أكد الدكتور علي جمعة - مفتي الجمهورية - أن دولة الإسلام هي دولة العدل وأنه لابد أن يكون العدل في جميع المناحي، مضيفا أن العدل يبدأ في ساحة القضاء ويمتد ليشمل العدل الاجتماعي، والمساواة بين الناس، ورعاية الغني الفقير، وأن العدل هو أساس الملك، وأنه لا تبقى أمة ظالمة لنفسها، يضيع فيها حق الضعيف. وأوضح المفتي في خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد فاضل بمدينة السادس من أكتوبر أن علماء الإسلام فضلوا الحاكم الكافر العادل على المسلم الظالم، ذلك لأن الكافر العادل أستفيد منه أما المسلم الظالم فيهلك الدنيا والآخرة، مشيرًا إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الظلم ظلمات يوم القيامة". وأضاف أن أساس العدل وبناءه في المجتمع يبدأ من القاضي، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرسى القواعد في بناء شخصية القاضي المسلم لأنه هو الأسوة الحسنة، الذي سيقلده الحاكم والمحكوم، وأضاف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "القضاة ثلاثة، اثنان في النار، وواحد في الجنة، وهو رجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى بين الناس بالجهل فهو في النار، ورجل عرف الحق فجار في حكمه فهو في النار" . وأوضح المفتي أن مسئولية القاضي كبيرة وخطيرة، مما يزيد العبء على كاهل القضاة، وشدد على أن يكون قلب القاضي معلقا بالله، ذاكرًا لمولاه، وأضاف أن الوالي من وظائفه أن يتخير القضاة وأن يختبرهم ويرعاهم، مشيرًا إلى أن كتاب سيدنا علي بن أبي طالب إلى مالك ابن الأشتر والي مصر، يمكن أن يصلح دستورًا لمصر كما أكد الشيخ الإمام محمد عبده الذي توفي عام 1905، والكتاب يقول: "ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور، ولا يمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة, ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه" وذكر أن التاريخ الإسلامي سمي بدولة العدل والقضاء وكان القاضي عندنا في التاريخ له "شنة ورنة"، وكان يحاول أن يكون من أهل الجنة، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " لا يحكمن حكم بين اثنين وهو غضبان". وأضاف أن الله من على مصر بأن القضاء فيها ما زال متماسكًا، داعيا الله للقضاء المصري والقضاة بمزيد من التماسك؛ لأنهم هم الأمل في شيوع العدل الذي سيتحول بعد ذلك إلى عدل في الاقتصاد والسياسة والاجتماع. وأشار المفتي إلى أن القاضي الذي تتوفر فيه هذه الشروط تراه وكأن عمودًا من النور ينزل من السماء عليه، ذلك لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي ذر الغفاري: "من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن أجبر عليه ينزل الله عليه ملكًا ليسدده"، وكان عمر بن عبد العزيز يقول: " لا يصلح للقضاء إلا القوي على أمر الناس، المستخف بسخطهم" ، وأشار إلى أنه تحدث عن شخصية الفارس النبيل وأنه الأمل فينا في قابل الأيام، كما أنه تحدث عن فعل الخير والعطاء، وأنه عنصر آخر في بناء الشخصية التي نريد أن نرجع إليها وأن تشيع فيما بيننا، كما تحدث عن العالم الذي يدرك شأنه ويعلم زمانه، وهو جزء لا يتجزأ من إنسان الحضارة ، وأضاف أنه لا يجوز التعقيب والاعتراض على حكم القاضي لا شرعًا ولا قانونًا، وإنه إذا كان هناك خلل في الحكم فقد اخترع المسلمون التدرج في الأحكام، فهناك محاكم ابتدائية واستئناف ونقض، حتى ينظر قاض آخر في الشكل والمضمون حتى يتم العدل لأن العدل هو أساس الملك.