وجوه يعلو ملامحها علامات الصدمة والذهول، وأجساد يكسوها الرماد الأسود، وطوب أسود متفحم، ورجال لا تقوى على البكاء، ولكن حسرة نظرة العين، على "شقى العمر" الذي اندثر فجأةً، وجلسة السكون التي تنطق مكتومة بعبارةً لا قبل لهم بغيرها "عوضنا عليك يا رب"، ذلك هو المشهد المتكرر الذي تبرع حرائق الموسكي، في رسمه على وجوه من لحق بهم الضرر. إذ شهد حي الموسكي، بمنطقة العتبة، في محافظة القاهرة، في الساعات الأولى من فجر اليوم، اندلاع حريق هائل، داخل أحد المولات التجارية بحارة اليهود بالموسكي، على امتداد 3 طوابق، إثر وقوع ماس كهربائي، أسفر عن مصاب واحد، ليكون هذا هو حريق الموسكي الحادي عشر، في خلال 5 سنوات فقط، والثاني لعام 2018. وبالرغم من أن حي الموسكي، من أشهر المناطق التجارية في القاهرة، والمليئة بالمحال في مختلف المجالات، من خردوات وملابس وأجهزة كهربائية وغيرها، إلا أنه من الواضح أنها لم تعد منطقة آمنة على أهلها، ولا على تجارتهم، فإن تحترق نفس المنطقة 11 مرة في 5 أعوام، لا ينذر سوى بتهديد خطير لأرزاق كل من يعمل في هذه المنطقة، والتي ربما أصبحت بنيتها التحتية تحتاج إلى تعديل، يناسب ارتفاع عدد مستخدميها عن السابق، وربما أصبحت المنطقة في حاجة لإخلائها، ولم يعد يجدي التصاق المحلات ببعضها البعض. وترصد بوابة الوفد، إثر هذا الحادث الأليم، ال10 حرائق التي سبقت حريق الموسكي اليوم... بدأ مسلسل حرائق الموسكي المتتابع، في 7 أبريل 2013، بمخزن للإسفنج وامتد لعقار به مخزن لنشارة الخشب، الأمر الذي جعل رجال الإطفاء يواجهون صعوبة بالغة، في السيطرة على الحريق، نظرًا لانتشار النيران على مساحة كبيرة، ولم يسفر الحادث عن أي إصابات بشرية. ولكن ليس كل حريق سيكون بلا خسائر في الأرواح، ففي 29 يوليو 2013، تفحمت 13 جثة، من أصل 15 قتيلا، في حريق نشب إثر مشاجرة بين صاحب أحد المحال العطور، مع بعض الباعة الجائلين، ولم يكن بالمحل فتحات تهوية، ما ساهم في اختناق العاملين بالمحل، فضلًا عن مقتل اثنين بطلق ناري. والتقطت منطقة الموسكي أنفاسها، لمدة سنة و7 شهور متتالية، دون حرائق أخرى، لتعود من جديد، في 21 فبراير 2015، ليتصدر الخشب المشهد هذه المرة أيضًا، كسببٍ رئيسي، في تفاقم النيران واندلاعها، إذ نشب الحريق في ورشتين متجاورتين للخشب، ولم يسفر الحريق عن أي خسائر بشرية. في 20 سبتمبر من العام ذاته، أصيب 4 في نشوب حريق بمجموعة محلات ملابس، وأدوات بلاستيكية وكهربية، بحارة اليهود، بمنطقة العتبة دائرة قسم الموسكي، بسبب إلقاء عقب سيجارة، وانتهى الأمر بإصابة مواطنين فقط دون وقوع حالات وفاة. وبعد سبعة أشهر، يبدو أنه بدأ العام الأكثر انتشارًا لحرائق الموسكي، إذ أنه في 30 أبريل 2016، اشتعل حريق في محل ملابس، ولكنه كان صغير، وسهل السيطرة عليه، ولم يسفر عن أي إصابات. تلاه مباشرةً في 2 مايو 2016، نشوب حريق بمنطقة الرويعي، في بعض متعلقات الباعة الجائلين، وتضاربت الأقوال بين اقتصاره على الباعة الجائلين فقط، وبين امتداده لالتهام 8 محال تجارية، وإصابة 5 أفراد، وتفحم 40 فرشًا. أما 9 مايو 2016، فكانت الطامة الكبرى على حي الموسكي، إذ التهمت النيران 3 عقارات متجاورة، وكانت بدايته من اندلاع النيران في فندق، ولكن سرعان ما انتشرت النيران، حتى شبت في 3 عقارات متجاورة، وكان هذا الحادث بمثابة كارثة كبرى، إذ أسفر عن خسائر وصلت إلى تفحم 225 مخزناً، ب 400 مليون جنيه، و3 وفيات و91 مصاباً. وبعد عام، عاد شهر مايو ليحيي ذكرى الحريق في العام السابق، ولكنه حادث غريب من نوعه، إذ نشب الحريق في 21 مايو 2017، في أحد محال الملابس، بعد أن أشعل أحد العمال النيران فيه متعمدًا، ثم عاد بعد قليل ليسهم في إطفاء الحريق، لإبعاد الشبهة عن ذاته، ولكن كشفت تحقيقات النيابة الحقيقة، وكان فعله ما هو إلا انتقام من صاحب المحل، بعد مشاجرة بينهما. وفي 1 يوليو من العام ذاته، 2017، نشب حريق في ورشة بالموسكي، ولكن الله سلم، ولم يكن الحريق هائلًا هذه المرة، ولم يسفر عن أي إصابات. وأخيرًا وليس آخرًا، افتتح يوم 30 أبريل، حرائق الموسكي لعام 2018، إذ التهمت النيران مصنع أحذية، نتيجة إلقاء أحد العمال لعقب سيجارة، وسط مخلفات المصنع، فأضرمت النيران في المصنع كله، ولكن لم يسفر الحريق عن أي إصابات بشرية.