركز متقدم ، لكني لم أتوقع أن يحصل العوا علي هذا العدد الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعكس ولو عشر قيمة الرجل وقدره.
أما وجه الفرح، فيفسره أن أروي للقارئ العزيز، أن الظروف قد ساقتني في طريق العوا، في بداية تفكيره في الترشح للرئاسة، حيث تزاملنا في مناقشة رسالة دكتوراه في تربية طنطا، ولما تأخر علينا الدكتور، وسألت عنه قيل إن طلاب كلية الآداب ما أن عرفوا بوجوده، حتي نظموا لقاء حضرته أعداد غفيرة من طلاب الكلية وكليات أخري، ولما تقابلنا قال العوا إن جماهير الطلاب طالبته بالترشح للرئاسة سائلاً رأيي.
كان رد فعلي المباشر، أن قلت له ما عرفت أن غيري قاله له فيما بعد، بل وسُئل في ذلك، عبر لقاءات تليفزيونية.. ألا وهو أن العوا مفكر من العيار الثقيل، تطرح عليه أي قضية، في أي وقت، وفي أي ظروف، فإذا به كالشلال الهادر، بغير سابق إعداد، ولا تردد، لتنظيم الأفكار، وتجري النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، والشواهد الفقهية علي لسانه بسرعة غريبة، وكأن هناك أزرارا خفية، ما أن يقترب من فكرة، حتي تستدعي له علي الفور هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وتلك الشواهد الفقهية، في إطار يحكمه الاتساق العقلي، والتسلسل المنطقي، والترابط الفكري، وهو ما يستغرق فيه أمثالنا وقتا طويلاً في إعداد الكلمة التي نُدعي إلي إلقائها في أي مناسبة، مما يدفعني - بصراحة شديدة - أن أشعر بقدر من الغيرة من هذا الرجل الذي يصعب، إن لم يستحل، مجاراته في هذا.
كان لنا منطقنا، وهو أن عالم الفكر يختلف كثيرا عن عالم السياسة، وإذا أردنا تشبيها إنشائيا لقلنا أن الأول عالم ورود ورياحين، والثاني عالم أوحال ومطبات.
وكان منطقه أن هذا أدعي له للتقدم حتي يفيد عالم السياسة بقدر من التفكر والتعقل والحكمة الضابطة لحركتها.
وكانت المعركة الانتخابية نفسها تطبيقا صريحا لمنطق محبيه وعشاقه، ومنطقه الذي آمله وتصوره.
لقد كان - حسب طبيعته - عفيف اللسان، صادق الوعد، مستقيم الطريق، نظيف اليد، وصدق عزيزي القارئ أن أصدمه عندما أقول له، وأن هذا ما كان سببا قويا في ألا يحظي بما أملنا من أصوات، لأن المعارك الانتخابية، وهي صورة من صور العمل السياسي، أحيانا ما تتطلب طول اللسان، واللف والدوران، وربما لا يكون هناك مانع من طول اليد أحيانا، إذا ما توافر الغطاء القانوني أو الشكلي.
كانت وعوده، في حدود الممكن، وقياسا إلي قدراته الشخصية، وكانت تبدو لديه صور حسن الظن، والكياسة والقدرة علي الجدل..
وهذا نفسه ما لا يجري تداوله في عالم السياسة...
كان يبرز إيمانه بجدوي وضروة الاتفاقات والتفاهمات، في عالم سياسة يقوم علي الصفقات، وقد يرادف كثيرون بين الاتفاقات والصفقات، بينما أري بينهما فرقا دقيقا، قد يطول شرحه هنا، ويكفي الإشارة إلي أن الصفقة يحكمها منطق «الغاية تبرر الوسيلة»، بينما الاتفاق يكشف عن تقدير كل طرف لظروف ومطالب الآخر.
كان العوا عندما يتحدث، أتصور أن المجتمعين لسماعه، هم صفوة فكر، ونخبة رأي، بينما بعض من خاضوا الانتخابات أو استُبعدوا، يضعون نصب أعينهم دغدغة المشاعر، ومخاطبة العواطف، بغض النظر عما يكون من غياب المنطق.
وتستحضر ذاكرتي الآن نموذجين، نموذج مترشح تم استبعاده، وكيف كانت هناك ملايين تتبعه مسحورة بأحاديثه التي لو حللت منطقيا لتطايرت من ورائه هذه الجموع الحاشدة، ومرشح آخر حالي، لو ترك لحاله هو لتواري وراء جدران بيته، بدلا من الاحتماء وراء صناديق أموال المفسدين، والمخربين ومن لا يريدون لمصر تقدماً.
وفقاً لبورصة الانتخابات، يتراجع مفكر عظيم مثل العوا، ويتقدم غيره ممن لا يساوون معشار ما يحصلون عليه لو دخلوا بورصة الوطنية والمنطق والأخلاق.
لقد كسب العوا نفسه، بالخروج من المستنقع السياسي الحالي، وكسبناه نحن، وكسبته مصر والوطن العربي مفكرا وطنيا مسلما وسطيا، مُنَوّرا لملايين العقلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.