توحيد الواجبات المنزلية لجميع طلاب المدارس وإتاحتها على موقع التعليم    لعدم تواجد النوبتجية.. إحالة 3 مدارس للتحقيق بالفيوم    أسعار السلع التموينية اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة المنيا    فودافون ترد على استفسارات العملاء بشأن عطل في الشبكة وسحب الرصيد    استقرار سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم 23 سبتمبر 2024    اقتحام بلدة الريحية: قوات الاحتلال تهاجم جنوب الخليل    تشكيل الزمالك المتوقع أمام الأهلي في نهائي كأس السوبر الإفريقي    هل يحسم ليفاندوفسكي صفقة بديل تير شتيجن لصالح برشلونة؟    كلب ضال يعقر 8 أشخاص في برج البرلس بكفر الشيخ    حالة الطقس اليوم: حرارة ورطوبة مع فرص للأمطار    اليوم.. أولى جلسات محاكمة الفنان عباس أبو الحسن بتهمة القتل الخطأ    إيمي سمير غانم.. القصة الكاملة لأزمتها الصحية    شعبة الأدوية توضح كيفية تحصل الأدوية الناقصة في السوق    «الصحة» تعلن حصول مستشفى القناطر الخيرية على شهادة اعتماد الجودة من «GAHAR»    موعد قرعة مجموعات دوري أبطال إفريقيا بمشاركة الأهلي وبيراميدز    ماذا قال محمد صلاح لأحمد فتحي بعد اعتزاله كرة القدم ؟    موعد مباراة الأهلي والزمالك فى السوبر الأفريقي    قريبا .. نتيجة تقليل الاغتراب للمرحلة الثالثة عبر موقع التنسيق    ما أحدث القدرات العسكرية التي كشف عنها حزب الله خلال تبادل القصف مع إسرائيل؟    المستشار الألماني يلتقي زيلينسكي وأردوغان ولولا في نيويورك    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    الخارجية الأردنية: إعادة شخصين بعد احتجازهما عقب إطلاق النار على جسر الملك حسين    320 مليون دولار إيرادات فيلم Beetlejuice Beetlejuice    هانى فرحات يختتم حفلات صيف الرياض بليلة رابح صقر    في خدمتك | الأوراق المطلوبةً للكشف الطبي على الطلاب الجدد بجامعة القاهرة    وزيرا الخارجية والتخطيط يثمنان الشراكة الاستراتيجية بين مصر والبنك الدولى    جامعة القاهرة تعلن برنامج ال 100 يوم للقوافل المشاركة في «بداية»    استشهاد 4 أطفال فلسطينيين ووالدتهم جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي    أحداث الحلقة 2 من مسلسل «تيتا زوزو».. زيارة صادمة تفاجئ إسعاد يونس    إصابة فى مقتل    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 23 سبتمبر 2024    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    أحمد سعد يعلق على سرقة مقتنياته الثمينة في حفل زفاف نجل بسمة وهبة: "المكاسب من عند الله"    مصدر حكومي ل«إكسترا نيوز»: مؤتمر صحفي لوزير الصحة في أسوان اليوم    جوميز يطيح بنجم الزمالك بعد السوبر الأفريقي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    الأخبار العاجلة وأهم الأحداث الدولية فى تغطية إخبارية لليوم السابع.. فيديو    بورصة الدواجن.. أسعار الفراخ البيضاء اليوم الاثنين 23-9-2024 في قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    ماكرون يدعو إلى إعادة التفكير في "العلاقة مع روسيا"    اليوم.. حفل توزيع جوائز مسابقة هيكل للصحافة العربية لعام 2024    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس "الحركة الوطنية".. والحزب: "كان قائدًا وطنيًا"    ثمانية أيام راحة للاعبي المصري والفريق يستأنف تدريباته في الأول من أكتوبر المقبل    نائب رئيس الوزراء يكشف حقيقة ما تم تداوله بشأن الحالات المرضية في أسوان    تكثيف البحث عن شقيق اللاعب عمرو ذكي بعد تعديه على حارس عقار بالمنصورة    المهندس عبد الصادق الشوربجى: صحافة قوية فى مواجهة التحديات    بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد في قنا بتكلفة 40 مليون جنيه    أطفال التوحد خارج مقاعد الدراسة..والأصحاء مكدسين فوق بعض بمدارس "المزور"    عرض «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    رئيس غرفة صناعة الدواء: كل الأدوية تحتاج تعديل أسعارها بعد تعويم الجنيه    ارتفاع درجات الحرارة وأمطار.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الإثنين    «البحوث الزراعية» تكشف أسباب ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس (فيديو)    القبض على شخص قاد سيارته داخل مياه البحر في دهب    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان من الغرفة إلى الميدان
نشر في الوفد يوم 29 - 04 - 2012

اتسم العمل السياسى للإخوان المسلمين بالسرية والتكتم الشديدين طوال عقود من الاضطهاد والتعذيب فى المعتقلات، تلك العاقبة التى ارتدت عليهم جرّاء ضلوع تنظيمهم العسكرى السرى فى أحداث عنف واغتيالات فى العهد الملكى، ثم نتيجة لحلمهم باقتسام السلطة مع العسكر عقب انقلاب يوليو 52. واتضح من ممارسة الإخوان لعملهم الدعوى عبر تاريخهم الطويل أنهم لا يميزون كثيراً بينه وبين المآرب والأهداف السياسية، حتى وإن اتسمت أعمالهم الدعوية والاجتماعية بالعلنية والشفافية، لكن تظل أهداف الوصول إلى السلطة أو على الأقل السيطرة على مفاتيحها متجذّرة فى أنشطة الإخوان كافة.
وبعد أن استطاع الإخوان المسلمون بناء قاعدة من الأعضاء والمنتسبين والمتعاطفين تسمح لهم بانتزاع السلطة من يد نظام مهترئ سقطت شرعيته قبل أن يسقط رأسه بسنوات، بدا وجه الإخوان القوى كحزب سياسى يختلف عن جماعات المصالح التقليدية من حيث رغبته فى الوصول إلى الحكم، فقد تحوّلت الجماعة بين عشية وضحاها إلى هذا الحزب فى عملية سريعة لكشف نقاب شفاف من فوق جسم الجماعة، وما حزب الحرية والعدالة بالكيان الوليد المنبثق عن الجماعة بل هو مكتبها السياسى وأمانتها العليا وذراعها المدنية التى تداعب بها جمهور القوى الداعية لبناء دولة مدنية حديثة.
ولكن الإخوان المسلمين يدفعون اليوم ضريبة الحجم الذى وصلوا إليه، فبعد أن اتسعت رقعة الجماعة ونطاق سيطرتها محلياً ودولياً، تلاشت إلى حد بعيد تلك الأيديولوجية السرية للتنظيم الأول، وتلاشت معها أية سمة لعقيدة التشدد وشمولية التنظير والتطبيق، فانقسم الإخوان إلى أجنحة وتيارات يغلب عليها جميعاً طابع مهادنة الدولة ومصالحة التطور بشتى صوره. فالإخوان الذين مازالت تجمعهم تقاليد الجماعة ومبادئها الراسخة ليسوا جماعة متجانسة أو حزباً شمولياً كحزب البعث أو الحزب النازى يخضع أعضاؤه لتمارين العنف والشيفونية ونبذ الآخر، بل هم يطورون مهارات برجماتية من الطراز الأول، وتقية سياسية تعلّموها فى غيابات السجون ونظّروا لها حتى اندمجت فى مراجعاتهم ومدارسهم الفكرية.
تلك الضريبة التى يدفعها الإخوان تفيض علينا نحن أنصار مدنية الدولة بوفورات خارجية كثيرة، حيث توشك مخاوفنا من تفرّد الإخوان بالحكم وإغلاق كافة منافذ المعارضة وسد شرايين الديمقراطية أن تصبح فى حكم العدم. نعم فمن المغالاة فى تقدير تطرّف المنهج الإخوانى أن نحسبه يستهدف الوصول إلى الحكم بغية العودة بالبلاد إلى عصر الناقة والمنجنيق، حيث ينعم الكثير من أعضاء الجماعة بمزايا المجتمع المدنى، ويتعاملون مع البنوك وفوائدها –فيما يبدو لنا- بغير تحرّج، ثم هاهم يعلنون عن طلب مهارات فى الغناء والاستعراض لدعم حملة مرشحهم!..إلى غير ذلك من أمثلة لدغدغة مشاعر القوى المدنية، فلو أننا استطعنا أن نأمن تطرف الإخوان من باب حرصهم على حياة لا من باب تطور وعيهم وفلسفتهم فى الحكم، فذلك أدنى ألا نرى منهم ما نخافه على أنفسنا وحرياتنا من القمع والكبت والحسبة التى يعدنا بها أصحاب الفكر الوهابى المسمى خطئاً بالدعوة السلفية.
ففى أسوأ تقدير يغيب عن حكم الإخوان رؤية شاملة أصيلة للإصلاح والنهضة المزعومة، فهم فى تقديرى يصلحون للحكم المحلى وتسيير أمور الناس اليومية بما اكتسبوا من خبرة فى ذلك المجال، لكنهم قد يسدّوا كثيراً من منافذ الفساد المالى بما يساعد على وقف نزيف ثروات البلاد حتى تنضج دعوة مدنية جديدة إما من داخل الجماعة أو من خارجها خلال بضع سنين، ولو اكتفى الإخوان بذلك فإن حكمهم لفترة انتقالية –حقيقية- ربما يكون ضرورياً للعبور من مرحلة الحكم العسكرى الطويل إلى الحكم المدنى، مع ضرورة وضوح الفارق بين المرحلة الانتقالية هذه المرة وقدرتها على امتصاص الأزمات والمرحلة "الانتقامية" التى ظل العسكر يفجرونها بالأزمات.
أما أصحاب الفكر الوهابى فإن حكموا –لا قدر الله- فإن هدفهم لن يكون تسيير الأمور كما هى أو حتى العودة إلى الوراء خطوة أو خطوتين، بل هم يريدون أن يعودوا بنا إلى الوراء زهاء ألف وخمسمائة عام، ذلك هو برنامجهم المفضّل!! وبالتالى ينبغى على الإخوان أن ينفصلوا بمشروعهم عن هؤلاء، إن هم أرادوا أن يزيلوا المخاوف وأن يقيموا دولة مدنية حديثة تتسع لتشمل كافة الأطياف.
فالليبرالية من حيث الأصل هى المنهج الأحوط، لأنها تقبل الآخر ولا تصنّف الناس على أسس العقيدة والفكر، وتسمح بمساحة للحريات الفردية ولا تطغى على الفرد بكوابح وقيود المجتمع، فإن كرهوا مصطلح "الليبرالية" وكرّهوا الناس فيه دون سبب مفهوم، فليستحضروا القاعدة الشهيرة التى طالما استشهدوا بها والتى تقول "لا مشاحة فى الاصطلاح".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.