للطرف الأقوى الحق في تكسير عظام الأضعف واستعباده حسب قانون الغابة الذي اتخذ منه بعض الأزواج قانونا لحياتهم الزوجية، فيصبحون على إهانة زوجاتهم ويمسون على ضربهن بل وحرقهن في بعض الأحيان ، ضاربين عرض الحائط بوصايا الأديان السماوية فيما يخص حسن معاشرة الزوجة والرفق بالقوارير. فقد أثبتت الأرقام ارتفاع معدلات العنف في المجتمع المصري بصفة عامة وضد النساء بصفة خاصة، حيث أشار تقرير صادر عن مركز الأرض لحقوق الإنسان إلى مقتل 301 امرأة مصرية خلال عام 2009، موضحا أن 129 منهن قتلن نتيجة العنف الزوجي. من داخل دار إيواء المعنفات بمركز رعاية المرأة والطفل بالإسكندرية .. تستمع "بوابة الوفد" إلى شهادات النساء المعنفات لتفتح ملف العنف الأسري من جديد.. ضرب جماعي ليس الزوج وحده هو المخول بضرب زوجته.. بل أهله لهم نفس الرخصة والحق في إهانتها ، وهذا ما يحدث دائماً مع نجوان إحدى المعنفات بالمركز والتي لا يكف زوجها عن ضربها لأتفه الأسباب هو وأهله المقيمون معها بنفس المنزل لامتناعها عن خدمتهم. عيوب الزوج لم تقف عند حد العنف فقط بل الأهم كما تشكو الزوجة هو امتناعه عن الإنفاق على أسرته وأولاده الأربعة. ورغم ما تتعرض له من أذى تؤكد الزوجة المضروبة أن كل ما يؤذيها أن زوجها قادر على الإنفاق على الأسرة ولكنه لا ينفق إلا على نفسه ومزاجه فقط. فهو معتمد على مساعدات أهلها المالية لها، وآخر مرة ضربها فيها كانت بعد اكتشافها لعلاقاته النسائية مع الأخريات. وعن أسباب ضرب زوجها لها تقول نجوان: بيضربني على أتفه الأسباب، حتى لو طلبت منه مسحوق غسيل، حتى العيال بيضربهم من غير سبب، كان دايما يضربني ويغضبني عند أهلي بعد ما خلفت أول بنتين ويقول لي انت مبتخلفيش غير بنات ، وبعد ما خلفت الولدين برضه مبطلش ضرب. بعد تعرض نجوان لتلك الإهانات ضاقت بها الدنيا وقررت ألا تلجأ حتى لأهلها لأنهم دائمو الضغط عليها حتى تستمر في العيش معه ويتعللون بأولادها، فهي يتمية الأبوين وإخوتها غير أشقائها يساندونها مادياً فقط حتى تستمر في حياتها. تقول : حتى أبنائي الأولاد بدأت عدوى العنف تنتقل إليهم ويضربون أخواتهم البنات، لذلك تركت أولادي لأبيهم بعدما طردني في آخر مرة ضربني فيها، وجئت لدار الايواء ، زوجي لا يعرف مكاني الآن وأهلي فقط من يعرفون، ولن أعود إليه لأنه شكك في سلوكي بعدما تركت المنزل ولم أذهب إلى بيت أهلي. حب بالإكراه قد تدفع أنانية الزوج المرأة إلى حافة الانهيار النفسي، خاصة إذا كانت مصحوبة بعنف نفسي وجسدي ، ( ك، ع) بطلة إحدى مسلسلات العنف الأسري وجاءت إلى مركز رعاية المرأة والطفل تطلب المساعدة بكل خجل وشعور بالهوان. في البداية أكدت ( ك ، ع ) أنها لا تعاني إلا من مشكلة صحية فهي متزوجة منذ 5 سنوات ولم تنجب حتى الآن لأنها تعاني من مشاكل في الرحم وأجرت العديد من الجراحات طوال فترة زواجها ، كل أملها أن تحظى بنعمة الأمومة بعد أن أجمع الأطباء على وجود أمل كبير في شفائها بجراحة تتكلف حوالي 13 ألف جنيهاً، لكن المشكلة أنها لا تملك من هذا المبلغ جنيها واحدا لكثرة المصاريف الطبية التي أنفقتها منذ بداية زواجها. وبمجرد أن سألناها عن أحوال زوجها معها وهل هو متقبل الأمر أم يعنّفها انهمرت في بكاء حاد وقالت : " مشكلة جوزي مش في العيال مشكلة جوزي في العلاقة اللي بيننا.. دايماً بيضربني بسببها، أنا اتجوزت صغيرة ومحدش فهمني حاجة وكنت بخاف جداً من العلاقة الزوجية، وهو بيطلب حقه الشرعي كتير، ولما كنت بخاف واتردد كان بياخد حقه بالعافية وبعنف، بصراحة أنا عايزة أتعالج عشان أبقى أم، بس هو عايزني أتعالج لأني من كتر التعب مبقتش قادرة استحمل العلاقة الزوجية.. وهو مبيقدرش إني تعبانة أو مريضة ويفضل يضرب فيا وبيطردني بره البيت وطبعا مش بقدر أحكي لأهلي حاجة. وتصيح في حرقة.. نفسي حد يساعدني علشان اخلص من العذاب اللي أنا فيه. تأهيل نفسي وحرفي لا يقتصر دور مركز "رعاية المرأة والطفل على إيواء المعنفات فقط ، وإنما يساعدهن على اجتياز المحن النفسية ويعيد دمجهنّ في المجتمع من جديد بعد تلقي المساندة النفسية. هذا ما تؤكده زينب محرم ،رئيس المركز ، موضحة أنهم يهتمون برعاية المرأة والطفل على السواء حيث يحتوي الدار على حضانة لرعاية الأيتام ودمجهم مع الأطفال الأسوياء ، كما يضم أيضا مركزا حرفيا لتأهيل المعنفات لسوق العمل وتعليمهنّ الخياطة والتريكو حتى يستطعنّ مواجهة الحياة وكسب قوتهنّ بالحلال بعد التأهيل النفسي ، ومن تفشل في تعلم حرفة تعمل كعاملة في الحضانة. وتتابع الحاجة زينب كما يناديها النزلاء: المكان يستوعب حوالي100حالة، وليس هدف المركز إيواء المعنفات طيلة العمر ، وإنما تقديم الدعم النفسي والعلاجي لهنّ وتأهيلهنّ لتخطي الصعاب مع أزواجهنّ، وتعليمهنّ استراتيجيات إدارة الخلاف الزوجي، كما أن هدفنا الأول هو استمرار الحياة بدون عنف.. لذا نجري محاولات للصلح مع الزوج ونأخذ عليه تعهدا بحسن المعاملة، وإذا رفضت المعنفة الاستمرار مع زوجها نساندها حتى تجد مكان إيواء آخر. ويكون في استقبال المرأة المعنفة طبيب ومحامي وأخصائية نفسية وأخصائية اجتماعية ، وهم على استعداد للتعامل مع أي نوع من أنواع العنف شرط ألا تكون في الأساس مريضة نفسياً وألا يكون لديها مكان إيواء آخر، وإذا كانت مريضة جسمانياً أو نفسياً بسبب العنف الذي تعرضت له يتولى المركز علاجها. حرق مع سبق الإصرار وتفيد رئيس مركز حماية المرأة والطفل أنهم يحرصون على عمل بحث اجتماعي لتحري صحة ادعاءات المرأة المعنفة ، كما يقومون بتحرير محضر إثبات حالة بقسم الشرطة حتى لا يتهم أحد المركز باستقطاب النساء والعمل على هدم الأسرة ، بالإضافة إلى محضر فحص حالة وفيش وتشبيه لضمان السلامة. وتنهي حديثها لافتة أن عنف الأزواج وصل إلى منتهاه وهذا ما تثبته المآسي التي ترد إليهم، فتروي أنه جاءتهم ذات مرة امرأة سكب عليها زوجها "السبرتو" وأشعل فيها النيران، ولم يجد جيرانها وسيلة لإنقاذها إلا لفها في بطانية حتى وصلت سيارة الإسعاف، ونتج عن ذلك التصاق ذقنها وذراعها في جسمها، وأجري لها المركز 7 جراحات حتى تم فصل ذراعها وذقنها ، وبقيت في الدار لمدة عامين تلقت فيهما العلاج وتعلمت حرفة ثم انتقلت إلى مسكن مستقل هي وأولادها الخمسة.