تاريخ آخر تحديث: الاربعاء , 30 نوفمير -0001 02:00 الزيارات: 17 العباسية هي المنطقة التي أقام فيها والي مصر عباس حلمي الأول قصره الشهير، الذي أصبح بعد ذلك القصر الاصفر ذا ال 500 نافذة والذي تحول بعد ذلك إلي مستشفي الأمراض العقلية.. وقد اختار عباس هذه المنطقة ليبني قصره إذ كان يعاني مرضاً صدرياً ونصحه الاطباء بالتريض في هذه المنطقة الجافة، فكان ينزل إليها من القلعة كل يوم ليتريض ويتمشي فيها مترجلاً أو فوق جواده، ونصح أمراء الاسرة العلوية أن يبنوا فيها بيوتهم، بدلاً من أن ينفقوا أموالهم علي المجون، هكذا قال في بيان للامراء.. وهكذا نشأ حي العباسية.. التي نسبت كل المنطقة إلي أول من عمرها فحمل الحي كله اسمه.. تماما كما حمل واحد من اشهر شوارعها، اسم نفس الوالي.. وان كان أول شارع حمل اسم عباس هو الذي يبدأ من العباسية ويتجه إلي النيل، حيث شارع رمسيس الآن.. ولكن العباسية كان لها شأن آخر.. إذ فيها كان يستعد «المحمل» الذي يحمل كسوة الكعبة المشرفة ومعه في طابور طويل ما كانت مصر تجود به وترسله إلي الحجاز، إلي أرض الحرمين الشرفين.. وكان «المحمل» الذي يقوده أمير الحج المصري يبدأ تحركه من ميدان «الرميلة» تحت قلعة صلاح الدين أمام مسجد السلطان حسن ثم يستعرض حاكم مصر: خليفة «أيام الفاطميين» إلي سلطان أيام الايوبيين ثم سلاطين الدولتين المملوكتين البحرية والبرجية.. إلي أن اصبحت مصر ولاية عثمانية إلي أول ستينيات القرن الماضي.. ثم كان المحمل الشريف بالهودج حامل الكسوة الشريفة يطوف بشوارع القاهرة المشهورة أيامها من باب الوزير فباب زويلة إلي باب النصر.. إلي صحراء الريدانية، أي العباسية حيث بركة الحج هناك ويبيت ليلة هناك لينطلق في الصباح الباكر إلي الارض الحجازية.. والعباسية هذه هي الريدانية قديماً.. وكم شهدت الريدانية عصر العظمة المصرية عندما كان الجيش المصري يخرج غازياً فاتحاً أو للدفاع عن البلاد، كان الجيش يستعرض السلطان تحت القلعة من أمام باب العزب أمام السلطان حسن ثم يخرج في مهرجان عظيم يودعه الشعب بكل اجلال وتعظيم.. وكانت المرة الأخيرة التي حدث فيها ذلك الموكب هو يوم الاثنين 10 ربيع الثاني عام 922ه.. إذ كان السلطان العثماني سليم الأول يهدد مصر فأراد سلطان مصر قانصوه الغوري ان يستبق الاحداث فاستعد بجيشه لينطلق به إلي شمال الشام ليقابل الجيش العثماني بمجرد أن يهبط من جبال طوروس.. المهم أن الجيش المصري خرج من ميدان القلعة «الآن» في هذا اليوم من باب الوزير إلي باب زولية إلي باب النصر «حيث تعودت جيوش مصر أن تخرج للحرب» ثم إلي الريدانية استعداداً لقدوم السلطان الغوري ليكون في مقدمة هذه الجيوش. وفي يوم السبت 15 ربيع الثاني 922 ه خرج السلطان نحو الريدانية بعد أن عين ابن أخيه «طومان باي» نائب غيبة يحكم البلاد نيابة عنه أثناء غيابه.. ووقعت معركة مرج رابق يوم الأحد 25 رجب 922 ه وكاد الجيش المصري ينتصر في بداية المعركة ثم دارت المعركة ونجح الجيشي العثماني بسبب خيانة خاير بك وجان بردي الغزالي وكانا يقودان جيش الميمنة والميسرة وانضمامها للسلطان سليم.. ولما رأي قانصوه الغوري هذه الخيانة أصيب بالفالج وسقط عن جواده شهيداً ولم يعثر أحد علي جثمانه الشريف.. وفي يوم الخميس 29 ذي الحجة 922 ه وصل جيش سليم الأول العثماني إلي الجبل الأحمر.. وفي منطقة الريدانية هذه التقي الجيشان المصري بقيادة طومان باي والعثماني بقيادة سليم الاول « يناير 1517م» ودارت معركة هي أروع وأشد هولاً من موقعة مرج دابق.. ودخل سليم القاهرة في اليوم الثاني في موكب حاشد.. ولم يهدأ طومان باي يوما واحدا.. بل ظل يكافح عدة شهور إلي أن انكسر فلجأ إلي أحد شيوخ العربان هو حسن بن مرعي في تروجه بالغربية الذي خان صديقه وسلم للسلطان العثماني.. الذي قبض عليه وتم شنقه يوم الاثنين 22 ربيع الاول عام 923 ه علي باب زويلة، الذي كتب أحدهم منذ يومين يقول إنه تم اعدامه علي الخازوق وهذا غير صحيح.. وقد بكي شعب مصر سلطان طومان باي بكاءً شديداً إكباراً لشهامته وبطولته ودفاعه عن مصر وعن شعبها.. وللعلم فإن السلطان سليم عين الخائن الأول خايربك نائباً عنه في مصر وعين الخائن الثاني جان بردي الغزالي نائباً عنه في الشام. هذه هي حكاية مصر مع العباسية - الريدانية سابقاً - ما بين الصعود والهبوط.. حتي دخلت مصر - بعد معركة الريدانية هذه عالم النسيان والاحتلال 4 قرون كاملة.. فهل يريد ذلك أبطال معركة العباسية الآن؟! وبعد معركة الريدانية الاول عام 1517م تحولت مصر من دولة عظمي كانت تحكم المناطق الواسعة من ليبيا غرباً إلي نهر الفرات شرقاً ومن شمال حلب وشرقها إلي جنوب الحجاز واليمن.. تحولت مصر وكل هذه المناطق من دولة موحدة مترابطة زهاء 275 عاماً إلي دولة تابعة محتلة وتابعة لدولة الخلافة بعد ان كانت داراً للخلافة.. هل يريد أبطال معركة العباسية الثانية أن يعيدوا مصر دولة تابعة قرارها ليس في يديها.. هم فعلاً لا يريدون الخير لمصر.. بل يريدون الدمار الشامل لها ولشعبها..