الذي يجب أن يعلمه الإسلامي والمسيحي والليبرالي والعسكري والعلماني والديمقراطي والناصري في هذه البلد، أن حرية الصحافة والإعلام هي العمود الفقري للديمقراطية والتعددية، وهى الطريق الوحيد إلى الدولة المدنية المتقدمة، وأن شعب بلا صحافة وفضائيات حرة هو شعب متخلف يعانى القهر والفساد والديكتاتورية، والذي يجب أن يعلمه الجميع كذلك ويكون على يقين منه أنه لا تقدم علمي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي في ظل صحافة وإعلام مكبل، وأن الحريات في أي مجتمع تبدأ من الصحافة والإعلام. هذه الكلام أقوله بمناسبة تصريح الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين لجريدة القبس الكويتية، الحاج محمود كشف الأسبوع الماضي للجريدة عن قيام الجماعة بوضع مسودة لمشروع دستور البلاد القادم، وأهم وأخطر ما قاله الحاج محمود فى تصريحه للجريدة الكويتية، أن جماعة الإخوان قامت بإلغاء المادة التي نصت على أن الصحافة سلطة رابعة من مشروع الدستور المقدم من الجماعة، لماذا يا حاج محمود؟، لأن السلطات (على حد قوله للجريدة) ثلاث فقط: التشريعية والقضائية والتنفيذية، «فلماذا تكون في مصر الصحافة سلطة رابعة؟». تصريح الحاج محمود هذا يكشف لنا عن نوايا جماعة الإخوان تجاه حرية الصحافة والإعلام بشكل عام، فاستمراره حرا بدون تدجين خارج الحظيرة سوف يعيق خططهم في السيطرة على البلاد، كما انه سيمنعهم من تدجين الشعب المصري مرة أخرى وإعادته إلى حظيرة الصمت التي عاش تحت سقفها خلال ستين سنة، الإخوان على يقين أن الوضع اختلف كثيرا عن أيام الرئيس مبارك، وأن الشعب المصري بعد الثورة لن يقبل دخول حظيرة الصمت مرة أخرى عن طريق قهر وعنف الأجهزة الأمنية، من هنا فكر الإخوان في حيلة جديدة لتدجين الشعب، هذه الحيلة تتلخص في التدجين باسم الدين، بالحلال والحرام، بالكتاب والسنة، حيث ينتظر خلال الأيام القادمة أن تنتج جماعة الإخوان بالاشتراك مع جماعة السلفيين، العشرات من الفتاوى التي تحرم النقد والنقاش فى الصحف والفضائيات، على خلفية أنها نوع من أنواع اللدد أو الجدل العقيم الذي قد يؤدى إلى الفتنة بين المسلمين. قبل عدة شهور، جماعة الإخوان صاغت وثيقة مبادئ سياسية دستورية وقع عليها أربعون حزبا، هم أحزاب التحالف الديمقراطي، تضمنت الوثيقة المادة رقم «13» الخاصة بالصحافة والإعلام، الإخوان حاولوا فيها إدخال الصحافة إلى الحظيرة، وذلك بفرض قيود لم تعهدها الحياة السياسية من قبل، حيث سمحوا بتعطيل ومصادرة الصحف والفضائيات بحكم قضائي، ليس هذا فقط بل منحوا الحكومة كذلك حق فرض الرقابة على الصحف والفضائيات، تماما مثلما كان يحدث أيام الرئيس عبدالناصر بعد النكسة. هذه المادة انتقلت بعد عدة أسابيع بنصها إلى وثيقة د.على السلمي نائب رئيس الوزراء آنذاك، والطريف أن السلمي قام بإضافة تعديل بسيط جدا للمادة، وهو إدخال حرية الإبداع والأدب والفكر والفن ضمن حظيرة قيود الصحافة والإعلام، وقد رفضت الوثيقة أيامها ليس بسبب محاولة إدخال الصحافة والإعلام والأدب والفكر إلى الحظيرة، بل للامتيازات التي منحها السلمي للجيش بالدستور. اليوم جماعة الإخوان تعيد الكرة مرة أخرى وتلوح بالحظيرة، وأكدت على لسان الحاج محمود أنها سوف تدجن حرية الصحافة والإعلام، والبداية بإلغاء جميع الامتيازات الممنوحة للصحافة فى الدستور، من الذي أعطى الإخوان المسلمين هذا الحق؟، وهل الثورة قامت لكي نحقق مكتسبات جديدة أم لكي نتقهقر وننتكس للخلف؟. من هنا أخاطب نقابة الصحفيين، ممثلة في نقيبها ومجلسها الموقر، وجموع الصحفيين، أن نقف جميعا صفا واحدا، ونتصدى لكل من يحاول الزج بحرية الصحافة والإعلام إلى قلب الحظيرة، وأقترح أن تشكل لجنة من شيوخ الصحفيين وأساتذة القانون والمجتمع المدني ، لوضع المواد التي تناسب حرية الصحافة والإعلام فى الدستور القادم، وأن نتمسك بالصياغات التي اتفقنا عليها ونحرص على كتابتها بالدستور، كما تقوم هذه اللجنة بإعداد مشروع قانون للصحافة وكذلك للإعلام، وإعداد ميثاق أخلاقي يتناسب وقيم المجتمع قبل أن ندخل الحظيرة.