تستأنف بعد غد محكمة جنايات القاهرة بأكاديمية الشرطة برئاسة المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة الاستماع للمرافعة الأولي للمدعين بالحق المدني في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية السابق ونجلاه علاء وجمال وحبيب العادلي وزير داخليته و6 من كبار مساعديه، لم تستجب المحكمة لاعتراض سامح عاشور، نقيب المحامين ورئيس هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني علي قصر مدة المرافعة، وطلب من هيئة المحكمة ثلاثة أيام لكثرة المدعين بالحق المدني، إلا أن المحكمة رفضت ورأت أن يوميين يكفيان للمرافعة. أثارت مرافعة النيابة جدلا واسعًا واعتبرها البعض خدمة للمتهمين ولم تقدم أي أدلة إدانه واصفين المرافعة بأنها مجرد خطاب وصفي. ويري زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة السابق أن مرافعة النيابة تؤكد أن رجال النظام السابق عملوا بكل جد لطمس الأدلة والقرائن علي ارتكاب النظام السابق لجرائمه العديدة قبل وأثناء وبعد الثورة، وكان من الضروري محاكمة مبارك وأعوانه محاكمة سياسية لأنه ارتكب جرائم وقتل مصر وشعبها سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا علي مدار ثلاثين عامًا، وأضاف عبدالعزيز أن النيابة فشلت في أول اختبار لها بعد قيام ثورة 25 يناير وقدمت الدليل ضد نفسها فالاستعجال في إجراءات المحاكمة خاصة مع اقتراب ذكري اندلاع الثورة واعتزام أهالي الشهداء القصاص لذويهم بأيديهم بعد تبرئة ضباط قسم السيدة زينب، جعل النيابة والتي لم تكن جاهزة للمرافعة تركز علي الجانب السياسي أكثر من الجانب الجنائي، ما قامت به النيابة من معاينات تم بعد مرور فترة زمنية طويلة أتاحت الفرصة لإخفاء الأدلة وإزالتها، وأعطي الفرصة لوزارة الداخلية لتزوير أوراق لمساندة رجالها. ويري المستشار أحمد مكي، رئيس محكمة النقض سابقًا، أن النيابة قدمت مرافعة ذات فنيات عالية رغم أنها جمعت الأدلة بمفردها وبالرغم من كل ما عانته ترافعت النيابة في الواقعة الإجرامية بالكامل، وتناولت كل أدلة الثبوت، وشهادة الشهود واستندت في إثبات الوقائع إلي شهادات ضباط شرطة ومصابين وأسر شهداء، وأروع ما كان بالمرافعة هو عرض سيديهات وشرائط في حضور المتهمين للشرطة وهي تطلق النار علي المتظاهرين، وأكد نجاح النيابة أثناء مرافعتها في اثبات جميع الوقائع الإجرامية التي ارتكبها المتهمون وتورط حبيب العادلي والرئيس المخلوع فيها. وقال المستشار مصطفي خاطر، المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة، إن شهادة الشهود من ضباط الشرطة تقطع بأن الأوامر والتعليمات الصادرة من اللواء أحمد رمزي مساعد وزير الداخلية قائد قوات الأمن المركزي قامت بتزويد قوات الأمن بالأسلحة الآلية والخرطوش، وتم استخدام تلك الأسلحة بالتعامل مع المتظاهرين وفقا للموقف وما يتراءي لهم علي النحو الذي من شأنه منع المتظاهرين من الوصول إلي ميدان التحرير بالقاهرة والتجمع فيه، ومنعهم في بقية المحافظات من الوصول إلي الميادين والساحات العامة، وشهادة الشهود تؤكد ذلك. وقال الدكتور سمير صبري أحد المحامين عن المدعين بالحق المدني: إن مرافعة النيابة جاءت قوية جدا واستدلت النيابة بأدلة شهود قوية كانت قاطعة لإدانة المتهمين، ومنها الشرائط التي عرضتها النيابة واثبتت بالصورة أن عمليات قتل المتظاهرين تمت علي يد رجال الشرطة، كما أن صور قناصة الداخلية علي أسطح العقارات كذبت جميع الشهادات السرية لعمر سليمان ومحمود وجدي ومنصور عيسوي. وأكد الدكتور أحمد محمد نصار شقيق الشهيد «إيهاب» أن مرافعة النيابة لمست الحقائق التي حدثت بالكامل وخاصة عندما طرحت سؤالاً عن القاتل أنه لا يستطيع فعل ذلك إلا بأمر من قادته، وهذا يؤكد أن الضباط صدرت لهم أوامر من حبيب العادلي الذي لا يستطيع أن يتخذ قرارًا بهذه الخطوة دون الرجوع لرئيس الجمهورية، وأقل ما يجب في معاقبة هؤلاء القتلة هو الإعدام شنقًا لكل من شارك في هذه الجريمة أو أصدر تعليمات بفعلها، وأضاف «نصار» أن المشكلة في أدلة الاثبات التي استطاع رموز النظام البائد أفسادها. وقالت سهي سعيد زوجة الشهيد أسامة أحمد إن المرافعة قالت الحقيقة ولكن المصيبة أن ليس لديهم أدلة كافية، فهناك حلقة مفقودة تدين «مبارك» لا نعلم من يخفيها، وعلَّق جلال فيصل شقيق الشهيد «ناصر» بأن المشكلة أنهم يتعاملون في القضية بورق، وليس بثورة، وكأن ما حدث كان في يوم عادي وليس يوم ثورة فهذه القضية ليست جنائية لكن سياسية، ويجب النظر إليها من هذا المنطلق، وأكد أن الشعب كله سوف ينطلق من ميدان التحرير يوم 25 يناير الجاري إلي سجن طرة للقصاص إن لم يصدر حكم يعاقب المتهمين عقابًا رادعًا. علي جانب آخر، قال يسري عبدالرازق رئيس دفاع المتطوعين للدفاع عن مبارك: إن مرافعة النيابة خدمت المتهمين، وإن النيابة لم تقدم في القضية أدلة تقطع بارتكابهم الجرائم المنسوبة إليهم، والمرافعة كانت ضعيفة تعتمد علي الاستنتاجات بدلا من الإدلة القطعية، والنيابة اخفقت عندما قدمت المتهمين في هذه القضية، وأشار إلي أن المرافعة تناقضت في أقوالها، كما أنها قدمت فيديوهات دون التحري عن صحتها مما يدفع دفاع المتهمين بتزوير الفيديوهات، وأشار إلي أن فريد الديب المحامي سيدافع وحده عن مبارك. وأكد محمد الجندي، أحد أعضاء فريق الدفاع عن المتهم الخامس حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، أن مرافعة النيابة في أيامها الثلاثة، لم تتضمن دليلاً قطعيًا يؤكد أن موكله أصدر تعليمات بضرب المتظاهرين.