تتوالى الضربات التي يتلقاها تنظيم داعش الإرهابي في الآونة الأخير، حيث تلقى أكبر هزائمه في مدينة الموصل العراقية بعد تحريره منه أول أمس، كما أنه يواجه حربًا قوية في معقله بمدينة الرقة السورية وتتساقط عناصره في ليبيا يومًا بعد الآخر، الأمر الذي يهدد بقائه التنظيمي والتكتيكي مستقبلًا. ورغم الهزائم التي يتلقاها داعش واحتمالات تفتته، إلا أن ذلك لا يعني القضاء على خطورته، ولكنه يزيد من مخاوف عودة التنظيم إلى تنفيذ العمليات الإرهابية بطريقة الذئاب المنفردة كما كان يفعل في الماضي. ذلك الأمر الذي أشارت إليه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير بالأمس، حيث قالت إن التنظيم بدأ في العودة إلى طريقة الذئاب المنفردة, مثلما كانت استراتيجيته قبل تأسيس خلافته المزعومة, خاصة وأن التنظيم لا يزال يحتفظ بالقدرة علي الوصول لمؤيديه واحتفاظه بأيديولوجية تمكنه من تحفيزهم لشن هجمات إرهابية حول العالم. ويُعرف الذئاب المنفردة بأنهم مجموعة من المتطرفين في دول لا تقع تحت سيطرة التنظيم الإرهابي الذي ينتمون إليه، ويستطيع هؤلاء باستخدام أدوات بدائية تصنيع قنابل شديدة الانفجار، وتنفيذ عمليات إرهابية منفردة وليس بشكل تنظيمي. وفي هذا السياق، رأى اللواء أحمد يوسف عبد النبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أنه لا شك في أن تنظيم داعش سيعمل على زيادة عملياته الإرهابية الفترة المقبلة عن طريق الذئاب المنفردة، بعد تضييق الخناق عليهم في الموصل والعراق. وذكر في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، أنها تقوم بتلك العمليات في مصر وليبيا وغيرها من الدول الأوربية، معتبرًا أن لجوئهم إلى تكثيف العمل بالذئاب المنفردة لكي يثبتوا أنهم لا يزال لهم تواجد وأن التنظيم لم ينتهي بعد. وبين عبد النبي، أن القضاء على داعش ومواجهة الذئاب المنفردة يحتاج إلى المواجهة الأمنية والفكرية للفكر المتطرف الذي يسعى للسيطرة وجذب ضعاف العقول، من خلال أصحاب الفكر وعلماء الدين ورجال التربية والتعليم والفن. وأضاف أنه على مستوى الدولة المصرية فإنها تعمل على المواجهة، وقاموا بنجاحات كبيرة الفترة الماضية وتقوم بردود قاسية مثلما حدث بعد الهجوم الارهابي الأخير على رفح، مشيرًا أن مصير هذه التنظيمات هو الانتهاء، لأنه على مدار التاريخ لا يوجد تنظيم إرهابي تمكن من أن يهزم دولة. قال سامح عيد، الباحث المتخصص في شئون الحركات الإسلامية، إن عناصر تنظيم داعش التي كانت تتواجد في مدينة الموصل لن تتحول إلى ذئاب منفردة، ولكنها ستظل كتائب كبيرة، حيث سيتجهون إلى الأماكن التى تشهد اضطرابات مثل اليمن والصومال والصحراء. وأوضح في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، أن داعش من الممكن أن يلجأ إلى حرب العصابات في الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن الذئاب المنفردة تتلخص في الانتماء الفكري وعدم الترابط التنظيمي. وأوضح عيد أن مواجهة الذئاب المنفردة والقضاء عليها يحتاج إلى مواجهة أمنية واختراق التنظيمات الإرهابية التي ينتمي إليها، فضلًا عن أهمية المواجهة الفكرية، مؤكدًا أنه ليس هناك بديلًا عن الاختراق وإلا سنظل نُفاجيء من ضرباتهم. ويذكر أول ظهور لاستراتيجية "الذئاب المنفردة" الذي يتبناه تنظيم داعش، كان في العام 2010 من قبل تنظيم القاعدة، الذي كان يُطلق عليه "الجهاد الفردي"، وفي 2014 دعا المتحدث باسم تنظيم داعش أبو محمد العدناني، المتعاطفين مع التنظيم إلى قتل رعايا دول الائتلاف في أي مكان وبأي وسيلة متاحة. كما استخدم أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش مصطلح الذئاب المنفردة في منتصف نوفمبر 2014 خلال دعوته إلى استهداف المواطنين الشيعة في السعودية، كما توعد التنظيم في يوليو 2016 بحرب جديدة تحت عنوان "الذئاب المنفردة"، وعبر مؤسسة دابق الإعلامية.