بدأت التوترات تنشب في العلاقات الروسية القطرية عندما اعتقلت قطر عميلين روسيين مشتبه فيهما في مؤامرة اغتيال الزعيم الشيشاني المنفي سليم خان نيدر باييف عام 2004 بعد أن كانت تتمتع كلتا الدولتين بعلاقات وثيقة منذ اعتراف قطر الرسمي بروسيا عام 1991. وتوالت التوترات فيما بينهما وازدادت حدتها بين البلدين في أوائل ديسمبر الماضي عندما صرحت وزارة الخارجية الروسية تقليص مستوى التمثيل الدبلوماسي مع دولة قطر بسبب المعاملة السيئة التي تعرض لها "فلاديمير تيتارينكو" السفير الروسي في مطار الدوحة. وتجلت المشاحنات الداخلية بين البلدين في كواليس جلسة روسيا بمجلس الأمن عندما وجه "حمد بن جاسم"، رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر، كلامه بنبرة تحذيرية ل"فيتالي تشوركين"، مندوب روسيا في مجلس الأمن قائلا: أحذرك من اتخاذ أي فيتو بخصوص الأزمة في سوريا، وعلى روسيا أن توافق على القرار وإلا فإنها ستخسر كل الدول العربية. وجاء رد "تشوركين" الذي يتسم بهدوء أعصاب بقوله: "في حال عودتك التحدث معي بهذه النبرة مرة أخرى، فلن يكون هناك شيء اسمه قطر بعد اليوم على الخريطة"، في مشادة هلى الأولى من نوعها. وتابع تشوركين تهديده لرئيس وزراء قطر قائلا: "أنت ضيف على مجلس الأمن فاحترم نفسك وعد لحجمك وأنا أساسا لا أتحدث معك أنا أتحدث بإسم روسيا العظمى أي مع الكبار فقط". وجاءت هذه المشادة بمجرد استخدام روسيا والصين حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لإحباط مشروع قرار يدين القمع في سوريا، وبرر "تشوركين" استخدام بلاده للفيتو ضد القرار، بأن مشروع القرار حول سوريا لم يكن متوازنا. واضاف تشوركين أن النص يدعو إلى تغيير النظام ويوجه رسالة غير متوازنة إلى الطرفين "النظام والمعارضة" مؤكدا أنه لم يكن يعكس واقع الوضع في سوريا، وأنه تم إدخال بعض التعديلات التي طالبت موسكو بإدخالها على النص في اللحظة الأخيرة، متهما الغربيين بعدم ابداء مرونة في المفاوضات. وأكدت منظمة العفو الدولية المختصة بالدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم إدانتها لاستخدام الصين وروسيا حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، وقالت في بيان لها: "قرار روسيا والصين باستخدام الفيتو لوأد مشروع قرار ضعيف يصدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا يعد خيانة للشعب السوري، وذلك بعد يوم واحد من شن الجيش السوري هجومًا عنيفًا على المناطق السكنية في حمص خلَّف سقوط العشرات من القتلى". وصرح الأمين العام لمنظمة العفو الدولية سليل شيتي بأن هذا استخدام غير مسئول بالمرة لحق النقض من قبل روسيا والصين، كما يعد أمرًا صادمًا لأنهما حالتا دون المصادقة على ما كان مشروع قرار ضعيف جدًّا بالفعل، مضيفا: "ما يزيد من صدمة تصرفات هذين العضوين هي أنها جاءت بعد ليلة شاهد فيها العالم بأكمله ما تعانيه مدينة حمص السورية". إلى ذلك، أعرب نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين السورية محمد فاروق طيفور عن خيبة أمله من استخدام روسيا والصين "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد قرار يدين القمع في سوريا، واتهم موسكو وبكين بأنهم أصبحوا شركاء في جرائم النظام السوري. وقال طيفور: "استخدام الفيتو سيكون له تداعيات مستقبلية خطيرة على مصالح روسيا والصين في العالمين العربي والإسلامي". ودعا الدول العربية والإسلامية إلى طرد سفراء سوريا لديها والاعتراف بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري.