رجل "غريب الأطوار"، أخذه قطار الحياه إلى محطات عدة ليستقر به أمام أحد الأرصفة التي أصبحت مقرًا لعمله، يلفت انتباهك حينما تراه يجلس بوجهه البشوش الصامت بين لوحاته التي تشبه قصته إلى حد كبير. "دوام الحال من المحال".. مقولة جسدت حياة علاء الشريف الرجل الستيني الذى تثير دهشتك حكايته، فمن "مليونير" إلى "رسام على الرصيف"، الأمر الذي يزيد من زهولك لتبدأ حلقة من الأسئلة تدور برأسك، فماذا صار له ليصبح على الرصيف؟. ذات يوم بعيد، كان يعيش "علاء"خارج حدود البلاد، وبالأخص في ألمانيا حيث أصبح يتقن اللغة بمهارة، ويعمل في إحدى شركات قطع الغيار ثم انتقل ليصبح مدير شركة لأحد أصدقائه، إلى أن استطاع تأسيس شركة الشريف جروب وامتلاكه الكثير من النقود التي مكنته ليعيش "سلطان زمانه" حسب قوله. وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ليقابل المليونير مشاكل عدة تنتهي بإفلاس شركته، الأمر الذي جعله يفكر في المجهول الذي يتحرك كالشوك داخل عقله بطعم لاذع!، ليقرر أن يعود إلى مصر حيث أخواته وأقاربه ولكن اهتز الوجدان واختلط الحزن بالخوف عندما رفض أخواته مساعدته. كان يأمل أن تتغير الأمور مثل تغير الفصول دون خسائر، ولكن أصبح عليه مواجهة واقع مرير بمفرده بعد أن تخلى عنه أخواته وزوجته الألمانية، قائلاً "كنت منتظر أن اخواتي يساعدوني أو اخد حقي من الميراث بس للأسف باعوني، غير زوجتي الي سبتني بعد ما أدمرت نفسياً ومن ساعتها بعتبر نفسي وحيد". لتكون موهبته الوحيدة القادرة على انتشاله من مشاكله، فبدأ يرسم لوحاته التي كانت تكلفتها 300 جنيه فقط، بعد رفض العديد من الأماكن لتوظيفه بسبب كبر سنه، فإتخذته قدماه إلى الرصيف المقابل لكلية الفنون جامعة القاهرة ليعمل أمامها، لتقدير طلبة الفنون قيمة لوحاته التي تتراوح بين ال 2 جنيه و ال10 جنيهات، ومحاولة منه للبقاء على قيد الحياة. ومع إشراق نهار جديد يخرج علاء من حجرته الصغيرة ليذهب إلى سور الجامعة ويعلق لوحاته، ويهم ليرسم لوحات جديدة، في حين إنتظاره لطلاب الجامعة ليشتروا منه بعض الرسومات. وباللغة الألمانية قال الرجل صاحب اللوحات الفنية عن تجربته الغريبة" المواقف الي مريت بيها في حياتي علمتني أن الصبر بيوصل دايما لكل حاجة، والعلم الي بحافظ بيه على حياتي". وبالرغم من تقلبات الحياه لا يزال بشوش الوجه، رحب الصدر، يتعامل مع الجميع بأسلوبه الراقي، وتمنى أن يعود كما كان لا يشغله التفكير في تدبير احتياجاته الأساسية. شاهد الفيديو..