أطالع مع الملايين أخبار جرائم القناصة ضد الثوار من 25 يناير حتي ديسمبر من عام 2011 وأندهش وأقشعر من بشاعة اصطياد عيون الثوار وعلي رأسهم د. أحمد حرارة الذي قنصوا عينه اليمني يوم 28 يناير وعينه اليسري في اعتصام شارع محمد محمود في نوفمبر وغيره عشرات الثوار. وقد اشتهر واحد من هؤلاء القناصة بالذات بفيديو مشهور تسرب إلي «النت» وهو يعود إلي موقعه بعد قنص عين أحد المتظاهرين وصوت آثم منافق يقول له «جدع يا باشا جت في عين أمه» علي ما يظهر في الفيديو. يا للبشاعة، ما هي العقيدة الشرطية التي تحكم هذا الضابط وأمثاله؟.. ومن الذي دربه علي قنص العيون بدلاً من الضرب في الهواء أو بالكثير الضرب حول القدمين؟.. من الذي ملأ صدور هؤلاء بالشراسة والغل تجاه أبناء بلدهم الذين من حصيلة ضرائبهم يتم الإنفاق علي تعليم وتدريب هؤلاء وتجهيزهم بأسلحة القنص والتنكيل؟.. ومن الذين أوهم أن هؤلاء الثوار هم من البلطجية؟.. والله حتي البلطجي يكفي القبض عليه وتقديمه إلي المحاكمة دون تنكيل، وذلك مع تسليمنا أن هناك بعض البلطجية اندسوا بين الثوار بفعل فاعل، ومع تسليمنا أن معظم رجال الشرطة من الشرفاء، ولكن ما هكذا تورد الإبل أيها المفترون! وبمناسبة الإبل، كنت أقرأ في «تاريخ التمدن الإسلامي» لجورجي زيدان، وفوجئت أن لهؤلاء القناصة أجداداً تعود أصولهم إلي الجاهلية!.. واقرأوا معي هذه الصفحة التي نقلها زيدان عن «العقد الفريد» لابن عبدربه: «أشهر أسلحة العرب في جاهليتهم السيف والرمح والقوس والترس، وأهمها القوس حيث كان لهم بالقوس مهارة عظيمة، لحدة أبصارهم نتيجة لسكني البادية، ولأنهم أحوج إليها من سائر الأسلحة، فقد كانوا يستخدمونها في صيد الغزلان، فضلاً عن الحرب والطعان، وبلغ من مهارتهم في النزع بالقوس ما يكاد يفوق طور التصديق، حتي ولو أراد أحدهم أن يرمي إحدي عيني غزال دون العين الأخري لرماها، ولذلك يسموا مهرة الرمي «رماة الحُدق» - جمع حدقة - وكان أحدهم يعلق ضباً بشجرة، ثم يرميه بالنبال فيصيب أي عضو شاء من أعضائه، حتي يرمي فقراته فقرة فقرة فلا يخطئ واحدة منها، فلما جاء الإسلام كانت مهارتهم هذه من جملة ما ساعدهم علي غلبة الروم لأن هؤلاء لم يحسنوا رميها».. انتهي. يا للبشاعة، وناهيكم عن الضب ولكن ما بالكم بضرب عيون الغزال وهي أجمل ما في هذا الحيوان الوديع البريء؟! إذن يا سادة جاء الإسلام مطهراً لقلوب الجاهليين ومهذباً لقسوتهم ومرققاً لقلوبهم، فاستغلوا مهارتهم في هزيمة الأعداء وليس في قتل أبناء حماهم أو تشويه واغتيال غزلانهم، أما أحفادهم الذين يعيشون بين ظهرانينا منذ عقود فلم يهذب أخلاقهم دين ولا وطنية ولم تصل الإنسانية حتي إلي قلوبهم ولم تنزع الغل من نفوسهم، فوجهوا طلقاتهم إلي أبناء وطنهم الذين كان من المفترض أن يحرسوهم.. يا للعار!