اعلن الرئيس عمر البشير رفضه التفاوض مع جنوب السودان رغم الضغوطات الدولية خلال احتفاله مع الجيش السوداني اليوم الاثنين باستعادة منطقة هجليج النفطية المتنازع عليها من قوات جنوب السودان. واتهم جنوب السودان في هذه الاثناء الخرطوم بقصف منطقة بنتيو مجددا وايقاع قتيلين، لكن الخرطوم نفت ذلك. وقال الرئيس البشير مشيرا الى قادة حكومة جنوب السودان "لا تفاوض مع هؤلاء"، بعدما وصفهم الاسبوع الماضي ب"الحشرات". وقال "لا تفاوض معهم، نتفاوض بالبنادق والرصاص"، متجاهلا النداءات الدولية الى التهدئة والحوار. واعلنت الخرطوم الجمعة الماضية استعادة هجليج بعد ان استولى عليها في العاشر من ابريل جيش جنوب السودان الذي اكد من جهته انه انسحب منها الاحد طوعا وتدريجا نزولا عند الضغط الدولي. وبعد عشرة ايام من المعارك وجدت القوات السودانية المنشآت النفطية في حالة يرثى لها. وقال الرئيس الامريكي باراك اوباما اليوم الاثنين ان "على رئيسي السودان وجنوب السودان ان يتحليا بالشجاعة للتفاوض لان شعبي السودان وجنوب السودان يستحقان السلام". واضاف اوباما الذي كان حض مساء الجمعة الجانبين على انهاء المعارك "في دارفور وابيي وجنوب كردفان وفي ولاية النيل الازرق، ينبغي ان يتوقف قتل الابرياء". وافاد مراسل فرانس برس الذي تمكن من زيارة الموقع ان جثث جنود جنوب السودان كانت منتشرة في كل مكان وان منشآت هجليج النفطية الثمينة التي تمثل نصف انتاج الشمال تكبدت خسائر. وشوهدت دبابة عائدة لجيش جنوب السودان معطوبة كذلك. واعلن قائد القوات السودانية في هجليج كمال معروف امام نحو الفي جندي ان "عدد القتلى بلغ 1200 جندي في صفوف الجيش الشعبي لتحرير السودان" قوات التمرد السابقة التي اصبحت تحكم جنوب السودان بعد استقلاله في يوليو 2011، لكنه لم يعلن حصيلة الخسائر في صفوفه. ولم يشاهد اي مدني في المنطقة التي كان الجيش السوداني يسير فيها دوريات. ودمرت الحرائق خزانا وثمانية مولدات كهرباء بينما انتشر النفط على ارض الحقل الذي تديره شركة "غريتر نايل بتروليوم كومباني (جي.ان.بي.او.سي) التي تملك شركات صينية الحصة الأكبر فيها، على ما افاد مراسل فرانس برس. واتهم عبد العزيز حسن المهندس السوداني في جي.ان.بي.او.سي قوات جنوب السودان بانها "دمرت محطة توليد الكهرباء المركزية التي تزود حقول النفط والمصنع المركزي بالكهرباء"، مضيفا ان مخربين "محترفين" دمروا ايضا قاعات المراقبة ونظام الامن في المصنع المركزي. واضاف المهندس ان الشركة تعمل على اعادة تشغيل وحدات الانتاج يدويا في اقرب وقت. وادى وقف الانتاج النفطي في هجليج منذ العاشر من نيسان/ابريل الى تفاقم ازمة الاقتصاد السوداني المتازم اصلا منذ ان ورث جنوب السودان ثلاثة ارباع احتياطي النفط مع استقلاله. وافاد تقرير استندت اليه الاممالمتحدة نقلا عن السلطات السودانية ان نحو خمسة الاف من سكان هجليج والقرى المجاورة فروا من المنطقة. وقال حاكم ولاية الوحدة الجنوبية تعبان دينق ان طائرات سودانية شنت الاثنين غارة جديدة على بنتيو عاصمة ولاية الوحدة في جنوب السودان على مسافة ستين كلم جنوب هجليج واطلقت قنابل عدة على جسر استراتيجي وسوق. وقال ان القصف ادى الى مقتل طفلين على الاقل. وافاد مراسل فرانس برس الذي كان في سيارة في المنطقة التي تعرضت للقصف عن سماع انفجارات قوية والى القاء قنابل بالقرب من جسر وسوق. وشاهد المراسل جثة طفل متفحمة وسكان المنطقة المصابين بالذعر وهم يفرون هاربين من السوق الذي اندلعت فيه النار وارتفعت سحب الدخان. ولكن مسؤولا في وزارة الخارجية السودانية نفى القيام باي عملية قصف داخل حدود جنوب السودان. وقال حاكم الوحدة تعبان دينق ان القصف كانت نتيجة الانسحاب من هجليج. واعتبر ماك بول مساعد مدير اجهزة الاستخبارات في جنوب السودان "انه تصعيد خطير وانتهاك لاراضي جنوب السودان انه استفزاز واضح". وقال وزير الاعلام في جنوب السودان برنبا مريال بنجامين "استجبنا لنداءات الانسحاب (الدولية) من هجليج لكنهم يواصلون القصف" معتبرا ان الخرطوم بصدد تنفيذ وعودها باجتياح جنوب السودان. وسبق ان اغار الطيران السوداني على بنتيو مرتين في ابريل، بينما كانت قوات جنوب السودان قد غادرت منطقة هجليج الحدودية المتنازع عليها علما بان المجتمع الدولي يعترف بانها تابعة للسودان. ودانت فرنسا قصف بنتيو، ونبه الوزير الفرنسي المكلف التعاون هنري دون رانكور الاثنين في لوكسمبورج الى ان الاتحاد الاوروبي قد يفرض عقوبات اذا استمرت حكومتا السودان وجنوب السودان المتنازعتان عدم الوفاء بالتزاماتهما. وفي بيان تبنوه اليوم الاثنين، دعا وزراء الخارجية الاوروبيون البلدين الى "وقف هجماتهما المتبادلة على اراضي كل منهما فورا". واعتبر الوزراء ان "اللجوء الى القوة لن يحل المشكلات التي تتطلب تسوية بين البلدين"، داعين اياهما الى العودة لطاولة التفاوض.