أمام البرادعى الآن بعد أن تخفف من أعباء الترشح خيارات عديدة يستطيع من خلالها العمل علي تحقيق أهداف الثورة والنزول بأفكاره من تحليقها الفضائى فى العالم الافتراضى إلي الأرض، وبين الناس خاصة مع الشعور الطاغى بين جموع المصريين بأننا سنظل فى مراحل انتقالية أخري حتى بعد تسليم «العسكرى» للسلطة، فالمجلس المنتخب مهدد بالحل خاصة لو جاء الدستور الجديد بمواد تتناقض مع استمراره كإلغاء نسبة العمال والفلاحين مثلا. ويمكن للدكتور البرادعى أن يعيد إلي مصر قدرتها علي الحلم إذا تخلى عن اسلوبه القديم بالانسحاب داخل فيلته والاكتفاء بالنضال عبر عدة كلمات محدودة علي «تويتر». الأيام القادمة شاقة علي البرادعى إذا آراد الاحتفاظ بصورته النبيلة فى نفوس الكثيرين كمفجر لثورة 25 يناير وواحد من عقول مصر التي نحتاجها فى المرحلة القادمة. الثورة المصرية قدرها أن تكون ثورة ممتدة لن تكتمل بسهولة وانما بنضال طويل لإزالة جبال الاستبداد، وتغيير المفاهيم المغلوطة فى المجتمع. الثورة مثل البرادعى كلاهما تنقصه اشياء ليكتمل.. البرادعى كما قلنا ليس مقاتلاً والثورة جاءت هادئة سلمية تسعى لتحقيق أهدافها بالتدريج. ثورة كهذه ورجل كهذا قد يصلان إلى غايتهما أو لا يصلان.. وكلاهما يحتاج نفسًا ثوريًا جديدًا يعيدهما إلينا البرادعى والثورة معًا. قد يرى البعض أن البرادعى ليس هو كل الثورة،وأن 25 يناير نفسها مجرد حلقة من حلقات طويلة من نضال سياسيين مصريين وأجيال سعت إلي التغيير، ومهدت الأرض للثورة فى مراحلها الأخيرة، وهو كلام حقيقى لا جدال فيه، ولكن ميزة الرجل أنه ظهر فى لحظة يأس بعد أن فشلت كل الأجيال المتعاقبة فى التغيير، وقال جملته الشهيرة: «أثق فى الشباب والتغيير قادم» لسوء حظ مصر أن البرادعى ذلك الرجل الاستثنائى ليس مقاتلاً أو زعيمًا كارزميًا يخرج إلي الناس فتتعلق به الأفئدة. ظل البرادعى منذ 25 يناير حبيسًا فى منزله طواعية يكتفى بالصراخ والتحذير كلما رأى الثورة تنحرف عن مسارها الصحيح إلي أن اتخذ قراره الأخير بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة، والعودة إلي الثورة التي لم تحقق أهدافها وتحاصر محبيها الشكوك فى إمكانية الوصول إلى الهدف الرئيسى بانتقال السلطة من العسكر إلي المدنيين. البرادعى باختياره الجديد قيمة مضافة للحياة السياسية بشرط أن يتحول إلي برادعى جديد مناضل مستعد لدفع الثمن للوصول لأهدافه. -------- ياسر شورى