محافظ الغربية يشدد على رؤساء المراكز والمدن بالعمل الدؤوب لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين    رئيس مركز الفرافرة يتفقد أعمال إنشاء وتطوير الجزيرة الواسطى    تحقيق إسرائيلي: الدرون التي استهدفت منزل نتنياهو يصعب رصدها واعتراضها    أوكرانيا تنشر فيديو يزعم انضمام جنود كوريين شماليين إلى القوات الروسية في أوكرانيا    ملخص وأهداف مباراة توتنهام ضد وست هام في الدوري الإنجليزي    أكسيوس: وزير الخارجية الأمريكي يزور إسرائيل «الثلاثاء»    دبلوماسية أمريكية سابقة: استهداف منزل «نتنياهو» رسالة من حزب الله لإسرائيل    بمشاركة 11 دولة عربية.. مصر تحتضن المسابقة الإقليمية الأولى لمدارس الأبطال الموحدة للأولمبياد الخاص    بنزيما يقود هجوم الاتحاد لمواجهة القادسية بالدوري السعودي    مصرع سائق وإصابة آخر دهستهما سيارة تريلا بطريق أوتوستراد المعادي    بسبب وجبة فاسدة.. إصابة 12 شخصا من أسرة واحدة بحالات تسمم بأطفيح    بعد واقعة الأهرامات.. مراد مكرم: كلابنا البلدي بتعمل عظمة    خبير: لقاء الرئيس السيسى مع أعضاء مجلسى الكونجرس يوحد المواقف الإقليمية    جيش الاحتلال: مقتل جنديين وإصابة ضابطين بجروح خطيرة في معارك بشمال قطاع غزة    أمين «البحوث الإسلامية»: شرف العمل الدعوي يتطلب الإخلاص    تقديم 125 مليون خدمة طبية بحملة 100 يوم صحة حتى الآن    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    "الستات مايعرفوش يكدبوا" يرصد مواصلة حياة كريمة تقديم خدماتها للعام الخامس    عباد الشمس تزين صحراء جنوب سيناء.. نجاح زراعة مستدامة في قرية الوادي    استعدوا لتقلبات حادة في الطقس.. أمطار تضرب هذه المناطق خلال ساعات وتحذيرات عاجلة    كأنهم نجوم تتلألأ.. مسيرة 270 حافظًا للقرآن تسحر أنظار أهالي المنيا -فيديو وصور    أستاذ حديث بجامعة الأزهر: صحيح البخاري يمثل الركن الأول من السنة النبوية    رمضان عبد المعز: أعظم نعمة من ربنا على الإنسان الإيمان ثم العافية    المؤبد و المشدد 15 سنة لشخصين تاجرا في المواد المخدرة بالخانكة    وزير الكهرباء: من طلبوا تركيب العداد الكودي قبل شهر أغسطس ليسوا مخالفين    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    وزير الشباب يضع حجر الأساس للمدرسة الرياضية الدولية بالمركز الدولي للتنمية بالغردقة    مدبولي: استثمارات العام المقبل موجهة ل«حياة كريمة»    حكم قضائي جديد ضد "سائق أوبر" في قضية "فتاة التجمع"    من أرض الفنون.. النغم يتكلم عربي    رقم قياسي جديد.. 100 ألف شخص يحضرون حفلة تامر حسنى بالإسكندرية    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    تصريحات مثيرة من مدرب بيراميدز قبل مباراة الزمالك بالسوبر المصري    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    وزير الكهرباء: بدء تشغيل محطة الضبعة عام 2029    "صناع الخير" تدعم صحة أطفال مدارس زفتى في حملة "إيد واحدة لمصر"    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    شرطة طوكيو: هجوم بالقنابل يستهدف مقر الحزب الحاكم في اليابان واعتقال مشتبه به    فعاليات فنية عن تاريخ مصر الفرعوني والثقافي ببوليفيا    رئيس حي بولاق أبو العلا: تقديم كل التسهيلات للراغبين في التصالح على مخالفات البناء    بيولي: حققنا الأهم أمام الشباب.. ولا نملك الوقت للراحة    جهاز العاشر من رمضان يطرح قطعة أرض ومحطة تموين سيارات في مزاد علني    مدبولي: تطوير مستشفيات المنيا قبل الانضمام لمنظومة التأمين الصحي الشامل    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    بقصد الاستثمار بالبورصة.. التحقيق مع موظف بالنصب على مواطن في الشيخ زايد    تعرف على قيمة الجوائز المالية لبطولة كأس السوبر المصري للأبطال    «الداخلية»: ضبط تشكيل عصابي تخصص في تقليد العملات وترويجها    تطورات جديدة بشأن مستقبل جافي مع برشلونة    لأول مرة.. فيرجسون يكشف سر رحيله عن مانشستر يونايتد    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    مات بطل| تعليق الإعلامي عمرو أديب على مشهد نهاية السنوار    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    جميل عفيفي: تطابق وجهات النظر المصرية والسعودية في كل قضايا المنطقة    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمن الدولة ... أم خراب الدولة
نشر في الوفد يوم 06 - 03 - 2011

يا الله .. يامنجى يا الله، يا لطيف بالعباد، ما هذا الكم من الفساد، من رءوس هرم النظام إلى القاع، ترى كم تبقى شريفا فى مصرنا مع هذا الزخم من الأوغاد، كنا نعلم جميعا بوجود فساد، ولكن أكاد أقسم أنا وغيرى كثيرون أننا لم نكن ندرك أن الفساد بهذا الحجم اللامعقول، وأنه تغلغل فى الثنايا وحتى النخاع ، إن الفساد صار الأساس والقاعدة، وأن الشرف هو الاستثناء .
كنا نعلم ما يدور دخل جدران الأبنية العتيقة لأمن الدولة فى القاهرة وبمدن المحروسة، كنا نعلم بالكيف لا الكم، نعلم بوجود سجون سرية وسراديب لتعذيب من يرفع وجهه فى السماء ويعترف بوجود الله، لتعذيب من سجد وأخضع جباهه للخالق دون العباد، كنا نعلم أنه فى كل مصلحة حكومية أو مؤسسة عمل مجندين من الجهاز، ينقلون الأخبار إليه ويلفقون الملفات، حتى المؤسسات الإعلامية لم تسلم من هؤلاء العملاء، كنا نعرف بعضهم بالأسماء، ونعرف سر ترقياتهم الغامضة على أكتاف من هم أحق وأكفأ وأفضل خبرة، ولكننا لم نعلم بكل هذا الكم، فقد كان التعتيم الإعلامى يحيط جنبات الأبنية وما يدور خلالها، وكان من يدخلها ويخرج منها حيا، يخشى التفوه وكشف ما تعرض له إلا بعضهم القليل، خشية أن يعودوا مرة أخرى بداخلها ولا يخرجوا أبدا للنور، انتقاما منهم لفضح الحقائق التى تجرى بالجحور، وكانت صحف المعارضة القليلة الشريفة، هى التى تجرؤ فقط وتنشر ما يصل إليها من فضائح أمن الدولة، وما يتعرض له أصحاب الفكر والرأى وحتى من يؤدون فقط الصلاة بانتظام .
ونظرا للتعتيم، وخوف المواطنين، بقيت معظم جرائم أمن الدولة طى الكتمان، ومنحتهم السرية والتعتيم مزيدا من الجرأة للعمل فى الظلام، وأصبح هذا الجهاز عاملا مساعدا فى خراب الدولة، خرابها على طريقته، بإهدار كرامة و قتل انتماءهم وحبهم لمصر، بمحاولة تحويلهم إلى مجرد فئران خائفة مذعورة، تسير تحت الجدار، لا تلتفت يمينا ولا يسارا خوفا من المصيدة، ولكن رغم ذلك لم يخضع آلاف من شعب مصر للتخويف والتهديد والقهر والتعذيب، وخرج كثيرون من مقار أمن الدولة لقول آراءهم مجددا بلا خوف، ولإداء شعائر الله ورفع كلمته عالية، وليرفعوا رءوسهم فى وجه الظلم والاستعباد .
لقد ساهم جهاز أمن الدولة فى خراب الدولة، باستقطاع ملايين من الأموال، كنسبة لهم من الوزارات والهيئات فى صورة رواتب ومنح يملأون بها جيوبهم من حرام، ضمانا للفوز بحمايتهم، وعدم إضرارهم بهذه المصالح والوزارات، ولتقديم تقارير طيبة حول الذمم والأداء للعاملين بهذه الجهات إلى أولى الأمر، وأصبحت الوظائف المرموقة والأعمال والمشروعات الاستثمارية وغير الاستثمارية، لا تمر من تحت أنوفهم مرور الكرام، إلا بعد قبض الثمن، لمنحها تقرير " إيجابى " والسماح بها، وما كشفه الشعب على مدى الأيام الماضية من فضائح بعض ولا أقول كل العاملين فى جهاز أمن الدولة باقتحام المقار والحصول على بعض المستندات والوثائق، يبدو أنه قليل من كثير، بعد أن نجح ضباط أمن الدولة والقيادات فى إحراق وإتلاف أطنان من الملفات، وما أتلفوها إلا لأنها تدينهم فى زمن ثورة قامت لتطهر مصر من الفساد .
لقد اعتقد زبانية أمن الدولة أنهم خالدون، باقون ليوم الدين، لن يموتوا أو حتى تخمد جذوتهم وتذهب قوتهم مع الزمن بالمشيب، أو حتى بالرحيل فى عصر قادم بالتغيير، فتربعوا على أنفاس الشعب بالحديد والنار، تحولوا إلى دراكولا، يخيف الشعب بأشباح الرعب إذا ما حل الظلام، وينشبون أنيابهم فى دمائه إذا ما وقع فريستهم، وبين هذا وذاك، يسلبون أموال الشعب بالباطل لتطول قامتهم ويتسع ثراءهم على حساب الأبرياء .
هذا الجهاز أحد صنائع النظام البائد الذى أسقطته ثورة 25 يناير، حلقة فى سلسلة العذاب التى عانى منها الشعب الطيب على مر 3 عقود، رغم أن هذا الجهاز له تاريخ أيضا لم يتسم أبدا بالطهارة ولا النقاء، فقد عرفته مصر عام 1913 فى عهد الاستعمار الإنجليزى لمصر، وأنشئ فى حينه تحت اسم " القسم المخصوص "، وكانت مهمته ملاحقة الشباب الوطنى المناهض للاحتلال، وبقى هذا القسم المخصوص مع تغيير ببعض مهامه بعد توقيع معاهدة 1936، وأصبحت تبعيته تابعة للقصر الملكى بمصر، يتلقى أوامره من القصر للتأمين والحماية من أى مؤامرات تحاك ضده .
ولم ينفرط عقد هذا الجهاز مع ثورة يوليو 52، فقط تغير اسمه وأصبح المباحث العامة"وتم تكريس جهده لحماية رءوس الثورة الذين انفردوا بالسلطة، وتصفية المعارضين والخصوم، بما فيهم نفر من أبناء الثورة أنفسهم، وحين جاء السادات قام بتغيير اسم هذا الجهاز إلى " مباحث أمن الدولة " ثم أخيرا إلى جهاز أمن الدولة، وظلت أيضا أعماله تدور على ذات المحور، لحماية النظام، والانتقام من المعارضين والخصوم، بجانب دور ملاحقة الجواسيس والعناصر المندسة على مصر .
وأخيرا أصبح اسمه جهاز أمن الدورة، ولم يتغير دوره المتوارث فى ملاحقة معارضى النظام والقضاء عليهم .
لقد فقد جهاز أمن الدولة منذ البداية مشروعيته، فكلمة أمن دولة معنى بها حماية هذا الجهاز للدولة، والدولة بمفهومها السياسى المتعارف عليه تعنى ثلاثة عناصر الحكومة والشعب والإقليم أو الأرض، أى أن هذا الجهاز مفترض وجوده لحماية العناصر الثلاثة المكونة للدولة، وانقطاع مهامه لحماية عنصر واحد فقط وهى الحكومة، يفقده المعنى الحقيقة لوجوده والشرعية، فلا يمكن لأحد قول إن هذا الجهاز قام بعمل ما لحماية العنصر الأهم والأقوى والأبقى وهو الشعب، بل على النقيض عمل جاهدا للقضاء على حرية وأمن وفكر هذا الشعب .
المطلوب الآن، محاكمة العناصر الفاسدة من جهاز أمن الدولة، والإبقاء على العناصر الشريفة، وأن تتم إعادة هيكلة هذا الجهاز، وإعادة النظر فى مهامه، أن يتم الاستغناء عن اسمه الحالى لأنه بات يرتبط فى أذهان الشعب بالمآسى والمهانة والجبروت، شأنه شأن اسم الحزب الوطنى، علينا أن نطلق عليه أى اسم آخر كالأمن المصرى العام، أو أمن الشعب أو أمن مصر، لا يهم الأسماء، المهم الأداء، أن يكرس هذا الجهاز مهامه لحماية مصر من الدسائس الخارجية، من الجواسيس والدخلاء والمتآمرين الذين يستهدفون البلاد فى المقام الأول، وألا يعود دورهم لاستهداف أبناء مصر الشرفاء، لمنع عباد الله من الصلاة أو حضور دروس الدين، أو منع النشطاء السياسيين من الترشح فى اتحادات الطلاب أو من الوظائف، أو تلفيق القضايا والتهم للمعارضين .
أن تكون هناك رقابة أمينة محايدة على اداء هذا الجهاز، رقابة لا تتردد فى الكشف أولا بأول عن أى تجاوزات أو ممارسات مرفوضة لعناصر هذا الجهاز، ولا يستبعد أن يكون هناك إشراف من وزارة العدل، أو إشراف قضائى .
مطلوب أن يتنفس هذا الشعب هواء حرا نقيا باختفاء الوجه القديم لهذا الجهاز، وأطالب أيضا بأن يتم تغيير أماكنه وبناياته التى باتت الآن كخارطة عذاب محفورة فى عقول وقلوب الشعب المصرى، وأن تتحول مقاره الحالية إلى مؤسسات وشركات، وألا تتضمن بناياته الجديدة أى سجون سرية أو سراديب، على أن تخضع هذه البنايات لتفتيش مفاجئ من النيابة ومن المستشارية القضائية، وألا يحق لهذا الجهاز احتجاز أى متهم دون عرضه على النيابة فى غضون ساعات، المطلوب أن يغسل العاملون بهذا الجهاز ممن لم يقعوا فى براثن الفساد وجوههم بماء الثورة، استعدادا لمرحلة شريفة نظيفة، لا تلوث فيها أيديهم وضمائرهم بدماء الشعب أو غضبه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.