من داخل ميدان التحرير وبين جموع المتظاهرين المحتشدين لليوم ال 12 على التوالي أخذ الطفل معاذ -11سنة - يهتف بحماسة لافتة للنظر"الشعب يريد إسقاط النظام" ، وهو أمر كان محل تساؤل، فماذا فعل نظام مبارك لطفل في الصف الخامس الابتدائي؟! "غش في الامتحانات يضيع مجهودي" .. هكذا تحدث ل"بوابة الوفد"، مضيفا أن الغش أصبح سمة رئيسية في معظم المدارس، ولا فرق بين من يذاكر ويجتهد، ومن يلهو طوال العام، والغريب أن من يساعد على الغش هم من المدرسين ومسئولي المدرسة! يتابع : يدفع والدي 500 جنيه شهريا تكلفة دروس خصوصية أحتاجها، فالمدارس أصبحت بلا تعليم. سألته لهذا فقط تهتف بإسقاط النظام؟ أجاب قبل أن يفكر: غلاء الأسعار حرمني من كل شيء أحبه وأريده، كما أنني أشعر بالخوف من مشاهدة البلطجية الذين أراهم يوميا في الشارع والتليفزيون وجنب البيت، ولا ألهو كما كان الحال في السابق بسبب مشاهد الرعب التي نراها ونسمع عنها، ولذلك كله أهتف بسقوط مبارك. بيضربونا بالطوب "بيضربونا بالطوب".. كان تعليق على سيد - ثالثة ابتدائي - الذي تابع قائلا في براءة: خرجت مع بابا وماما لمشاهدة ميدان التحرير وما يفعله المصريون، وهو مشهد جميل، لكن ما أصابنا بالخوف والرعب الطوب والزجاجات المملوءة بالنار التي ملأت المكان وكادت تصيبنا.. وتساءل "عايز أعرف ليه بيضربونا ياعمو؟". وقبل أن أجيبه بادرني بسؤال آخر.. "وليه مفيش نوادي ألعب فيها؟ .. لافتا إلى أنه كطفل لا يجد ما يريده من نواد وألعاب ترفيهية، والتليفزيون المصري لا يقدم ما يريده، وهو ما دفعه لمشاهدة قنوات عربية وأجنبية أخرى. لحية ضد النظام! محمد عصام -16 سنة - يبرر تواجده في ميدان التحرير للمطالبة بإسقاط مبارك بالقول "والدي ملتح وكثيرا ما يتعرض لملاحقات أمنية دون أي ذنب، وهذا يجعلني وإخوتي نعيش في رعب ولا نشعر بأمان لمجرد أن أبي أطلق لحيته!!. يكمل حديثه : أين التعليم المجاني الذي يتحدثون عنه، فالدروس الخصوصية مكلفة، وهناك غش كثير في امتحانات آخر العام يضيع مجهودنا، ونذهب للمدرسة فلا نجد تعليما على مستوى جيد، أو معاملة جيدة من المسئولين عن التعليم.. من الآخر التعليم "بايظ". بلدنا نظيفة.. نفسي "مفيش نظافة والزبالة في كل مكان" .. هكذا يصف حسام محمود - رابعة ابتدائي- الحي الذي يعيش فيه بمدينة نصر، مضيفا أن المنظر المقزز الذي يراه يوميا في هذا الحي الراقي هو ما دفعه للهتاف بكل هذا الحماس ضد النظام متسائلا: لماذا لا تكون بلدنا نظيفة؟ ويضيف: المناهج"وحشة" ، والمدرسين بيضربونا على وجهنا، ولا يوجد سوى ملعب صغير داخل المدرسة أرضيته من الأسفلت، والعصائر والساندويتشات غالية، ولذلك ،والكلام على لسانه، فأنا أطالب بإسقاط الرئيس. لا نشعر بطفولتنا ويروي أنس محمد - سادسة ابتدائي- ما حدث لجدته المريضة حينما تم نقلها لتلقي العلاج في أحد المستشفيات الحكومية، قائلا "مالقناش معاملة كويسة من الممرضات"، ولم نجد رعاية صحية جيدة مما أضر بصحتها. يكمل: "فيه مدرسين بيضربونا وبيشتمونا بألفاظ مش كويسة"، فضلا عن حالات غش جماعي وحصص بدون تعليم، وهذا ينعكس علينا ويجعلنا في خوف من المستقبل، كما أننا لا نشعر بطفولتنا ولا نستمتع بها كما نشاهد الآخرين في التليفزيون. عدو الفلاح سامح نجاح - 15 سنة - رفع مع والده لافتة بسيطة تقول " إرحل يا عدو الفلاح .. ارحل يا عدو القمح "، استرعت هذه اللافتة انتباهي وانتباه الكثيرين معي .. وعندما سألته مستفسرا أجاب في حماسة مشيرا إلى جانب آخر من الأزمة : والدي كان يزرع القمح لكن الآن لا توجد تقاوي كافية والكيماوي أسعاره غالية، وإيجار الفدان وصل 4 آلاف جنيه، ولذلك أصبح والدي الفلاح البسيط يعمل باليومية، وأمي اضطرت لتربية الطيور لتنفق على البيت.. بحسب وصفه " عايشين يوم بيوم".. ويضيف: عندما طلب أبي الحصول على أرض من الحكومة لزراعتها تم رفض طلبه!