خاض الوفد معارك ضارية في سبيل الديمقراطية مع القصر، الملك ورجاله وحاشيته، الملك فؤاد والملك فاروق من بعده لأنه لم يكن من السهل أن يتصور الملك فؤاد عام 1924 عندما عمل بالدستور أن الأمة مصدر السلطات كما تنص علي ذلك المادة 23 من الدستور. لم يكن يتصور الملك فؤاد أنه ملك يملك ولا يحكم وأن الحقوق التي اعطاها له الدستور محدودة ولم يكن من السهل علي الملك فؤاد أن يقتنع بها. لقد تعود أن يحكم وأن يتسلط وأن يجد وزراء يطيعونه ورؤساء حكومات يخضعون لأوامره، فوجئ بموقف سعد زغلول وعارضه سعد وبدأت الازمات بينهم وقامت بينهم أزمة عنيفة وهو رئيس حكومة وانتصر الشعب لسعد وذهبت المظاهرات إلي ميدان عابدين والملك فؤاد مجتمع بسعد والمظاهرات تهتف سعد أو الثورة. أراد سعد أن يسمع الملك هذا الهتاف فتظاهر أن نفسه يضيق فاستأذن الملك في فتح النافذة فكان رد الملك مافيش داعي يا باشا فأنا سامع. أخيرا اتفق الملك مع سعد علي تحكيم النائب العام المختلط وكان من علماء القانون الدستوري في بلجيكا فيمن له الحق في حكم مصر «الملك أم الشعب ممثلاً في حكومته وفي برلمانه». من الذي يملك تعيين الموظفين ومنح الرتب والنياشين وتعيين الشيوخ؟ من الذي يهيمن علي الحكم؟.. الملك أم الحكومة؟ وحكم النائب العام لمصلحة سعد زغلول. وتكرر نفس الخلاف حول نفس المسائل وحول ذات الحقوق بين الملك فؤاد أيضا ومصطفي النحاس في حكومة 1930 واشتد الخلاف وانتقل إلي قائمة مجلس النواب ونصر النواب مصطفي النحاس. ووقف الكاتب العظيم عباس العقاد وهو نائب عن الوفد، وقف في قاعة مجلس النواب ليعلن بأننا علي استعداد أن نحطم أكبر رأس في الدولة ولم يقل أحد للعقاد ماذا تقول ولم يتخذ ضده إجراء ولم يسأله أحد ولم يشهر به أحد ولم يفصل من وظيفته أو البرلمان. وفي عام 1930 ألغي اسماعيل صدقي الدستور عندما كان رئيسا للحكومة وكافح النحاس كفاحا مريرا ونزل إلي المدن الكبري يخطب وتعرض النحاس للاغتيال. وبعد نضال شعبي قوي عاد دستور 1923 ونتيجة لهذا الكفاح تم تصحيح الوضع الدستوري وأصبح الدستور ملكاً للشعب وانتزع بكفاح الأمة وأصبح لا يملك تغييره أو تعديله إلا الشعب. وفي عام 1937 حدثت نفس الازمة وكان الملك فاروق لم يمض علي توليه السلطة شهور ولكن بطانة السوء ومستشاري السوء من رجال القصر أفسدوه وأوهموه بأن الوفد يريد السيطرة عليه ويريد السطو علي حقوقه. اشتدت الازمة ولكن صمم النحاس علي تحدي الملك ولم تفزعه الازمات السابقة ووقف صامداً يدافع عن الدستور وعن حقوق الشعب مضحيا بالحكم وكل شيء. نشر الوفد علي الشعب أسباب الخلاف وهي تعطيل وعدم توقيع الملك المراسيم ومشروعات القوانين مما يعطل اعمال الحكومة رغبة من الملك الملحة في التدخل في تعيين الموظفين وفي فصلهم وتدخله في تعيين الشيوخ وموظفي القصر وحق منح الرتب والنياشين نفس المسائل منذ عام 1924. اقترح القصر التحكيم مرة اخري ولكن بطريقة جديدة وقبل مصطفي النحاس التحكيم واقترح القصر هيئة معينة وأسماء معينة ورفضها النحاس لأن اعضاءها جميعا ممن شاركوا في الانقلابات الدستورية السابقة وممن شاركوا في تعطيل دستور 1923. قال النحاس إنه يقبل التحكيم ولكن ليس عن طريق هؤلاء وانما نترك الامر إلي لجنة الشئون الدستورية في مجلس النواب ويضم إليها زعيم المعارضة حينذاك المغفور له محمد محمود باشا زعيم حزب الاحرار الدستوريين وطبعا رفض القصر هذا التشكيل لانه يعلم تماما نتيجة هذا التحكيم فلم يكن أمام القصر إلا أن يقبل وزارة الوفد مرة اخري. وعاد الوفد بزعامة فؤاد باشا سراج الدين وكانت معركته الاساسية من أول يوم هي الدستور.. لأن دستور العسكر لا يحفظ حق الشعب وحريته ويعطي صلاحيات لرئيس الدولة العسكري الذي أضر بمصر منذ عام 1952 حتي يومنا هذا فتاه الشعب المصري وضاعت الأرض الزراعية وتخلف التعليم وتدهورت الخدمات الصحية واستولت قوات العسكر وشرطتها علي مقدرات المواطن المصري حتي قامت ثورة 25 يناير ومازلنا نناضل من أجل نجاح الثورة ومن هنا أرفع صوتي مدويا أن الثورة مستمرة حتي تتطهر مصر من الاذناب واللصوص وسارقي الوطن ولن نتنازل عن الحكم المدني.