باقٍ من الزمن 48 ساعة ويحين الموعد المرتقب ويكتمل مرور عام كامل علي اندلاع ثورة 25 يناير المجيدة. يكتمل العام ولا تكتمل الثورة، فالثورات تكتمل - ولو بعد سنين - باكتمال تحقيق أهدافها، وهذا لم يحدث بعد. المتحمسون للاحتفال بعيد الثورة والداعون له يقولون - وبحق - ان الثورة أسقطت أركان النظام: الرئيس والوريث والحزب الحاكم والحكومة والمجالس التشريعية والمحلية، وان هذا يكفي الآن في ظل الفترة الانتقالية التي يتولي فيها المجلس الأعلي للقوات المسلحة حكم البلاد وحكومة انقاذ مؤقتة أيضا لحين تسليم السلطة إلي المدنيين أول يوليو. والرافضون للاحتفال يقولون - وبحق أيضا - كيف نحتفل ودماء الشهداء والمصابين لم تجف بعد والذين أراقوا دماءهم مازالوا طلقاء. أما الذين وراء القضبان في طرة أو وراء القفص في المحكمة فقد طال الأمد بهم وتميعت المواقف القانونية والإعلامية، بسبب ترهل الإجراءات وكثرة التأجيلات وألاعيب استغلال ثغرات القانون. وإن طول أمد المحاكمات وتمديد الفترة الانتقالية قد تسبب في تحويلات في التعاطي مع الثوار وانقلب الاحتفاء بهم إلي اتهامهم بالبلطجة والتخريب ومن ثم محاكمتهم هم بدلا من محاكمة رؤوس الفساد والاغتيال. ويقف المصري الوسطي حائرا. فللأسف انقسمت مصر إلي فسطاطين: ثورة وثورة مضادة! ومع ذلك فلو حصرنا خلاف اليوم بين نحتفل أم لا نحتفل فإني مع المتفائلين أقول الثورة مستمرة وأنا مع الاحتفال بشرط أن يكون احتفالا مهيبا يليق بجلال المناسبة. فقد سقط من أجل الوطن شهداء ينبغي توقير ذكراهم، وتضرج جرحي بدمائهم وفقد الكثيرون عيونهم وأرجلهم وأيديهم وعائلهم ووحيدهم فكيف نقيم مهرجانا غنائيا مظهريا يذكرنا باحتفالات أكتوبر إياها وتلك الأوبريتات المنافقة التي سرعان ما تتبدد بعد سماعها وتذوب مثلما تذوب مناديل الكلينكس المستعملة. واتصور ان نقيم يوما لتخليد الثورة والثوار تبدأ الوقائع فيه بتلاوة من القرآن الكريم يليها قداس حدادا علي أرواح الشهداء بحضور أسرهم. ثم يتحدث أحد رموزهم وليكن د. أحمد حرارة. ثم يتم تقديم سجل مصور للشهداء والمصابين علي يمين الميدان ويقابله في يسار الميدان سجل مصور للمتهمين ورموز الفساد المحاكمين والمطلوبين للمحاكمة، ثم يتم رفع لافتة موحدة بمطالب الثوار التي تنتظر التحقيق الفوري.. ثم فقرة تتم فيها إعادة عرض لهتافات ولافتات وكاريكاتيرات واسكتشات يناير 2011 نسترجع بها روح الثورة وكانت تضم إبداعات مدهشة من الشعر والزجل والفن التلقائي ولوحات ولمحات ملهمة ثم إعلان توحيد الائتلافات.. في تنظيم ثوري واحد وقبل ان يندس المندسون ويتآمر المتآمرون ادعو الثوار الي الانصراف وعدم الاعتصام بعد ان يسجلوا احتفالا حضاريا مهيبا بثورتهم وانهم إنما حضروا تجديدا لمطالب الثورة وأعلنوا موقفهم وهذا يكفي الآن. بعدها يكون لدينا رئيس مدني منتخب، وعلينا بالصبر من أجل مصر هذه الشهور القليلة التي لا تعد شيئا مذكورا في تاريخ الشعوب. الصبر الصبر إلي ذلك الحين وإذا لم يتحقق سنخرج جميعا وسنعود إلي الميدان، ويومها سأكون أولكم!