ما يجرى الآن في قضية التمويل الأجنبي يعد صفعة كبيرة لنزاهة القضاء المصري وهيبته، كما يعد إهانة بالغة للشعب المصري، وأظن أننا يجب أن نتكاتف جميعا لوقف هذه الإهانة، ورد الصفعة لمن يحاول اللعب بهذا الملف، منذ يومين تقدم المستشار محمد شكرى المسئول عن نظر قضية المتهمين الأجانب والمصريين فى ملف التمويل غير القانونى للجمعيات الحقوقية، بمذكرة تنحى عن الاستمرار فى نظر القضية، جاء فيها (حسب المنشور فى جريدة الشروق): «بعد الاطلاع على الطلبات المقدمة من الدفاع الحاضر عن المتهمين الغائبين، بخصوص إلغاء قرار قاضى التحقيق بمنع المتهمين الأمريكيين من السفر، وبعد الاطلاع على المادتين، 388، 249 فقرة «2»، من قانون الإجراءات الجنائية، «وبعد الاتصال الوارد لنا من السيد المستشار عبدالمعز إبراهيم، رئيس محكمة الاستئناف، بإلغاء قرار منع المتهمين من السفر، وحيث كان محددا جلسة 29 فبراير لإصدار القرار الخاص بالطلبات السابق الإشارة إليها، وبعد المداولة قررت المحكمة أولا: تعجيل نظر الطلبات المشار إليها بجلسة الثلاثاء 28 فبراير 2012، ثانيا: إرفاق الطلبات المشار إليها والمؤشر عليها منا بالنظر فى القضية، ثالثا: قررت هيئة المحكمة التنحي عن نظر القضية برمتها، لاستشعار الحرج وترسل القضية برفقة الطلبات سالفة الذكر إلى محكمة استئناف القاهرة لعرضها على رئيس المحكمة للنظر وإحالتها إلى دائرة أخرى... التوقيع: المستشار محمد محمود شكري، رئيس محكمة وجنايات أمن الدولة شمال القاهرة». هذه المذكرة في ظني هي وسام على جبين القضاء المصرى، وفى الوقت نفسه هى حكم إدانة للنظام والحكومة المصرية. قبل شهر كتبت في هذه القضية وحذرت من استخدام ورقة التمويل الأجنبي في مناغشة الإدارة الأمريكية، وأشرت إلى أن النظام السابق كان يستخدم دائما ملفات مماثلة، وكان يوجه الاتهامات ، وبعد فترة يتراجع ويخلى سبيل من ألقى القبض عليهم، بسبب وصوله إلى ما كان يسعى إليه أو لضعفه أمام ضغوط الإدارة الأمريكية، وقبل شهر اتبعت حكومة الجنزورى نفس أسلوب النظام السابق، وبدأت في نصب سيرك التمويلات بتصريح للمستشار عبدالعزيز الجندي وزير العدل أكد فيه لإحدى الفضائيات أن الحكومة بصدد الكشف عن واقعة تلقى بعض المؤسسات أو الجمعيات الأهلية لمبالغ مالية، وأشار الوزير إلى تشكيل لجنة تقصى حقائق لكشف حقيقة هذه العمليات، قبل تصريح وزير العدل وجه اللواء الروينى إلى شباب جماعة 6 إبريل تهمة تلقي مبالغ مالية من دول أجنبية. وقد اشتعلت معركة التمويل الخارجي (العربي والأجنبي) عقب تصريح السفيرة الأمريكية الحالية بأن الحكومة الأمريكية أنفقت ما يقرب من 43 مليون دولار على الجمعيات الأهلية خلال فترة الثورة، وأشيع أيامها أن بعض الدول العربية اشترت سيارات من ماركة شهيرة وباهظة الثمن، وتم توزيع السيارات على حوالي 170 شاب من شباباً الثورة، وعقب تصريحات اللواء الروينى بأيام انتقلت معركة التمويل الأجنبي إلى الايميلات، ثم دخلت الوزيرة فايزة أبوالنجا على الخط، ووجهت اتهامات مباشرة للجمعيات، وأكدت أنها تلقت ملايين الدولارات بشكل مباشر من الخارج، ولكي تشحن المواطنين أكدت أن هذه الأموال كانت مخصصة من الإدارة الأمريكية للإنفاق على التعليم والصحة والمرافق، واشتعلت المعركة وصدرت قرارات الاتهامات بعد مداهمة بعض مقرات هذه الجمعيات، وخرجت مرة أخرى نفس الوزيرة وأعلنت تحدى الحكومة الأمريكية وإصرار مصر على معاقبة الذين عبثوا بأمن مصر. وبعد تأزم العلاقات بين مصر والإدارة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، تلقى المستشار محمد شكرى اتصالا لكى يسمح للمتهمين بالسفر للخارج، تماما مثلما كان يتبع خلال النظام الفاسد، أظن انه حان الوقت لكى نقف ونطالب بالتحقيق فى هذه الواقعة مع كل من ورط مصر فيها، ومع كل من يحاول النيل من كرامة المصريين ومن هيبة القضاء المصرى، وقبل كل هذا علينا أن نقف احتراما واجلالاً للمستشار محمد شكرى وهيئة محكمته الذين قالوا لا للتدخل فى أحكام القضاء.