بدءاً ذى بدء لابد أن نقر حقيقة ألا وهى أن الدول كافة ليست جمعيات خيرية تنفق أموالها لوجه الله بل لها مصالحها الاستراتيجية ومناطق نفوذها بالإضافة لأطماعها الاستعمارية، ومن العبث بل من السفاهة والغباء أن نتصور أن أمريكا ودول الاتحاد الأوربى تهمها نشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان فى دول العالم الثالث فهى لا تعنى لها شيئاً وإلا أذرفوا الدم بدل الدمع على ما يحدث لأبناء الشعب الفلسطينى من جراء الاحتلال الإسرائيلى من انتهاكات بشعة وجرائم مروعة تقشعر منها الأبدان ويدين لها جبين الإنسانية جمعاء إلا تلك الدول التى لم يرجف لها جفن ولم يهتز لها شعرة ولم نسمع لها صوتاً ولو فى الخفاء حتى كهمس عتاب لدولتهم المدللة فى الوقت الذى نسمعه مجلجلاً فى المحافل الدولية وعبر سفاراتها وعبر متحدثيها الرسميين والإعلاميين فى وسائل الإعلام المختلفة مهدداً ومتوعداً تلك الدولة التى حدث فيها انتهاك ما لمواطنيها وتقوم الدنيا ولا تقعد من أجل عيونهم! وهذه هى الأكذوبة الكبرى التى تدلس بها تلك الدول الغربية على شعوب العالم الثالث التى تحاول اختراقه من تلك البوابة، بوابة حقوق الإنسان، فأنشأت منظمات عدة تحت شعار حقوق الإنسان وفتحت لها المكاتب فى تلك البلدان وهى فى الحقيقة بؤر تجسس لها لتستقصى المعلومات ولتثير الفتن والقلاقل فى تلك البلاد لتنفيذ أجندتها الخاصة وفقا لمصالحها وهذا ماذكرته إحدى الناشطات فى هذا المجال وبالتحديد فى المعهد الجمهورى الدولى التابع لأمريكا فى برنامج « الحقيقة « مع الإعلامى وائل الإبراشى وبعد اكتشافها ذلك قررت الاستقالة حتى لا تكون جاسوسة على بلدها على الرغم من أنها أمريكية لكنها مصرية الأصل حيث انتصرت عروقها المصرية على رافدها الجديد لهذا أتعجب من كل هذه الزوبعة المثارة هذه الأيام من التفتيش القضائى على بعض المنظمات غير المرخصة قانونياً وإسراع مدرائها بعقد مؤتمرات صحفية لتأليب الرأى العام العالمى وتحريض الدول الغربية ضد بلدهم وكان لهم ما أرادوا فسارعت الست كلينتون واستنكرت بشدة ما أسمته (مداهمة) المكاتب الحقوقية وهو نفس اللفظ الذى استخدم فى المؤتمر الصحفى من قَبل هؤلاء المدراء الحقوقيين، تبعتها الست أنجيلا ميركل وباقى الفرقة الأوربية وكأن مصر أصبحت سداح مداح لكل من هب ودب وملطشة من الجميع بفضل بعض أبنائها الذين إرتضوا على أنفسهم أن يأخذوا أموالاً من تلك الدول وفرطوا فى كرامتهم الشخصية والوطنية وهانت عليهم أنفسهم فهانت عليهم مصر بطبيعة الحال، تلك الدول التى استنكرت وعز عليها أن تمارس مصر سيادتها على أرضها وأن يكون لديها استقلالية فى اتخاذ قرارها الحر النابع من المصلحة الوطنية للبلاد وليس تابعاً لمصالح تلك الدول هى نفسها التى تمنع التمويل السياسى داخل بلادها لكن فى مصر تدخل الأموال بلا حسيب أو رقيب، فباعتراف السفيرة الأمريكية نفسها داخل لجنة العلاقات الخارجية فى جلسة الاستماع فى الكونجرس أنها صرفت 200 مليون دولار منذ قيام ثورة يناير ! هذه الأموال دخلت مصر بطرق غير مشروعة ومن حق السلطات المصرية أن تحقق وتعرف أين صُرفت؟ وما الجهات التى تلقتها؟ وما أهدافها؟ هذه الأسئلة هى التى يجب أن تثار وتقوم من أجلها الدنيا ولا تقعد حتى نعرف الحقيقة، ولكن أن يأخذ المسار منحى آخر كما يوجهه هؤلاء مدراء المنظمات الحقوقية فهذا هو الخطأ الجسيم الذى أربأ بالسادة الكتاب والساسة أن يقعوا فيه والذين انبروا للدفاع عنهم دون أن يتطرقوا للسيادة الوطنية ولدولة القانون التى قامت من أجلها الثورة المصرية ! أنا أرفض التمويل الأجنبى بكل صوره كما أرفض تماماً المعونات الأجنبية لمصر، وأتمنى فى البرلمان القادم أن نضع نهاية لها فلن نقبل بعد الثورة أن تهددنا أمريكا بتجميد أوقطع المعونة فلن نموت من الجوع وحتى لومِتنا فلنمُت رافعين رؤوسنا، أكرم وأشرف لنا من العيش أذلاء تحت وصاية الأجنبى!!