جاءت مصر العام الماضى فى المركز رقم 99 بين 134 دولة شملهم التصنيف العالمى للابتكار، على رغم أن الطفل المصرى من أذكى أطفال العالم حتى سن ما قبل المدرسة، بحسب الأبحاث الدولية.. والترتيب منطقى وطبيعى فى ظل حكومات كانت ولا تزال تهمل صحة أولادنا فى المدارس، بترك أكوام القمامة والأوبئة تحاصر التلاميذ فى مدارسهم بجوار الباعة الجائلين المنتشرين على أبواب المدارس، ناهيك عن دورات المياه غير الآدمية، وفوق هذا كله تركت وزارة التربية والتعليم الحبل على الغارب ل«كانتين المدارس» لتباع فيه كل الأغذية الضارة بصحة الأطفال.. بعدما تحول هذا «الكانتين» لسبوبة تجلب الأموال للمدارس ببيع السموم وبشكل تحول معه لبؤرة مرضية ووبائية أصابت ولا تزال أطفالنا التلاميذ بأبشع وأخطر الأمراض مثل التخلف العقلى والسرطان والفشل الكُلوى والكبدى وللآفة الكبرى الحمى الروماتيزمية وميكروبها السبحى وجميع أمراض القلب وأمراض الحساسية، وتجاهلت «وزارة التربية والتعليم» الحكمة الأبدية "أن العقل السليم فى الجسم السليم".. وأخيرًا أعلنت الوزارة من باب «التجمل» عن بدء الحملة القومية لمكافحة أمراض القلب والاكتشاف المبكر لروماتيزم القلب لتلاميذ المدارس فى جميع المحافظات بخطة تنتهى فى 2020 بإعلان مصر خالية من روماتيزم القلب من خلال برنامج للمكافحة يتضمن حتى المتسربين من التعليم فى العشوائيات والمناطق النائية، وكانت البداية ب113 قافلة طبية بحلايب وشلاتين وانتهت بحى الأسمرات الذى أنشأه أخيرًا الرئيس عبدالفتاح السيسى. أصبح «حال» وزارة التربية كلام وبس عن حملات وخطط لوقاية التلاميذ والأطفال من أمراض القلب، وإصابات تعدت نسبة ال25٪ وهى الأعلى بين أطفال «العالم»، السبب الرئيسى فيها هو «كانتين المدرسة» وحوله يدور التحقيق التالى؟! كانتين المدرسة أو «المقصف» تحول فى مدارسنا إلى تجارة مربحة سواء الخاصة أو الحكومية.. فهو مشروع غير مُكلف ومربح جداً يقام له مزادات خاصة، وتحتكره كبرى الشركات.. وتختلف مكونات تجارته ومكاسبها داخل الكانتين حسب المستوى، فمثلاً كانت فى المدارس الخاصة يختلف عن نظيره فى المدارس الحكومية، وفى المدارس العربى غير مدارس اللغات.. بيزنس بمعنى الكلمة، هكذا أصبح «مقصف المدرسة».. البعض يراه بؤرة للسموم وضياعاً لشباب ورجال وصناع المستقبل، وفى وقت تمنعه دول أخرى أو تجدد ما يباع بداخله دون ضرر يقع على الأطفال، وآخرون يرونه ضرورة ويطالبون بتطويره وإخضاعه الحقيقى لإشراف وزارتى الصحة والتربية والتعليم، وإن أمكن لوزارة التموين والصناعة كذلك. الكانتين.. لم يعد البيع فيه يقتصر على الساندوتشات كما كان سابقاً، بل دخلت عليه متغيرات أغلبها من السوبر ماركت وجاهزة بعيداً عن الرقابة بالشكل المطلوب، فأصبح يباع بداخله معلبات وأغذية لا يعرف مصدرها أو مكان تصنيعها.. امتلأ بوجبات «التيك أواى» رغم محاذيرها وبه جميع أنواع المقرمشات والأغذية الملونة، وأم الكوارث المياه الغازية على اختلاف أنواعها.. ولذلك نجد انتشاراً واسعاً للميكروب السبحى المتسبب الرئيس فى الحمى الروماتيزمية وغالبية أمراض القلب، ولمَ لا فزيوت التحمير والمقرمش غير مطابقة للمواصفات لاستخدامها عشرات المرات، وأصبح الكانتين أيضاً مكاناً لبيع الألعاب والتى من أكثرها رواجاً وجدنا ألعاب البخت والصابون والفقاقيع الملونة وصولاً للهوت دوج والفراخ البانيه والبيتزا والبطاطس المحمرة.. والأسعار طبعاً نار واستنزاف جيوب الأسر من خلال أبنائهم التلاميذ، ووصل جنون الأسعار لمعروضات هذا الكانتين، فمثلاً البيتزا التي كانت تباع ب14 جنيهاً تعدت العشرين، وأحياناً تقطع مثلثات فتصبح أسعارها فوق ال30 جنيهاً بواقع 5 جنيهات للقطعة. التحصيل الدراسى الأبحاث العلمية والدراسات أثبتت أن توافر الغذاء الصحى المتوازن يساعد على اكتمال الصحة البدنية ويرفع من مستوى التحصيل الدراسى فى سن المدرسة، ولا يكاد يخلو منها أى منزل أو أسرة، ونجد الغالبية للأسف يعانون أمراض التغذية. ومن هنا نؤكد على أهمية وجبة الإفطار، والتى غالباً ما يحرص الأطفال أن تكون من كانتين المدرسة مما يضطر الآباء للخضوع أملاً فى أن يتناول الطفل أى وجبة فى الصباح ودون أن ينتبه الآباء والأمهات لما تحتويه أطعمة الكانتين من سموم فى مكسبات الطعم واللون والرائحة والنشويات والدهون، خصوصاً أم الكوارث أفيونة الأطفال «الأندومى» سموم فى صورة وجبات كان من الضرورى استبدالها إن كان مافيا ومحتكرو الكانتين فى معظم المدارس غير مهتمين ولا تعنيهم صحة وعقول رجال وقادة المستقبل. جولة تفقدية ولأن الكانتين وجدناه فى بعض المدارس أحد الأدوات التى تعتمد عليها المدارس لتلبية احتياجات الطلاب من مأكولات ومشروبات منذ دخول الطالب المدرسة ساعات النهار الأولى وحتى خروجه آخر اليوم.. وجب إخضاعه الحقيقى لوزارة الصحة والجهات المعنية الأخرى.. وكانت أولى ملاحظاتنا.. كما شاهدنا تسيباً وعدم وجود أى إشراف صحى أو طبى، ووجدنا مخالفات صريحة لعقود التعاقد واشتراطات وزارة الصحة وعدم وجود أى ثلاجات لضمان توفير الغذاء الصحى لليوم بيومه! وجدنا تلاميذ ومسئولى مدارس يؤكدون أنه لا غنى عنه ليس لكونه بيزنس مريحاً وإنما وسيلة جذب قد تمكننا من تعويض المطالب لأى نواقص غذائية.. ووجدنا آخرين يرونه مجرد «سبوبة» لا تسمن ولا تغنى من جوع لدى معظم أولياء الأمور.. وجدنا أيضاً انعدام الاشتراطات الصحية والصناعية فى كانتين معظم المدارس.. والذى أصبح حائراً ما بين التجارة والمرض لدى بعض ملاكه الذي لا يزال الضمير مستيقظاً بين ضلوعه!! سموم قاتلة الدكتور يوسف جابر الملاح، استشارى الأطفال، يرى فى أطعمة ومشروبات كانتين المدرسة «سموماً» وقتلاً متعمداً لأجيال كاملة أو على الأقل ضياع لصحة هؤلاء المترددين، بل المدمنين لأطعمة ومغريات «كانتين المدرسة» ومعظمها أطعمة ومشروبات مليئة بالمواد الحافظة ومكسبات الطعم واللون والرائحة والنشويات والدهون والمياه الغازية، مما يزيد من معدلات إصابة التلاميذ بأنواع الحساسية المختلفة وبالأنيميا والسمنة المفرطة والسكر ونقص المناعة، بل وارتفاع الدم، علاوة على احتمالات الإصابة بالسرطانات والفشل الكلوى والكبدى وهشاشة العظام.. فيتحول إلى مصدر للأمراض والأوبئة بدلاً عن أن يكون له دور فى زيادة التحصيل الدراسى والنمو الجسدى والعقلى، بل الوقاية من بعض الأمراض إذا ما قام بتقديم أغذية صحية وخاصة وجذابة للتلاميذ.. كما قد تتعرض الأطعمة المتداولة داخله للتلوث -بحسب الدكتور يوسف- وهو ما يؤدى لأمراض تلوث الغذاء وأخطرها التهاب الكبد الوبائى أو التيفود وتسمم عام بالجسم، وقد يؤدى إلى هبوط وحدوث وفاة لبعض الحالات، علاوة على النزلات المعوية نتيجة العدوى عن طريق الأطعمة الملوثة والمكشوفة التى تتواجد دائماً داخل كانتين المدرسة. ويشير إلى أن حماية الأطفال صحياً مسئولية مشتركة ما بين الأسرة والمدرسة، فالأسرة مطالبة بمراعاة تنوع طعام الطفل واتزان عناصره الغذائية الضرورية للجسم، خاصة الأغذية البروتينية والغنية بالفيتامينات والفواكه الطازجة، والمدرسة مطالبة بإلزام الكانتين بالاشتراطات الصحية فيما يقدمه!! دور المدرسة الدكتور أحمد خورشيد -مدير معهد تكنولوجيا الأغذية الأسبق ومستشار وزيرى التموين والصناعة سابقاً- وتشاركه الرأى الدكتورة نادية عبدالمطلب بمركز البحوث الزراعية قسم الأغذية الخاصة، يتفقان فى الرأى ويؤكدان ضرورة عودة دور المدرسة فى توجيه التلاميذ نحو التغذية السليمة من خلال المناهج المدرسية أو النشاطات التطبيقية المختلفة، حيث إن التلاميذ فى سن المدرسة من 6 إلى 18 سنة يمرون بأهم مراحل نموهم مما يتطلب توفير الغذاء المتوازن اللازم للنمو وتوليد الطاقة.. وعلى الأسرة دور فى ضرورة تناول الأطفال وجبة الإفطار قبل الذهاب للمدرسة وتحذيرهم من الوجبات السريعة والمقرمشات المحتوية على نسب عالية من الدهون والمواد الحافظة، وجميعها تتوافر فى الكانتين المدرسى البعيد تماماً عن كل أوجه وقطاعات الرقابة.