من اكبر المشكلات التى تواجه مصر هى العمالة المؤقتة التى توجد فى جميع هيئات الدولة وفى جميع الوزارات ، وهذه العمالة المؤقتة تقدر بما يقرب المليون شخص يتقاضون اجر على عدة ابواب ،ومعظم تلك الفئة لا يتجاوز راتبهم الشهرى سبعون جنيهاً شهرياً ، ولا يقل فترة عملهم فى تلك الظروف للغالبية منهم عن خمس سنوات ، ومنهم من تجاوز عشر او اكثر من السنوات املاً فى التثبيت فى الدولة ، خصوصاً انه لا يوجد بديل لهولاء للعمل فى القطاع الخاص ، ويتفاوت مؤهلاتهم من بين عدم الحصول على مؤهل والدبلومات والغالبية تحصل على البكالوريوس والشهادات العليا الماجستير والدكتوراة ، ويصل الكثيرين منهم الى سن الاربعين عاماً . انشأ هذا النظام للعمالة المؤقتة والموسمية النظام السياسيى السابق فى محاولة لالهاء الشعب فى كيفية الحصول على متطلبات حياته اليومية وبطريقة تتعارض مع قيمة الانسان المصرى ، ومع حقوقه المشروعة فى توفير الدولة له وسيلة للحصول على دخل او تهيئة الظروف الاقتصادية والاستثمارية لاتاحة الفرص والعمل بالقطاع الخاص ، سياسة كانت ممنهجة وغير مسؤلة لاهانة الشعب المصرى ، هولاء شباب خريجى جامعات وحاصلين على شهادات ، واغلبهم لديهم اسر يريدون العيش ولا يريدون الترفيه ، قوت يومهم هو ما يشغلهم ولا اكثر . هذه المشكلة لابد من حلها فورا ، وايجاد وسائل للقضاء عليها ، وذلك بتثبيت هولاء فى اماكنهم ، وايجاد موازنة خاصة لتوفير مرتباتهم ، وهذا يمكن تدبيره اذا تم تقنين المرتبات الغير معقولة لفئات فى المجتمع وتخفيفض النفقات الحكومية ، فلا يعقل فى مجتمع ان يتقاض شخص اكثر مائة الف جنية وشخص اخر يحمل نفس المؤهل وربما يقوم بنفس العمل وفى هيئة حكومية واحدة يحصل على سبعين جنيها ، !! هذا بالتأكيد يخلق نوع من العداء المجتمعى والعداء للدولة وعدم الولاء ، والاستياء من اى ادارة حاكمة للدولة ، وخاصة اننا نتحدث عن عدد ضخم منتشر فى جميع المحافظات و جميع مؤسسات الدولة . فاذا كانت الثورة قامت بسبب الحياة المعيشية الصعبة للمصريين وانتشار الفقر ، فان هولاء هم وقود لتلك الثورة ، ولن تهدأ مصر وتستقر الا بمراعاة حقوق هولاء وتحقيقها ، وبالتالى يتحقق الاحساس بالمواطنة والمساواة بين كافة المواطنيين ، وعدم التمييز بين شخص واخر الا فى حدود القدرات والكفاءة . ان نظام العمالة المؤقتة الذى انتجه النظام السابق استهانة وذل بالانسان المصرى وقيمته ، ونوع من التمييز والعنصرية ضد فئة من فئات المجتمع ، ويجب انهائةه والقضاء عليه ، فهو بمثابة محاربة التعليم والحصول على الشهادات العلمية . ففأى اى دولة فى العالم نجد حاملى الدرجات العلمية العليا - الماجستير والدكتوراة – يتوسلون للحصول على وظيفة ويهانون بشكل يتعارض مع اى قيم انسانية او قيمة الانسان المصرى ؟ وكيف تدعو الدولة للعلم والبحث العلمى وهولاء مازالوا يعانون ويتوسلون للمسؤلين وللدولة فى ايجاد فرصة عمل بهدف الحصول على دخل او مورد يحصلون بمقتضاه على ما يحتاجون للعيش بجوار اولاد الذوات واولاد الوزراء وعلية قوم مصر ، انهم من مصر !! ويشاركون فى جميع ما يطلب منهم فى حمايتها واى واجبات مطلوبه منهم ، فلماذا لا يحصولون على حقوقهم ؟ ان سياسة التعنت والكبرياء والتعقيدات من قبل المسؤلين لن تفيد سوى التراجع الى ما قبل الثورة ، فالشاهد ان هناك تعنت بالفعل مع هولاء ، وان هناك فساداً واضحاً من قبل بعض المسؤلين فى اعلانات مفبركة يشوبها الفساد والمحسوبية لانها تضع شروطا لا تختلف عن ما كان سابقا ، الشروط يجب ان تراعى خصوصيات هولاء وانهم اصبحوا لا يستطيعون الانتظار اكثر من ذلك ، فغالبيتهم فى سن الاربعين ، وبدلا من تفصيل بعض الوظائف والتعقيدات ، فلماذا لا يتم تفعيل قرار رئيس الوزراء بتثبيت هولاء فورا وبدون اعلانات ، لان سياسية الاعلانات يتحكم فى شروطها فئة مستفيدة من المحسوبية والفساد الذى مازال موجودا ولا يستطيع احدا انكاره ، وخاصة وزارة الزراعة التى اصبحت امرا لا يمكن قبوله ، ويبدو ان الوزراء لا يدركون ما يقوم به المسؤلين فى الهيئات الاقل تدرجاً ! وهذا ايضا ينطبق على المطالب الفئوية ، فيجب حلها بطريقة سليمة وليس بالقطعة ، وفقاً لنظام شامل على جميع الموظفين يتساوى فيه الجميع ويحقق قدراً من العدالة والمساواة بدلا من الفوارق الشاسعة بين شخصين يعملون بالدولة ويقومون بنفس العمل بل ويسيرون فى نفس الشارع ويحصل احدهما مثل مائة مرة الاخر ، فهل هذا يعقل ؟؟ مصر دولة خالية من العمالة المؤقتة يجب ان يكون فى اولويات الدولة والوزارة الحالية ، وهى رسالة موجهة لرئيس الوزراء ، لاننا نعلم مدى الفساد الذى ينتشر فى الوزارات ، تفعيل قرار تثبيت جميع المؤقتين دون الدخول فى تعقيدات سوف يجعل الشارع المصرى يحس بنتائج تحققت من الثورة ، ويعمل على استقرار الاوضاع . مصر خالية من العمالة المؤقتة والمطلب الفئوية مطلب اساسى ورئيسى لتحقيق العدالة الاجتماعية وقدرا من المساواة ويحترم قيمة الانسان المصرى وعدم اهانته ، فلننتظر تنفيذ القرار .