تحقيق - دعاء مهران/ إشراف: نادية صبحي إنهم يسرقون تاريخ مصر، يستنسخون آثارها الخالدة، ويقلدونها ويحولونها إلى مزارات سياحية على أراضيهم، دون استئذان ودون موافقة الدولة المصرية. الصين والولايات المتحدةالأمريكية وإسبانيا ودول أخرى كثيرة ارتكبت هذه الجريمة فى حق آثار مصر.. وحسب خبراء الآثار فإن استنساخ الآثار المصرية فى الدول الأجنبية، يهدر على الدولة المصرية، مليارات الدولارات، نتيجة اكتفاء بعض مواطنيها بمشاهدة الآثار المصرية المقلدة فى دولهم، كما أن تلك الدول تجنى الكثير من المليارات على حساب تاريخ الفراعنة. وطالب الأثريون بضرورة تضافر القوى الدبلوماسية لحل تلك القضية وهدم الآثار الفرعونية المقلدة فى الخارج، والتى تم تشيدها دون موافقة الدولة المصرية، للحفاظ التاريخ الفرعونى وحقوق الملكية المصرية. أقدمت بعض الدول الأجنبية على استنساخ عدد من الآثار المصرية، مثل الصين التى شيدت تمثالاً ل"أبو الهول"، فى محاولة منها لجذب السائحين إليها، حيث صنعت نموذجا له فى إحدى حدائق مدينة شيجياتشوانج التابعة لمقاطعة خبى الصينية، بارتفاع 20 مترًا، وطول بلغ حوالى 60 مترًا، وداخله عبارة عن طابقين، كمزار سياحى للسياح الصينيين»، وكانت السلطات الصينية قامت قبل عامين بهدم نسخة من تمثال أبوالهول، بعد اعتراض الحكومة المصرية التى أكدت وقتها أن التمثال المقلّد أضر بالتراث الثقافى المصرى الوطنى. ومن أهم مستنسخات الآثار المصرية حول العالم، ما تشهده مدينة لاس فيجاس فى أمريكا التى استنسخت مدينة الأقصر بالكامل، يضم معابد الأقصر والأهرامات وأبوالهول ملحقا به لعب أطفال وهدايا وتحف عليها رسومات فرعونية قديمة. وهناك مدينة سينما فى ماليزيا استنسخت نماذج من آثار للحضارة المصرية أيضًا، كما تجد هناك فى أغلب الدول ولاعات وأقلاماً ومنتجات صينية مرسوماً عليها أشكال الآثار الفرعونية ومجسمات كاملة استنساخا للآثار، كما استنسخت إسبانيا معبد أبوسمبل فأقامت مجسمًا لمعبد أبوسمبل. وقال الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن القانون يجرم استنساخ أو تقليد أى آثار فى العالم إلا بموافقة للجهة التابع لها الأثر الأصلى، لافتًا إلى أنه لم ير تمثال "أبوالهول" الذى قامت الصين بتقليده، حتى يستطيع الحكم عليه، موضحاً أنه إذا كان التمثال التى قامت الصين بتشييده، صورة طبق الأصل من تمثال "أبوالهول" المصرى، سوف يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على حقوق الملكية المصرية، وعن الإجراءات التى يمكن أن تتبع فى إذا ما كان تقليد أبوالهول الصينى صورة لتمثال أبوالهول المصرى، وقال إن عمل أى مستنسخات تمثل الحضارة المصرية القديمة، تعد اعتداء صارخاً على الحضارة المصرية، فعلى الرغم من أنه يعطى أهمية للحضارة فى جميع دول العالم، إلا أنه يجب الالتزام بالقانون وحماية الحقوق الملكية الفكرية. وقال أشرف محيى الدين، مدير منطقة آثار الهرم، إن وزارة الآثار تتخذ إجراءات عبر إدارة المنظمات الدولية التابعة للوزارة من أجل مخاطبة منظمة اليونسكو، معلنة رفضها تمثال «أبوالهول» الصينى، وأضاف أن عرض التمثال المقلد انتهاك ل«الملكية الفكرية، لافتًا إلى أن وجود هذا التمثال الصينى لن يؤثر على الزيارات لمنطقة آثار الهرم، ولن يترك السائح الأهرامات وأبوالهول الأصلى ويزور المقلد، مؤكدًا أى إنسان يحب رؤية الشىء الأصلى. وقال الدكتور سيد حسن، الخبير الآثرى، إنه لا يحق لأى دولة فى العالم استنساخ أو تقليد الآثار المصرية طبقًا للقانون والحقوق الملكية لليونسكو، مطالبًا وزارة الخارجية بالتحرك دبلوماسى، لهدم الآثار المصرية المستنسخة فى العالم. محذرًا من أن استنساخ الآثار المصرية فى الخارج، سوف يكون له تأثير سلبى كبير على الآثار المصرية، سواء ماليًا أو سياحيًا، لافتًا إلى أن الآثار المقلدة فى الخارج إذا كان التقليد نسبى يحق للدولة المصرية مطالبة الدول المقلدة للآثار المصرية يهدمها، ولكن إذا كان التقليد غير نسبى، لا يحق للدولة المالكة للآثار أن تطالب بهدم التماثيل المقلدة. وأكد أن الحل الوحيد لهدم وإزالة الآثار المصرية المقلدة فى الخارج، هو الجهود الودية عبر الحلول الدبلوماسية، موضحًا أن القانون به ثغرات تعطى الدول الحق فى التقليد، بحيث يكون تقليد كاملا ولكنه غير نسبى، موضحاً أنه لا بد من وجود مساعٍ ودية لحل هذه القضية. وأوضح أنه يجب على وزارتى الآثار والخارجية، متابعة تلك القضية عبر سفارة الصين بالقاهرة، والتى يوجد بها ما يسمى بالتآخى بين البلدين فعلينا أن نؤكد لهم حجم الضرر العائد علينا مما يفعلوه وهذا شبيه بفكر الأداء العلنى ومثل حقوق الملكية الفكرية، وبجانب المساعى الودية إذا كانت الصين لديها بعثات صينية تقوم بعمل حفائر بالقاهرة مثلاً نضغط عليهم أو مثلا لو سيقيمون معرضًا بالقاهرة نقوم بإيقافه مثلما فعل زاهى حواس من قبل مع الفرنسيين لوجود آثار لديهم. وقال «حسن» إن لآثار المقلدة لن تزيد من أوجاع السياحة بمصر، مضيفًا أن الكثير من الدول الأجنبية، كانت تقوم بتقليد للآثار المصرية، ولم تتأثر السياحة فى مصر. وقال محمد يحيى عويضة، مدير عام آثار الأقصر، إن الصين تقوم بعمل استنساخ لبعض القطع الأثرية الفرعونية المنقولة، بينما أمريكا تقوم بعمل استنساخ لمواقع أثرية فرعونية كاملة، مثل وادى الملوك فى أمريكا. وأوضح أن استنساخ الآثار المصرية فى الخارج، يحتاج إلى تضافر القوى السياسية، لمواجهته، لافتًا إلى أن تقليد الآثار المصرية فى الخارج له شقان الأول إيجابى، ويكون فى تعرف المواطنين الأجانب بالآثار المصرية فى الخارج مما يكون هناك ترويج للآثار المصرية بالمجان، كما أن تلك الآثار المقلدة قد تدفع بعضهم إلى المجيء لمصر لمشاهدة الآثار الفرعونية الأصلية. والشق الثانى سلبى، نتيجة اكتفاء بعض المواطنين الأجانب بمشاهدة الآثار المصرية المقلدة المقامة فى بلادهم، كبديل عن زيارة الآثار المصرية الفرعونية، ما يزيد من عزوف السياح عن مصر. وأكد أن الخطر الأكبر على الآثار المصرية أن الصين تقوم بتقليد الآثار الفرعونية المنقولة، لهدف تجارى بحت، مضيفًا أن تقوم به الصينوأمريكا وبعض الدول الأخرى تعتبر سرقة للتاريخ والحضارة الفرعونية القديمة. وأوضح أن الخطر الأشد أن بعض الدول التى تقلد الآثار الفرعونية، قد لا تشير إلى موقعها أو تاريخها الأصلى، وتنسبها إلى نفسها، مما تعتبر سرقة للآثار الفرعونية والتاريخ المصرية. طلب إحاطة قال النائب محمد المسعود، عضو مجلس النواب، إن استنساخ بعض الدول الآثار المصرية، سرقة لتاريخ مصر، موضحًا أنه تقدم بطلب إحاطة لوزيرى الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار ووزير الخارجية، سامح شكرى، بشأن بناء الصين تمثالاً مقلدًا ل"أبو الهول" بتكلفة بلغت 1.3 مليون دولار، بهدف جذب السائحين. وأضاف المسعود، أن هذه الواقعة ليست الأولى، لاستنساخ الآثار المصرية، ففى أمريكا، صممت مدينة لاس فيجاس الأمريكية فندقًا ضخمًا فاخرًا على شكل المعابد المصرية القديمة، ويوجد فى مدخله تماثيل ل"أبو الهول" والهرم الأكبر، وتمت تسمية الفندق باسم مدينة الأقصر، كما يحتوى على نسخ مقلدة لآثار من معبد الكرنك والأقصر وكذلك مقبرة توت عنخ آمون. وتساءل المسعود: «لماذا لم تقدم وزارة الخارجية شكوى لمنظمة اليونسكو بشأن تمثال أبوالهول الذى بنى فى الصين لإزالة هذا التمثال المقلد؟». حقوق الملكية الفكرية قال أيمن أبوزيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية الأثرية والسياحية، إن الاستنساخ إذا تم بالاتفاق مع الحكومة المصرية، سوف يكون دعاية مجانية للآثار المصرية الفرعونية، دون مشقة أو عناء، وكذلك يكون للآثار المصرية نسبة من رسوم زيارة الآثار المصرية المستنسخة، لافتاً إلى أن عدد سكان الصين يتخطى المليار وثلاثمائة مليون، الكثير منهم لم يقوموا بزيارة مصر. وأوضح أن استنساخ الدول الأجنبية للآثار المصرية دون موافقة من الحكومة المصرية، سوف يضر بالآثار المصرية، نتيجة أن التقليد يكون بصورة غير صحيحة ومشوهة، كما أن المعلومات التى تعرض تكون خاطئة، رغم أنه من الممكن أن يكون للتقليد بعض الإيجابيات، ولكن يجب المحافظة على التاريخ المصرى الفرعونى. وأكد أن الحل يكون عن طريق الدبلوماسية المصرية، وحقوق الملكية الفكرية، والتى تعطى الحق للدولة بمنع الدول من التعدى على حقوقها الفكرية، كما أنها تلجأ لبعض المنظمات الدولية مثل اليونسكو، والتى تساعد الدول على أخذ حقها، لافتًا إلى أن السكوت على ما تقوم به بعض الدول بتقليد الآثار المصرية دون موافقة، سوف يعطى مساحة أكبر لدول أخرى تستنسخ آثار الفراعنة دون وجه حق. وأوضح أنه من الممكن أن يكتفى مواطنو الدول الأجنبية بمشاهدة الآثار المصرية المقلدة، ما يضعف حركة السياحة بمصر.