الثلاثاء 27 ديسمبر 2011 بدأ المراقبون العرب عملهم رسميا في سوريا. منذ هذا اليوم وحتى كتابة هذه السطور مساء الثلاثاء التالي 3 يناير 2011 كان عدد القتلى برصاص كتائب الأسد قد بلغ أكثر من 350 . فماذا فعل المراقبون الذين ذهبوا لأجل إيقاف العنف والقتل، وسحب الجيش إلى الثكنات، والإفراج عن المعتقلين، وحماية المدنيين، والسماح للإعلام المستقل بالدخول والعمل بحرية في سوريا لنقل الحقيقة. ولا بند واحد في المبادرة العربية تحقق في ظل المراقبين ،ولا بند سيتحقق لا اليوم ولا غدا حتى لو ملأ المراقبون كل شبر في سوريا. أمين الجامعة العربية نفسه الذي عبر يوما عن سعادته بإصلاحات النظام ذهب لدمشق مرتين حيث كان يجتمع مع الأسد على أنغام صوت الرصاص وهو يحصد السوريين حصدا. بدأ المراقبون بجولة في مدينة حمص رمز الثورة فخرج 70 ألف متظاهر لاستقبالهم ، تشجع المزيد من الرافضين للنظام فخرجوا محتمين بالمراقبين ، فما كان من كتائب الأسد إلا استخدام الرصاص الحي لتفريقهم فسقط شهداء وجرحى. يوم الجمعة ذهب المراقبون إلى محافظة إدلب فخرجت مظاهرات قدرت ب 250 ألف، فما كان من الكتائب إلا استخدام الرصاص الحي فسقط شهداء وجرحى كالعادة. إذن.. وفي حضور المراقبين وتحت أسماعهم وأبصارهم يستخدم القتلة الرصاص ضد المسالمين وليس العصابات الإرهابية المزعومة. لا احترام لمراقبين ،ولا للجامعة التي ارسلتهم .ولا احترام للنفس الانسانية. فماذا يا تري يفعل نظام الشبيحة في غياب أي مراقبين وغياب الإعلام المستقل منذ أكثر من عشرة أشهر. بالطبع تحولت سوريا على يديه إلى جهنم حمراء. إنه النهج الأمني للنظام المجرم منذ انطلقت الثورة حيث القتل ولا شيء غيره ضد المحتجين على القمع والظلم والإرهاب الرسمي والحكم العائلي الطائفي. ماذا سيقول المراقبون في تقاريرهم؟. هل سيكونون شهود عدل، أم شهود زور ؟. وكيف تطلب الجامعة من السوريين اعطاء الفرصة للمراقبين حتى يكتمل عددهم ويكتبوا تقاريرهم ثم تعرض على اجتماع اللجنة الوزارية السبت7 يناير 2012 بينما في كل لحظة يسقط شهيد أو جريح أو معتقل؟. وبماذا ستكون الخطوة التالية ،هل سيعلن العرب يأسهم من هذا النظام بعد أن منحوه كل هذا الوقت للقتل؟ ، هل سيتجرأون ويتخذون الخطوة الصحيحة التي كان واجبا اتخاذها منذ أول اجتماع لهم وهو الذهاب لمجلس الامن لتدويل القضية وفرض الحماية للمدنيين ؟. أظن أن العرب مازالوا غير جادين في اتخاذ موقف تاريخي لحماية الشعب السوري ، بعكس ليبيا حيث سهلوا سريعا إصدار قرارات دولية لحماية المدنيين ،ولولا "الناتو" الذي دمر قدرات كتائب القذافي لكانت الدماء مازالت تسيل أنهارا للآن في هذا البلد، ومالم يكن هناك تحرك دولي قوي وصارم ضد شبيحة سوريا فإن نهر الدم سيستمر في التدفق . ولا يوم واحد توقف فيه القتل في هذا البلد ،العرب والعالم ينصحون النظام أحيانا، ويتواطئون معه في أحيان اخرى، وعندما يعاقبونه فإنهم لا ينفذون العقوبات ، وهي كلها أساليب لا تجدي معه نفعا ، لن ينفع معه غير القوة ولا شيء غيرها. أشد ما يرعب هذا النظام هو أن يتوقف عن إطلاق النار لأنه يدرك أنه في تلك اللحظة سيخرج مئات الألوف بل الملايين إلى الشوارع والميادين في كل سوريا وستتحرك دمشق وحلب وسيكون في كل مدينة ميدان تحرير وهنا سيكون مآله السقوط الفوري، هو لا يريد لسيناريو مصر واليمن أن يتحقق عنده بأن تمتلئ الميادين بالثوار ويعتصمون فيها لذلك يستخدم كل وسائل القتل لتفريق أي تجمع ، والتصويب على أي هدف متحرك حتى لو كان طفلا أو امرأة أو عجوزا. هو نظام لا يقل وحشية عن نظيره الليبي الزائل، وهذا هو دأب أنظمة الطغيان في كل زمان ومكان لا تؤمن بحرية شعوبها، ولا تقيم وزنا للروح الإنسانية ولو سقط الملايين . النظام السوري يخوض حرب بقاء ضد شعبه وليس ضد إسرائيل ، وحلفائه في إيران وحزب الله يقاتلون إلى جانبه في تلك الحرب غير المقدسة لأنهم يدركون أن سقوطه يعني سقوط هذا التحالف الشرير . هذا النظام المتخلف السفاح بؤرة أخرى سرطانية يصعب علاجها لذلك يجب استئصالها لتنظيف المنطقة والعالم منها.