يمكن لأى مرشح أمريكى أن يدعى أن إسرائيل تمتلك جزءا من قلبه، ولكن «ترامب» المرشح الوحيد الذى يمتلك جزءًا من إسرائيل. منذ سنوات، اشترى «دونالد» أرضا فى تل أبيب فى ضاحية تدعى «رامات- جان»، كان ينوى إقامة أطول مبنى عليها باسم «برج ترامب بلازا»، قبل بدء البناء، تخلى عن المشروع وقام ببيعه لشركة إسرائيلية، ومن المفارقات أن «ترامب» يتهم الرئيس الحالي، باراك أوباما، ووزير الخارجية، جون كيري، ببيع إسرائيل فى الصفقة التى عقدوها مع إيران. أيضا، صحيفة اليهود الأمريكيين اليمينيين منحت «ترامب» جائزة الحرية لإسهاماته فى العلاقات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، وعند قبوله الجائزة التى تم جمعها قال: «نحن نحب إسرائيل، سنقاتل لصالح إسرائيل بنسبة ألف فى المائة، وسوف نكون هناك من أجلها إلى الأبد». مستشارو «ترامب» الجدد فى شئون إسرائيل، مثل ديفيد فريدمان وجايسون غرينبلات، هما من المؤيدين المتحمسين للمستوطنات وضمها للأراضى الفلسطينية، ومما يظهر قوة العلاقة بين المرشح للانتخابات الأمريكية وإسرائيل هو حث «ترامب» للإسرائيليين عام 2013 لانتخاب «نتنياهو» معبرًا بهذه الكلمات: «صوتوا لنتنياهو، رجل رائع لإسرائيل العظيمة». هذا بعض من كل كى نفهم كيف سيكون حال القضية الفلسطينية حال فوز المرشح الجمهورى بالرئاسة الأمريكية. كان «ترامب» قد وعد فى بداية حملته الانتخابية أنّه سيكون محايدا فى مسألة الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وأعرب عن شكوكه حول ما إذا كان من المنطقى تسليم مليارات الدولارات لإسرائيل سنويًا فى شكل مساعدات عسكرية. كما أيّد حل الدولتين ورفض الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. لكن مشروع برنامج الحزب الجمهوري، كان البرنامج الأكثر تأييدًا لإسرائيل فى كل العصور، كما تجنب أى ذكر لحل الدولتين، وكتب فى إحدى تغريداته: «دعم إسرائيل هو تعبير عن الأمركة... نحن نرفض الفكرة الخاطئة التى تقول بأن إسرائيل دولة محتلة». كما قدم الملياردير الأمريكى مقترحا هزليًّا خلال حملته الانتخابية- حول السلام فى الأراضى الفلسطينية، يقضى بمنح جزيرة «بورتوريكو» الأمريكية للاجئين الفلسطينيين كتعويض مقابل التنازل للكيان الإسرائيلي. يدل هذا التصريح على مدى الانحياز الأمريكى لصالح إسرائيل على حساب الحق الفلسطيني، لدرجة أن هذا المرشح لا يرى غضاضة فى ترحيل 4 ملايين فلسطينى من وطنهم سعيا منه لتسهيل مهام إسرائيل فى المنطقة. ووفقاً لهذا المقترح، فإن الحل يقوم على أن تمول الولاياتالمتحدة إعادة توطين لكل الملايين الأربعة القاطنين فى الضفة الغربية وقطاع غزة فى الأرخبيل الكاريبي، وتقديم الإسكان المجانى لهم والتدريب على الأعمال، وضمان حياة طبيعية. من ناحية أخرى، رجح مراقبون أن يعمل «ترامب»- فى حال فوزه- على فرض مزيد من الأعباء المالية على دول الخليج، وقد يدفعها للتضييق بقدر ما على المساعدات للسلطة الفلسطينية لدفعها نحو مزيد من التنازلات، كما سيشدد إجراءات التضييق المالى على حركات المقاومة فى غزة. باختصار يبدو أن فوز «ترامب» سيقضى على أى أمل ولو ضئيل فى قيام دولة فلسطينية- أو بالأحرى سيكون هو من يشيع جثمانها إلى مثواها الأخير.
