الإسكندرية شيرين طاهر: تفاصيل مذهلة كشفت عنها مأساة مصرع رجل أعمال وزوجته وصديقه واحتراق 11 شخصًا بينهم أبناؤه الأربعة التى شهدتها الإسكندرية مؤخرًا.. «الوفد» زارت الشقة التى شهدت المأساة، حيث أشعل الزوج النار فى نفسه وأسرته وقفز من الطابق الخامس.. شهادات مؤثرة للابنة الكبرى والجيران حول اللحظات الرهيبة التى تحولت خلالها الشقة الأنيقة لدماء، فيما علا الصراخ على أفواه أجساد تشتعل فيها النيران وأطفال عاينوا الموت، وكبار بعضهم فى حالة حرجة بالمستشفى حيث فشلت أجهزة التحقيق فى استجواب معظمهم. أصعب شىء على الرجل أن يجد زوجته التى عاش معها سنوات عمره وتحمَّل الكثير من مشاق الحياة من أجل تحقيق متطلباتها هى وأبنائه لتحقيق لهم حياة سعيدة حتى لو كانت على حساب راحته هو ليجد فقط الابتسامة والكلمة الطيبة، ولكن عندما يفاجأ بزوجته بعد زواج استمر سنوات تطلب منه الطلاق وتهدده بالخلع ليكتشف أن حياته تنهار وزوجته وأبناءه يقتلونه، والأصعب هو أنه يجد سنين الغربة التى عاشها لتحقيق عش الزوجية الهادئ الذى يليق بأبنائه تقوم زوجته بطرده منه مما يتسبب أن الزوج يفقد عقله ومن المتوقع أن يفعل أى شىء مثلما حدث فى قصة رجل الأعمال السكندرى الذى نشبت بينه وبين زوجته مشاجرة وقامت بالاتصال بأسرته للحضور على الفور، اعتقد الزوج أنها تطلب الأسرة لتهدئة الموقف والصلح بينهما، ولكن للأسف تنتهى جلسة الصلح إلى حكم عليه بتطليق زوجته وعندما رفض هددته زوجته برفع دعوى خلع ضده مما جن جنونه، ولم يشعر بنفسه وهو يتخيل سنين عمره التى عاشها مع زوجته تضيع أمام عينيه، لم يجد أمامه غير التوجه على الفور إلى المطبخ وإحضار البنزين وسكبه داخل الشقة وعلى رأسه مهدداً بالانتحار مع زوجته قائلا لها: «يانعيش سوا يا نموت سوا»، بما أنك اخترت الطلاق فهو يعنى فى وجهة نظرى الموت، لذلك قررت أن نموت سويا، قام بإشعال النيران بالشقة مما أدى لاحتراقها وحاول أن يقوم بالإمساك بزوجته بالقفز من الشباك إلا أنه سقط منفردا مما أدى على الفور لمصرعه ومصرع زوجته وصديقه الذى حضر فى محاولة للصلح بينهما وأصيب 10 آخرون من بينهم أطفاله وأسرة زوجته بالكامل. رصدت «الوفد» سيناريو حكاية رجل الأعمال السكندرى الذى أصبح حديث المدينة الذى أشعل النيران بنفسه وزوجته وأطفاله الأربعة وآخرين انتقاماً من زوجته لطلبها الطلاق. العقار رقم 82 بمنطقة السيوف بشرق الإسكندرية، تبدو الأجواء هادئة بعد ليلة عصيبة أضاءت فيها نيران شقة جارهم «البدري. م. ا» صاحب مكتب رحلات، ظلامها، فالشارع ما زال غارقًا فى المياه المستخدمة لإطفاء الحريق، والأدخنة والغبار حولت إحدى شرفات الطابق الخامس بالعقار رقم 82 إلى لوحة سوداء قاتمة. وأمام مدخل العقار كان يقف الجيران تعلوهم الصدمة لما حدث لهذا الرجل الطيب الذى لم نسمع له صوتا من قبل وكان دائما محترماً ويراعى المحتاجين، ماذا حدث له؟! لا أحد يتوقع أن يفعل ذلك، أكد الجيران شهود الواقعة أن رجل الأعمال «البدرى» كان يعمل فى الكويت منذ سنوات وعاد منذ أكثر من عامين واستقر هنا وقام بافتتاح مكتب رحلات وشقة الزوجية باسم الزوجة هى التى حضرت لشرائها وهو كان مسافراً ويرسل لها الأموال ولكن للأسف بعد أن استقر هنا كانت زوجته دائمة الشجار معه وترسل إلى أسرتها تقيم معها فى الشقة ويقومون بطرد الزوج خارج الشقة، وفى ليلة الحادث كانت أول مرة نسمع صوت صراخ وشجار يعلو شقة رجل الأعمال وفوجئنا بأسرة الزوجة تحضر بالكامل وتجلس بالشقة ويطلبون الطلاق وطرده نهائيًا من الشقة مما أثار جنونه لأنه شعر بأن تعب السنين وأمواله التى اكتسبها فى الغربة أخذتها زوجته وأسرتها وطردوه. أصيب بصدمة عنيفة من إصرارها على الطلاق وأنه سيفقد الشقة وكل شيء، فأشعل النار فيها هى وأولاده الأربعة وأمها وأبوها وأختها وزوجها وابنها، ثم رمى نفسه فى المنور. وأكد الجيران شهود العيان أنهم تمكنوا من إنقاذ الأبناء لأن غرفتهم فى آخر الشقة وكانت الإصابات التى تعرضوا لها مجرد اختناق فقط. بينما أتت النيران على كل شيء حتى أنها لم تكتف بالموبيليا والستائر والسجاد فقط فالحريق التهم الجدران أيضاً وصارت دون محارة أو طلاء. بكت الابنة الكبرى «رورو» قائلة إنها جاءت بصحبة إحدى أقاربها لجمع ما تبقى من متعلقات والدتها وأشقائها الثلاثة «رزان» 7 سنوات، و«محمد» 8 سنوات، و«أحمد» 9 سنوات. فقدنا كل شيء، والدى مات ووالدتى وباقى الأسرة فى المستشفى مصابون وحالاتهم خطر اتحرقوا وأختى عندها امتحان نعمل إيه؟. تابعت «ماما على طول كانت على خلاف مع بابا هو مش بيصرف علينا خالص ولا يعرف حاجة عننا رغم أنه يقيم معنا، جدو شغال فى شركة بترول وهو اللى كان بيصرف علينا.. وطلبت الطلاق وهو رفض فرفعت قضية خلع وكان هيتم النظر فيها يوم الأحد المقبل». «ماكنتش متخيلة إنه هينفذ تهديده.. على طول كان بيقول لماما إنه هيولع فينا علشان كدة جده قاعد معانا فى الشقة من 3 شهور خايف علينا منه، وإمبارح بابا كلم صديقه أحمد وقاله ييجى علشان هيجمع قرايبنا ويعمل قعدة لإنهاء الطلاق ودي. فجأة سمعنا بابا بيصرخ فى الصالة وبيقول هريحكم منى خالص ورش بنزين بسرعة، وولع فى كل الموجودين ودخل أوضته وقفل على نفسه بالمفتاح ورمى نفسه فى المنور ومات». وتضيف الابنة: «محمد أخويا كسر زجاج الباب برجله علشان يفتحه.. أوضته الوحيدة اللى بعيدة عن الحريق ومحصلهاش حاجة.. وقفنا فى الشباك والجيران فى الشقة اللى فى وشنا فضلوا يرشوا علينا ميه». وتتذكر «رورو» لحظة دخول خالتها «شيماء» التى حضرت لإنهاء الخلاف بينهما بصحبة زوجها «إسلام» 34 سنة، ونجلهما «آسر» 5 سنوات والنيران مشتعلة بظهرها حينما قامت وأشقاؤها بإلقاء بطانية عليها لإخماد النار. التواجد داخل الشقة المتفحمة فترة طويلة كفيل بأن يصيب شخصًا بالغا بالاختناق والإجهاد، وعلى الباب حضر جارهم «محمد عبدالله» ليصحبنا إلى شقته، مشيرًا إلى أضرار لحقت بمنزله من جراء الحريق. الذى أكد أن شقته «اتحرقت من النار.. أولادى ومراتى كانوا فى الشقة وجريوا مع اشتعال النيران.. حتى الآن المحارة والسقف بيفرقع من الحرارة حتى الشقة اللى فى الدور السادس هى كمان تضررت.. كنت موجود مع ضباط المباحث وعرفت أن الزوج جاب جركن بنزين وإسبراى وولاعة وحرق الشقة». وتجرى نيابة ثالث المنتزه تحقيقات موسعة فى الواقعة بإشراف المستشار أشرف المغربى المحامى العام لنيابات المنتزه والذى أمر بتشكيل فريق من النيابة لمتابعة التحقيقات وندب خبراء الأدلة الجنائية لمعاينة موقع الحادث ورفع آثار الحريق وتشريح جثث الضحايا والتصريح بدفنهم وسرعة إجراء تحريات المباحث حول الواقعة. كيف نجا زوج الخالة؟ واستمعت النيابة إلى أقوال زوج شقيقة الزوجة - الوحيد الذى تسمح حالته بسؤاله – قائلًا إنه تمكن من الهروب من موقع الحريق والتسلل إلى عقار مجاور، مشيرًا إلى هناك خلافات زوجية بين الزوجين وأنهم حضروا لمحاولة الصلح بينهم ومع إصرار الزوجة على موقفها بالانفصال فوجئوا بالزوج يحضر جركن بنزين يسكبه على نفسه ويشعل النيران.