فصل جديد من فصول الخلاف والصراع والتوتر يكتبه دونالد ترامب، في العلاقات الأمريكيةالإيرانية، بانسحاب بلاده من الاتفاق النووي المُبرم في 2015، بين طهران والدول الست (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا والصين). وأعلن ترامب عن ذلك، مساء أمس الثلاثاء، بعدما وصف الاتفاق بأنه كارثي، وأنه لا يقيّد نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار، قائلًا: «يُفترض أن يحمي الاتفاق أمريكا وحلفائها، لكنه مكّن إيران من مواصلة تخصيب اليورانيوم». قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيرانى لاقى ترحيبًا شديدًا من قبل إسرائيل التي وصفته بالتاريخي، بينما دول الاتحاد الأوربي أعربت عن أسفها، معلنة اعتزامها الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران كمجتمع دولي. أما إيران نفسها، فاعتبرت بأن ما فعله ترامب يعد انتهاكا يجب أن يؤدي إلى عزلة الولاياتالمتحدة، وأن انسحابه من الاتفاق النووي مسرحية دبلوماسية، وقام نواب مجلس الشورى الإيراني، بحرق العلم الأمريكي ونص الاتفاق النووي، كما شهدت طهران فعاليات احتجاجية على هذا الانسحاب. ولم يأتِ قرار انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني هكذا فجأة، ولكنه سبق وأن لوح بهذا الأمر في أكثر من مناسبة منذ انتخابه رئيسًا للولايات المتحدةالأمريكية وتنصيبه رسميا في يناير 2017. ونرصد في هذا التقرير أبرز محطات الخلاف الأمريكي الإيراني بسبب النووي: البرنامج النووي الإيراني بدأ في خمسينيات القرن الماضي، بمساعدة من أمريكا، كجزء من برنامج "الذرة من أجل السلام"، حيث شاركت واشنطن والحكومات الأوروبية في هذا البرنامج، بالاتفاق مع شاه إيران، محمد رضا بهلوي، وذلك حتى قامت الثورة الإيرانية الإسلامية في 1979. وفي 2002، وقعت إيران مع وكالة روساتوم الروسية الحكومية اتفاقية لبناء مفاعل «بوشهر»، الذي يعد أول محطة للطاقة النووية في إيران. وفي 2005، أعلنت إيران استئناف أنشطتها النووية لتخصيب اليورانيوم في مصنعها بأصفهان. في يناير 2006، قررت أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، رفع المسألة إلى مجلس الأمن الدولي وشكوى إيران بسبب النووي، الذي فرض عليها عقوبات شملت نحو 43 شحصًا و78 كيانا لدعم البرنامج النووي. في أبريل 2006، رفضت إيران طلبًا بوقف عمليات التخصيب، كما أعلنت عن نجاحها للمرة الأولى في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5%. قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في أبريل 2006، أنه يجب على مجلس الأمن أن ينظر في خطوات قوية لحث طهران على تغيير مسارها في طموحها النووي. في 2008، قال الرئيس السابق باراك أوباما إن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية مباشرة مع إيران، لتوضح إليهم أن مجال التنمية المزعوم للأسلحة النووية وتمويل المنظمات مثل "حماس وحزب الله"، والتهديدات ضد إسرائيل "غير مقبولة". في 2009، انضمت أمريكا إلى المفاوضات النووية مع إيران. في 2010، رفض جورج بوش، الرئيس الأمريكي الأسبق، طلب إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية بصواريخ مخترقة للتحصينات. وفي مايو 2010، وافقت إيران على وساطة تركيا والبرازيل لحل الخلاف حول برنامجها النووي مع المجتمع الدولي، إلا أن أمريكا ودول الغرب رفضوا بيان الدول الثلاث آنذاك، لأنه لم يزيل مخاوفهم. في يوليو 2013، دخلت العقوبات الأميركية الجديدة على التجارة الإيرانية حيز التنفيذ بالريال الإيراني. وفي 2013، كان أول اتصال مباشر بين الولاياتالمتحدةوإيران، حيث أجرى وقتها أجرى الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والإيراني حسن روحاني أول حديث هاتفي بينهما. وفي 2015، توصلت القوى الست الكبرى (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا والصين) وإيران إلى اتفاق نووي نهائي، بعد مفاوضات طويلة في العاصمة النمساوية فيينا. وجاء الاتفاق ليكبح القدرات النووية لطهران مقابل تخفيف العقوبات عليها، وتضمن حلا وسطا بين واشنطنوطهران، يسمح للمفتشين الدوليين زيارة لمواقع عسكرية إيرانية كجزء من واجبات المراقبة. في سبتمبر 2017، أعلنت أمريكا فرض عقوبات جديدة على إيران تستهدف 11 كيانًا وشخصًا، يقدمون دعمًا للبرنامج النووي الإيراني، وبعد شهر بدأ الحديث عن نية دونالد ترامب لإلغاء الاتفاق مع طهران. وفي المقابل، كان حسن روحاني، الرئيس الإيراني، قد حذر من انسحاب إيران من الاتفاق النووي في حال واصلت الولاياتالمتحدة سياسة العقوبات والضغوط.