لم تكد تمر ساعات على إعلان وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك أن النظام السوري بقي لديه عدة أسابيع فقط في الحكم، إلا وفوجئ الرئيس بشار الأسد بصفعة قوية جدا ألا وهي انشقاق محمود سليمان الحاج أحمد المفتش الأول بالجهاز المركزى للرقابة المالية بمجلس الوزراء السورى والمفتش المالى بوزارة الدفاع منذ عام 2007 . ففي 4 يناير، خرج الحاج على الملأ ليعلن انشقاقه عن نظام الرئيس بشار الأسد وإدانته لكافة أشكال العنف التى يقوم بها النظام تجاه المتظاهرين العزل والسلميين ، وقال فى مؤتمر صحفى عقده فى مقر حزب "غد الثورة" بالقاهرة: إن كل ما يملك من معلومات عن النظام السورى هى ملك للمنظمات الحقوقية متى أرادت، وفجر مفاجأة مفادها أن جميع المسئولين والوزراء والموظفين السوريين لم يستطيعوا الانشقاق أو الخروج من سوريا وخاصة الدبلوماسيين ، نظرا لوضعهم رهن الإقامة الجبرية ومنعهم من السفر. وأضاف أنه كان يرى من نافذة مكتبه بوزارة الدفاع السورية أتوبيسات النقل العام وهى تحضر لمقر المخابرات العسكرية مملوءة بالمتظاهرين معصوبى الأعين ومقيدي اليدين ويدخلونهم إلى مقر المخابرات، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع السورية تحصل سنويا على ثلث الموازنة العامة للدولة وفى عام 2011 طلبت زيادة كبيرة حتى تتمكن من قمع المظاهرات، إلا أن وزير المالية الحالى استنكر ذلك. ولعل ما يضاعف مأزق نظام الأسد أن قنبلة انشقاق الحاج السابقة جاءت متزامنة مع اتهام المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني دمشق ب"عدم احترام تعهداتها" تجاه جامعة الدول العربية، مؤكدا أنه "آن الأوان لتدخل مجلس الأمن الدولي". بل وهناك من يرجح أن تعزز قنبلة انشقاق الحاج صحة الاتهامات التي وجهتها المعارضة السورية لبعثة المراقبين العرب بالفشل في أداء مهمتها ونجاح نظام الأسد في عرقلة وصولها إلى الحقيقة. ويبقى الأمر الأهم وهو أن المفاجأة السابقة تعزز ما ذهبت إليه تقارير غربية وإسرائيلية حول اقتراب نهاية حكم الرئيس بشار الأسد، حيث كشفت صحيفة "ديلي ستار صنداي" البريطانية في 2 يناير عن مفاجأة مفادها أن وزارة الدفاع البريطانية وضعت خططاً سرية لإقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا يشرف عليها "الناتو" وأن عملاء من جهاز الأمن الخارجي البريطاني "إم آي 6" ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي اي ايه" موجودون على الأرض في سوريا. وأضافت الصحيفة البريطانية أن لندن وضعت الخطط السرية وتحتاج أولاً إلى دعم من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لتنفيذها ، ونقلت عن مسئول أمني بريطاني قوله: إن عملاء "إم آي 6" و"سي اي ايه" موجودون على الأرض في سوريا لتقييم الوضع، فيما تجري القوات الخاصة البريطانية اتصالات بالجنود السوريين المنشقين لمعرفة احتياجاتهم من الأسلحة وأجهزة الاتصالات في حال قررت الحكومة البريطانية تقديم الدعم لهم. وتابعت أن عملاء "إم آي 6" و"سي اي ايه" كانوا تسللوا إلى سوريا مؤخرا، موضحة أن إقامة منطقة حظر الطيران في سوريا بدعم من حلف الناتو تمت مناقشتها من قبل مجلس الأمن القومي في الحكومة البريطانية، فيما قامت وزارة الدفاع بوضع خطط مؤقتة لتنفيذ أي أمر حكومي. وأشارت "ديلي ستار صنداي" أيضا إلى أن المخططين العسكريين البريطانيين يدرسون استخدام مقاتلات "تورنادو جي آر 4" وطائرات مقاتلة أخرى لأن قوات "الناتو" احتاجت إلى 8 أشهر لإسقاط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي وقواته، بينما قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد أفضل تدريباً وتسليحاً . ولم يقف الأمر عند ما سبق، حيث كشفت صحيفة "هآرتس" أيضا أن الجيش الإسرائيلي يستعد لسقوط نظام الأسد ويقوم بجهود لتقييم الأوضاع ومراجعة السيناريوهات التي يتعين عليها الاستعداد لها على الجبهة الشمالية. وأضافت الصحيفة أن هذه الاستعدادات جاءت بعدما كشفت تقارير الأسبوع الماضي أن عدد القوات السورية التي انشقت عن الجيش تخطت حاجز العشرة آلاف، كما تأتي وسط أنباء عن تزايد أعداد الهاربين من أداء الخدمة العسكرية، وهي أمور فسرتها تل أبيب بأنها مؤشرات على قرب انهيار النظام السوري. وتابعت أن من بين السيناريوهات التي يستعد لها الجيش الإسرائيلي احتمال صعود "الجهاد الإسلامي" وغيره من "الجماعات الإرهابية" بعد سقوط النظام الحالي، بالإضافة لاستعداده لهجوم محتمل قد يشنه مدنيون سوريون على الجولان، دون أي تدخل حقيقي من جانب "الجماعات الإرهابية". ولعل ما يضاعف من رعب نظام الأسد أن التقارير السابقة جاءت متزامنة مع دعوة البرلمان العربي إلى السحب الفوري لفريق المراقبين من سوريا نظرا لاستمرار قتل المحتجين الأبرياء. وسرعان ما خرج وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك بمفاجأة جديدة في 3 يناير مفادها أن عائلة الرئيس بشار الأسد بقي لديها عدة أسابيع فقط في الحكم ، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن باراك القول أمام لجنة الشئون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي:" بقي لعائلة الأسد عدة أسابيع فقط في السلطة في سوريا، سقوط الأسد سيكون نعمة للشرق الأوسط". وأضاف: " نظام الأسد يتدهور نتيجة للعديد من الضغوط الداخلية والخارجية، حتى لو أنه من الصعب معرفة التاريخ الصحيح لسقوط النظام، فإن النزعة واضحة ومع مرور كل يوم يقترب النظام من نهاية حكمه وتخف قبضته"، مشيرا إلى أن سقوط نظام الأسد سيشكل ضربة قاسية لما سماه "المحور الراديكالي" وعلى رأسه إيران. بل وخرج قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد أيضا بتصريحات نارية في 3 يناير هدد خلالها بأنه لن ينتظر سوى أيام قليلة فقط قبل أن يصعد هجماته بشكل كبير جدا وبما يشكل نقلة نوعية في الأزمة التي تشهدها بلاده منذ أكثر من 9 شهور. وأضاف الأسعد في تصريحات لوكالة "رويترز" من مكان إقامته في جنوب تركيا أنه غير راض عن مدى التقدم الذي يحققه المراقبون العرب في وقف حملة القمع التي يمارسها نظام بشار الأسد ضد المحتجين، قائلا:" إذا شعرنا أنهم (المراقبون) ما زالوا غير جديين في الأيام القليلة المقبلة أو على الأكثر خلال أسبوع سنتخذ القرار وسيكون مفاجأة للنظام ولكل العالم". وتابع" على الأرجح سنصعد العمليات بشكل كبير جدا، التصعيد لن يكون إعلان حرب صريح ولكن إن شاء الله سيكون نقلة نوعية والشعب السوري كله سيكون خلفها". وبصفة عامة ، وإلى حين اتضاح طبيعة التطورات في سوريا في الساعات القادمة ، فإن ما يجمع عليه كثيرون أن الحسم العسكري ضد نظام الأسد سواء عن طريق انقلاب أو تدخل أجنبي بات يلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى.