اشتهر أهالي منطقة "سدوم"، والتي تعرف الآن باسم بحيرة لوط، وهي من القرى الواقعة في منطقة البحرالميت، وتقع الآن على الحدود الفاصلة بين كل من فلسطين والأردن، بانتشار الفاحشة بينهم، فكل ما كان يشغل بالهم، هو إشباع شهواتهم، والشعور بالمتعة في الحياة أيًا كانت الوسيلة المؤدية لذلك. وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ (58) بدأ الفُحش في هؤلاء القوم، بانتشار الزنا، ثم ملّوا منه، فاتجهوا إلى قطع الطرق، والاعتداء على الناس، ثم بدأ الرجال في التشبه بالنساء، وارتداء الحُلي مثلهم، وإطالة الشعر كالنساء، فلم يكفهم هذا أيضًا، ووصلوا إلى أعلى درجات الفسق، فاتجهوا إلى الشذوذ، وممارسة الرذيلة بين الرجال والرجال، وبين النساء والنساء. وباتت كل هذه الفواحش، هي شغل قوم لوط الشاغل، إلا من آمن بالله، واتبع شريعته، ولم يرسل سيدنا لوط بكتاب سماوي، بينما بعثه الله لأهل هذه المنطقة، من أجل إصلاح أخلاقهم الفاسدة. وبالرغم من محاولات سيدنا لوط الكثيرة والمتعددة الوسائل لهدايتهم، ما بين الترغيب والوعد بجنة الله في الآخرة، وبين الترهيب من عذاب جهنم، جزاءً لهذه المعاصي، إلا أنهم لم يهتدوا، بل وسخروا منه، وطالبوه بأن ينزل عليهم عذاب ربه. وبعد أن يأس قوم لوط من أن يتركهم وشأنهم، ليستمروا في فواحشهم، فأرادوا إخراجه من المدينة كلها، وكل من آمن به، إذ أنهم لا يريدون من يذكرهم بفسادهم، وأنهم مخطئون وضالون. فأخبر الله نبيه، أنه سيرسل له رسلًا ليخرج من المدينة ومن آمن معه؛ لأنه سينتقم من أهل المدينة، ومعهم زوجته؛ لأنها لم تكن مؤمنة بالله، وتمثل ملائكة الله، على هيئة رجال حسان الوجه والمظهر، ذهبوا للوط. وما أن وصلوا، حتى شاع أمرهم في المدينة، فذهب أهل المدينة إلى سيدنا لوط، يطلبون منه هؤلاء الرجال الحسان، لممارسة الفحشاء، دون حياءٍ أو خجل، فأخبرهم لوط أنهم ضيوفه، ولا يصح ما يفعلوه، ودعاهم للذهاب إلى نسائهم، وأن تستقيم حياتهم. وأخبرت الملائكة لوط، أن عليه مغادرة المدينة مع من آمن من قومه ليلًا، ففي النهار سيأتي عذاب الله لهؤلاء القوم الفاسقون، وبالفعل، خرج سيدنا لوط، ونزل جبريل، ووضع المدينة بأكملها على أحد أجنحته التي يبلغ عددها 600 جناح، ورفعها إلى السماء عاليًا، ثم قلبها إلى الأرض، فجعل عاليها سافلها، ثم أُلقي عليها حجارة من سجيل، وانتهى أمر المدينة وكل من فيها، جزاء ما كانوا يفعلون.