كتب - محمود سليم: قبل خمسة أعوام ماضية، كشر التنظيم الإخواني الإرهابي عن أنيابه، ضاربًا الارادة الشعبية عرض الحائط، والتى تطالبه بالرحيل. وظهر الرئيس المعزول محمد مرسي، في 2 يوليو 2013 وقبل انتهاء المهلة المحددة لتلبية مطالب الشعب دون أن يقدم جديدًا، أو يظهر تأييدًا لمطالب المصريين، فأصر في كل كلمته التي استمرت لنحو ساعات على إطلاق كلمة "الشرعية"، وهو ما أثار غضب المصريين. انحياز للإرادة الشعبية فكان لزامًا على القوات المسلحة الباسله، أن تتدخل وتنحاز لصفوف الجماهير العريضة فى تلبية رغبته، أمام جماعة هددت وكفرت، وأباحت دماء المصريين. والتف حول وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، فى مثل هذا اليوم 3 يوليو عام 2013، عدد من الرموز الوطنية مثلوا جموع الشعب المصري الغاضب من حكم الإخوان. وكان من أبرز الحضور الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والبابا تواضروس بابا الإسكندرية، والدكتور محمد البرادعي ممثلًا عن جبهة الإنقاذ، بالإضافة إلى محمود بدر، عضو حركة تمرد، والكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد، بالإضافة إلى المهندس جلال المرة ممثل عن حزب النور. وكان المشهد في 3 يوليو 2013، عصيبًا، حالة من الترقب والمتابعة لملايين المصريين الآملين في حدوث انفراجة، الكل يراهن على دور القوات المسلحة ؛ لمنع انقسام المصريين لأول مرة في تاريخهم، وتقويض استقرار الدولة. وجاء البيان الثالث من يوليو 2013، تلبية لمطالب الشعب، لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي وإنهاء حكمه التأييد لخارطة الطريق. نص البيان "بسم الله الرحمن الرحيم... شعب مصر العظيم"، إن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التي استدعت دورها الوطني، وليس دورها السياسي على أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي. ولقد استشعرت القوات المسلحة، انطلاقًا من رؤيتها الثاقبة - أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم؛ وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته.. وتلك هي الرسالة التي تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها، وقدرت ضرورتها، واقتربت من المشهد السياسي آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة. لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية، جهودًا مضنية، بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلي، وإجراء مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية؛ بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012.. بدأت بالدعوة لحوار وطني استجابت له كل القوى السياسية الوطنية، وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة في اللحظات الأخيرة.. ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه. كما تقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف إستراتيجي على المستوى الداخلي والخارجي تضمن أهم التحديات والمخاطر التي تواجه الوطن على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ورؤية القوات المسلحة - بوصفها مؤسسة وطنية - لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعي، وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر؛ للخروج من الأزمة الراهنة. ولقد كان الأمل معقودًا على وفاق وطني يضع خارطة مستقبل، ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب؛ بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ، وقبل انتهاء مهلة ال48 ساعة، جاء بما لا يلبي ويتوافق مع مطالب جموع الشعب.. الأمر الذي استوجب من القوات المسلحة - استنادًا إلى مسئوليتها الوطنية والتاريخية - التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب، ودون استبعاد أو إقصاء لأحد.. حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوي ومتماسك، لا يقصي أحدًا من أبنائه وتياراته، وينهي حالة الصراع والانقسام، وتشتمل هذه الخارطة على الآتي: - تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت. - يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة. - إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد. - لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية. - تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة، تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية. - تشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات؛ لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتًا. - مناشدة المحكمة الدستورية العليا سرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب، والبدء في إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية. - وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام، ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة، وإعلاء المصلحة العليا للوطن. - اتخاذ الإجراءات التنفيذية؛ لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة؛ ليكون شريكًا في القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين، ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة. - تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية، وتمثل مختلف التوجهات. تهيب القوات المسلحة بالشعب المصري العظيم بكل أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمي، وتجنب العنف الذي يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء.. وتحذر من أنها ستتصدى - بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية - بكل قوة وحسم ضد أي خروج عن السلمية طبقًا للقانون، وذلك من منطلق مسئوليتها الوطنية والتاريخية. كما توجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة، ورجال الشرطة، والقضاء الشرفاء المخلصين، على دورهم الوطني العظيم، وتضحياتهم المستمرة؛ للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم. حفظ الله مصر وشعبها الأبي العظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد بيان 3 يوليو عام 2013، وانتهاء حكم الإخوان، عادت الروح للجسد المصري، وعمت الطمأنينة بين صفوف الشعب المصري، وأدركوا أن هناك رجالا سخرهم الله للحفاظ على الوطن وحماية مقدراته ضد الأشرار، وسطر للتاريخ نجاح ثورة 30 يوينو العظيمة.