خطاب عظيم فيه من السياسة النصيب الأكبر ألقاه المستشار أحمد رفعت فى بداية جلسة النطق بالحكم تناول فيه خطايا النظام السابق وجرائمه فى حق الشعب وأوجه إفساد الحياة لعموم المصريين إلى حد شرب المياه الملوثة بالمجارى و إهدار الحقوق و إغلاق أبواب الأمل. وارتفع سقف توقعات الجميع بأحكام رادعة للجناة الذين استباحوا دماء الشباب و ثروات الأمة و باعوا الوطن للعدو بثمن بخس. وتطلع المواطنون إلى شفتى القاضى لتنطق بعنوان الحقيقة، فإذا الحقيقة ضاعت ، و البراءات تتوالى كالطعنات فى صدور أمهات الشهداء وقلوب الشرفاء. وطبيعى جداً أن ينفجر الغضب.. غضب الجميع من هذه الأحكام. داخل المحكمة وخارجها، فى شوارع مصر وميادينها. أين العدل؟ أين القصاص؟ وكان القاضى قد استبق كل ردود الفعل بإعلان أن أدلة الثبوت غائبة، وأن القضية جاءته بشهود، ليسوا بشهود ، وبأوراق لا تحاصر مذنباً ولا تسجن مجرماً. من المسئول؟ أشارت الأصابع إلى النيابة العامة ، وبالتحديد إلى النائب العام فهو الذى أحال القضية بغير أدلة كافية، وحوّل المحاكمة إلى مضيعة للوقت، أو إلى ملهاة يتسلى بها الصحفيون، وليست جلسات حساب وعقاب وقصاص. ويقال إن هناك من عبثوا بالأدلة ومن أعدموا الأدلة، وإن الأجهزة الحكومية وبالأخص الأمنية وعلى رأسها جهاز أمن الدولة قد تعمدت إتلاف أو تدمير الأدلة... والنهاية؟ النهاية أن الشعب غاضب، ويصب غضبه على الجميع.. والفوضى فى الشارع و فى الاعلام و فى حوارات مدّعى العلم بالفضائيات . ومع كل هذا... و مع كل هذه التهديدات التى تحيط بالوطن يبقى النائب العام صامتاً، لا يتدخّل، ولا يتكلّم، ولا يوضّح مع أنه هو محامى الشعب وبكلمته يلوذ الشعب من الظلم والضياع. وإذا كان النائب العام يريد أن يحافظ على هيبة القضاء، وعلى استقلال القضاء، ويرفض التطاول عليه، كما يرفض إقحامه فى مجادلات ومهاترات، إذا كان هذا هو موقفه، فلابد أن عليه مسئولية. ومسئوليته تتخطى حدود الطعن على أحكام البراءة، وهو ما فعله فى التو واللحظة. أعتقد أن النائب العام يستطيع أن يفعل الكثير ليستمر كما عودنا هو الملاذ، وهو حائط الصد فى مواجهة الاجرام ، وهو المدافع عن حق الشعب فى أن يقتص من المجرمين . ماذا يفعل؟ أولاً يتحرك باتجاه استكمال التحقيقات ، وبذل جهد إضافى لجمع الأدلة وترتيب المستندات، عليه أن يسعى كل السعى لنشر العدل والإمساك بالجناة. أنا لست متخصصاً فى القانون، ولكن الشعب، وأنا أحد أفراده، يريد القصاص، ومن المؤكد أن القاضى كان بوسعه أن يواجه مشكلة نقص الأدلة بوسائل قانونية أتاحها له القانون وتمكنه من استكمال الأدلة.. والوقت عموماً لم يفت بعد.. فمازلنا نستطيع ذلك فى مرحلة الطعن. ثانياً يستطيع النائب العام اتخاذ إجراءات الإمساك بمن يشتبه فى أنهم أعدموا الأدلة أو أتلفوها، ومهما كانوا محترفين فى الإجرام فقد تعلمنا أنه ليست هناك جريمة كاملة. ولا يجوز أن نسكت على إفلاتهم من العقاب، وصحيح أن رئيس جهاز أمن الدولة مقدم للمحاكمة بهذه الاتهامات و لكنه أبداً لم يكن وحده. كذلك قالت النيابة وقال القاضى إن بعض أجهزة الدولة لم تتعاون معهم فى تجميع أطراف القضايا وأدلتها... فلماذا نسكت على ذلك؟. سيادة النائب العام.. أنت محامى الشعب، ولا نريد أبداً أن تهتز ثقة الشعب بك... نريدك أن تبقى أنت الملاذ . آخر سطر أروح لمين.. وأقول يا مين ؟ بقلم: د. صديق عفيفى