تحولت مصر من محروسة إلي غاضبة خائفة بسبب السيطرة الواسعة التي يفرضها البلطجية علي شوارعها ودروبها.. حتي صار البلطجي الذي صنعته أجهزة أمن مبارك حاكما بأمره علي رقاب البلاد والعباد. قانون البلطجة صار يفرض نفسه علي الجميع بمن فيهم أصحاب الحقوق الضائعة الذين صارت الاستعانة بفرق البلطجية طريقهم الوحيد لانتزاع حقوقهم وفض منازعاتهم في غياب تام للشرطة. الإحصاءات الرسمية لوزارة الداخلية تؤكد وجود 92 ألفا و680 بلطجيا، ومسجل خطر ارتبطوا بجرائم العنف المتكررة في الآونة الأخيرة، وينظر القضاء عشرة ملايين قضية بلطجة وأصدر أحكاما تصل إلي مليون و300 ألف حكم وضعها أمام شرطة تنفيذ الأحكام التي لا تنفذ شيئا. انتشار ظاهرة البلطجة أدت إلي إنشاء شركات جديدة تعمل في الحراسة والاستشارات القانونية تتولي هذه الشركات تنفيذ الأحكام مقابل مبالغ مالية تحصل عليها. نشأة البلطجة الحقيقية بمصر كانت علي يد حبيب العادلي الذي اتبع سياسة جديدة كان مفادها أن يحصل علي خدمات البلطجي من خلال عمله كمرشد للمباحث ويحصل البلطجي علي الحماية اللازمة من الشرطة، ومع انكسار الشرطة تحول البلطجية إلي نهب ما تصل إليه ايديهم بترويع الآمنين والأخطر من ذلك تحول إناس عاديين إلي ممارسة البلطجة في ظل غياب الشرطة والعنف الذي أصبح السمة الغالبة في الشارع المصري وظهرت حوادث غريبة علي المجتمع كالسطو المسلح والقتل العمد بالشارع كما حدث في شارع جامعة الدولة العربية وتحولت مواقف السيارات إلي أوكار للبلطجية وتحول السائقون بالمثل إلي بلطجية يفعلون ما يحلو لهم دون رادع. ويؤكد إمام عبدالله موظف بشبرا الخيمة أن موقف السيارات بشبرا الخيمة تحول إلي وكر للبلطجة، فالأجرة يحددها السائق وليس المحافظة.. والأغرب أن ضباط المرور يقفون متفرجين ولا يقول أحدهم كلمة واحدة وإلا لقي ما لا تحمد عقباه، ويوضح أن الأمر أصبح في غاية السوء فسائقو السيارات يعملون ما يحلو لهم ويجبرون الجميع علي الرضوخ لطلباتهم. ويوضح إبراهيم أحمد طالب بشبرا الخيمة أن سائقي الميكروباص تحولوا إلي بلطجية وقال: لا نعلم من يحميهم وأصبح البقاء للأقوي والمواطن مغلوب علي أمره ومع أن الموقف لا يبعد كثيرا عن قسم شبرا الخيمة إلا أنه لم يحرك ساكنا نظرا لتجمع السائقين وتهديدهم لأي شخص يحاول التدخل. ومن شبرا الخيمة إلي موقف سيارات بولاق الدكرور والذي لا يبعد سوي أمتار قليلة عن إدارة مرور الجيزة، حيث تحول إلي وكر للبلطجية أغلقوا الشوارع دون أي معارضة من أحد. ويوضح رضا محمود «موظف» أن سائقي الميكروباص تحولوا إلي بلطجية في الفترة الأخيرة وأصبحوا يفعلون ما يحلو لهم ويحددون أجرة الركوب، كما يغلقون الشوارع وأصبحنا تحت أمرهم ولا نجد من نشكو إليه. ويؤكد عاطف محمد «موظف» أن السائقين تحولوا إلي بلطجية يأخذون ما يريدون من الركاب ولا أحد يستطيع أن يردعهم، وحدثت ذات يوم مشادة مع أحد السائقين أصيب علي أثرها ما يزيد علي عشرة ركاب بطلقات نارية لأنهم رفضوا أن يدفعوا أكثر من الأجرة المحددة من قبل المحافظة، وأضاف: الكلام عن البلطجية لا يخيفنا بعد أن أصبح الكل يعمل ما يحلو له ببلطجة دون أن يرجع أحد إلي القانون، وأضاف: أصبحنا في دولة البلطجة وليس دولة القانون والغريب أن الشرطة لا تحرك ساكنا. المواقف أصبحت عشوائية في أي مكان يحلو للسائقين وتحديد الأجرة أصبح في يد السائقين وليس المحافظة. من أغرب حوادث بلطجة السائقين حادث قتل وكيل أول وزارة الإعلام تحت عجلات القيادة لأحد سائقي الميكروباص لأنه قرر أن يحرر مخالفة لأحد السائقين الذي صدم سيارته فسارع السائق ليدهسه أمام الجميع، فيما حاول سائق آخر قتل ضابط شرطة لأنه طلب منه رخصة القيادة. وحدث ولا حرج عن حوادث الخطف والاغتصاب التي يقوم بها سائقو الميكروباص وكان آخرها حادث خطف صحفية بالجمهورية ولكنها استغاثت وأنقذها المارة بصعوبة بالغة. الخبير الأمني اللواء محمد إمبابي يري أن المشكلة في هذه الأزمة هي أن معظم السائقين وبنسبة تصل إلي 90٪ منهم مسجلون جنائيا، مضيفا: للأسف فإن المواطنين يرضخون لهم ورجال الشرطة لا يستطيعون ملاحقتهم بصورة مستمرة. وقال: للأسف لا يستطيع أحد إيقاف أو ردع هؤلاء إلا ضباط المباحث الجنائية لأن ضباط المرور يعجزون عن التصدي لهم لأنهم يحملون أسلحة وآلات حادة داخل سياراتهم وضباط المرور ينشغلون فقط بتفتيش السيارات الملاكي دون الميكروباص وصاروا مغلوبين علي أمرهم أمام سطوة بلطجية السائقين.