نعم غضب على كل ما يجري في العراق الشقيق اليوم، احتلال أمريكي يقال إنه تم انسحاب قواته، إلا أن المصادر الوثيقة تقول إنه بقي في العراق أكثر من خمسين ألف جندي أمريكي وقوات مرتزقة من شركة بلاك ووتر سيئة السمعة بذات العدد أو أكثر وأن الذي قام بحراسة بغداد وتمشيطها إبان انعقاد مؤتمر القمة العربي في الأسبوع الماضي إلى جانب القوات والمرتزقة آنفتي الذكر كانت قوات مليشيا الأحزاب الطائفية ووحدات من الحرس الثوري الإيراني. في العادة تصطف الجماهير الشعبية ملوحة بأعلام الدول العربية على جانبي الطرق لتحية القادة العرب الذين يشاركون في القمم العربية، في بغداد غاب الشعب وأغلقت الدوائر الخاصة والحكومية لمدة أسبوع كامل وحذر تجول منقطع النظير، الذين قدر لهم حضور تلك القمة الناقصة يشهدون بأنهم لم يروا عراقيا واحدا غير الرئيس جلال الطالباني ومعظم وجوده كانت تنتابه نوبات من النعاس وبعض رجال الحكومة وليس كلهم، كان الحضور الجاذب للنظر في كل الطرقات المؤدية إلى مقار إقامة الوفود وقصر المؤتمرات الفخم الذي بني في عهد الزعيم العربي الشهيد صدام حسين أسكنه الله فسيح جناته دبابات ومدرعات وحاملات جند ومضادات وبطاريات صواريخ تملأ الشوارع وكذلك انتشار نقاط التفتيش المزعجة وتحويل طرق سير الوفود. كانت الخدمات التي قدمت للضيوف على اختلاف مستوياتهم يقوم بها حفل من الحسان والغلمان الأتراك وسيمي الطلعة جُلبوا لخدمة المؤتمرين حتى الزبالين وفرق النظافة استقدمت شركات أجنبية للعناية بنزل الضيوف لأن حكومة المالكي لم تعد تثق أمنيا في أي مواطن عراقي وذلك لجبروتها وطغيانها وظلمها واستبدادها واحتقارها لشعب الرافدين العظيم. المالكي أراد أن يروض القمة العربية لصالحه وصالح حزبه الطائفي المستبد لتثبيت سلطته وتقوية وضعه الداخلي في مواجهة كل الضغوط العراقية الرافضة لزعامة وقيادة المالكي للعراق سواء جاء ذلك الرفض من قبل الأكراد العراقيين أو أهل السنة في العراق خاصة بعد ملاحقة نائب رئيس الجمهورية الدكتور الهاشمي والسيد صالح المطلك نائب رئيس مجلس الوزراء وغيرهم وهم من القيادات السنية التي أسهمت في العملية السياسية ولو لم يكن هؤلاء وجمهورهم من أهل العراق الشرفاء سنة وشيعة لما تمت العملية السياسية أصلا ووصل المالكي إلى قصر الرئاسة. لنا الحق كل الحق أن نغضب على ما يجري في العراق الشقيق ذلك العراق الذي كان الحامي والحامل لكل هموم أمتنا العربية والإسلامية وأصبح اليوم أسير احتلالين ومرتع عفن للطائفية البشعة والأحقاد الدفينة التي تملأ صدر المالكي ورهطه الحاكم في بغداد. يقول المالكي في مجالسه وبين رهطه ومرافقيه نريد القمة في بغداد لتكون المرة الأولى في التاريخ العربي المعاصر أن تكون قمة العرب تحت إدارة المذهب الشيعي والكردي لمدة عام كامل. ويقول أعوانه ومساعدوه: "إن العراق يواجه ضغوطا من إيران وتركيا وكلا البلدين يحاول أن يتمدد سياسيا واقتصاديا وعسكريا في العراق ومن أجل ذلك أرادت حكومة المالكي الاحتماء بالعرب وبانعقاد القمة هنا في بغداد " إن كان ذلك القول صحيحا وليس " تقية " فإن حكومة المالكي عليها الاستقواء أولا بجبهة داخلية عراقية موحدة لا عزل فيها لأحد ولا اجتثاث ولا معتقلين سياسيين ولا ملاحقين في الداخل والخارج من قبل حكومة المالكي وإصدار عفو عام ويصبح العراق لكل العراقيين بلا تمييز عرقي أو طائفي أو مذهبي وثانيا الاحتماء بالعرب عامة بعد مصالحة تامة بين مكونات المجتمع العراقي. (2) عتبنا على قادتنا في دول مجلس التعاون أنهم لم يدركوا مخاطر ما كان يحاك ضد العراق وضدهم منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، لقد أخذتهم العزة بالإثم فاندفعوا يناصرون كل من أراد بالعراق شرا ولم يدركوا أن الشر سيلحقهم بكل أصنافه. لا أريد أن أنكأ جراح الماضي (...)لكني أعلم حق العلم أن قادتنا يعضون على أناملهم ندما على ما صُنع بالعراق. كانت المقاومة العراقية تفعل فعلها ضد الاحتلالين الأمريكي والإيراني، وكان قادة المقاومة الوطنية وكبار هيئة علماء المسلمين في العراق يستنجدون بالعرب فلا منجد لهم حيث أغلقت كل أبواب وحدود الدول العربية المجاورة للعراق حتى لا يصل المدد إلى مقاومة الاحتلالين بل الأدهى والأمر أن بعض رجال الدين في دول مجلس التعاون راحوا يتبارون في إصدار الفتاوى التي تحرم التطوع لمقاومة جحافل المحتلين في العراق وتردد وسائل الإعلام الرسمية فتاواهم بينما حدود إيران 1200 كيلو متر مع العراق مفتوحة على مصراعيها بلا رقيب،عبرها يمر السلاح والمتطوعون والمجندون من إيران لشد أزر الحكومة الطائفية في بغداد وقهر بقية الطوائف والأعراق إلا الكرد فهم قد حظوا بمعاملة مميزة. (3) لا نريد أن نغوص في تفاصيل الماضي وسلبياته وكوارثه، لكن اليوم وبعدما اشتد النزاع بين الأكراد من ناحية وحكومة المالكي الطائفية، واشتد الخلاف بين مكونات العملية السياسية علاوي (شيعي) وحزبه، وأهل السنة والجماعة (السيد الهاشمي) ويعز علي استخدام هذه التقسيمات ولكن بلينا بها عبر النظام السياسي القائم في العراق وبعدما اشتدت أزمة العراقيين اللاجئين في سوريا خاصة العلماء والقيادات السابقة قبل احتلال العراق عام 2003 والذين يمارس النظام في دمشق عليهم كل وسائل الضغط والإكراه للعودة إلى جلاديهم في العراق وإلا الاشتراك في القتال الدائر على الأراضي السورية بين الجيش السوري والشعب، هل يمكن التكفير عن سلبيات الماضي والتعاون مع هذه القوى من أجل إنقاذ العراق أيضاً من هيمنة الطائفية البغيضة على العراق وإنقاذ هؤلاء اللاجئين في سورية من الهلاك المحقق؟ لقد أصبح النظام القائم في بغداد اليوم الحليف المهم بعد إيران لنظام بشار الأسد في دمشق فهل يمكن إنقاذ تلك النخب العراقية المحاصرة في دمشق بين التسليم لجلاديهم في بغداد أو الزج بهم في أتون الحرب الدائرة هناك؟ آخر القول: يا أهل الخليج العربي أنقذوا العراقيين الشرفاء في سوريا من الهلاك المحقق، كلهم منتجون أساتذة جامعات ومدارس، وأطباء ومحامون وخبراء في مجالات متعددة وحتى عمالة مهنية محترفة ونحن في الخليج في حاجة ماسة إلى كل هؤلاء فهل من مجيب في خليجنا العربي. الشيمة يا أهل الخليج في إخوانكم العراقيين المعذبين في دمشق. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية