183 عامًا مرت على واحد من التحالفات القوية المتعاونة عبر البحر المتوسط، جمع مصر وقبرص واليونان تحت لوائه، في تعاون وثيق على كل الأصعدة وفي أغلب المجالات، فضلًا عن التوافق والتقارب الشديد بينهم في وجهات النظر، والزيارات والقمم الهامة التي تعقد بينهم كل فترة. "قمة للمرة الرابعة" للمرة الرابعة على التوالي، تنعقد غدًا الإثنين، قمة ثلاثية تجمع مصر وقبرص واليونان، يشهدها القصر الرئاسي في الاتحادية، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يستضيف الرئيس القبرصي "نيكولاس إنستاسياديس"، ورئيس وزراء اليونان "ألكسيس تسيبراس". كانت أولى القمم التي عقدت بين الدول الثلاثة، في نوفمبر 2014 حيت استضافتها القاهرة، وكانت الثانية في العاصمة القبرصية "نيقوسيا" خلال 29 إبرايل 2015، وقبل الأخيرة كانت من نصيب اليونان في 9 ديسمبر 2015. "مصر واليونان" تجمع مصر واليونان علاقة ثنائية وطيدة بدأتها الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية منذ عام 1833، ودعمها التقارب القوي في الرؤى ووجهات النظر تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية، فضلًا عن الزيارات المتبادلة بين البلدين. "الزيارات المتبادلة" عقب ثورة 25 يناير زادت الزيارات بين البلدين، جاءت أولها في 28 أبريل 2014، حين استقبل المشير –آنذاك- السيسي، وزير الدفاع اليوناني "ديميترس أڤراموپولوس" خلال زيارته لمصر، وتناول اللقاء الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة. في 5 أكتوبر 2014، جاءت زيارة هامة من الجانب المصري إلى اليونان قام بها وزير الخارجية –آنذاك- نبيل فهمي؛ للمشاركة في الاجتماع الثالث لوزراء خارجية دول جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي. وفي 19 أبريل 2015، جاء "بانوس كامينوس" وزير الدفاع اليوناني على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة رسمية إلى مصر، ضم رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة اليونانية، الفريق أول "ميخائيل كوستاراكوس". وتكررت الزيارة في 23 من نفس الشهر، حيث قام الرئيس اليوناني "بروكوبيس بافلوبوليس"، بزيارة إلى مصر؛ لبحث آخر التطورات الإقليمية والدولية، وسبل تدعيم العلاقات المصرية اليونانية. "التعاون الاقتصادي" ومن الناحية الاقتصادية، تعتبر مصر صاحبة المركز التاسع في التجارة مع اليونان؛ بسبب التعاون القائم والدائم بين ميناء "بيرايوس" اليوناني، وقناة السويس؛ لتنشيط التجارة في حوض البحر الأبيض المتوسط. ويبلغ حجم الاستثمارات اليونانية في مصر 3 مليارات دولار، وهو ما يجعلها تحتل المركز الخامس بين دول الاتحاد الأوروبي التي تستثمر في مصر، كما بلغ عدد المشروعات الاستثمارية اليونانية في مصر 104 مشروعات. "التعاون التجاري" توطدت العلاقات التجارية المصرية اليونانية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 789 مليون يورو خلال عام 2012 وارتفع في عام 2013 بنسبة 48.2%، ليصل إلى 1.7 مليار يورو . وارتفع إجمالي قيمة الصادرات المصرية إلى اليونان خلال عام 2015 بنسبة بلغت 29.8%، حيث بلغت قيمة الصادرات 576.5 مليون يورو، كما ارتفعت قيمة الواردات المصرية من اليونان وصلت إلى 593.5 مليون يورو. "التعاون العسكري" وعلى الجانب العسكري، ساهم الموقع الجغرافي لليونان في تعزيز العلاقات المصرية اليونانية العسكرية، والذي تمثلت في اتفاقيات تبادل الأسلحة، وتدريبات وعروض عسكرية تقوم بها البحرية المصرية واليونانية كل فترة، كان أخرها التدريب المشترك "ميدوزا 2015" والذي بدأ اليوم ويستمر لعدة أيام باليونان. "مصر وقبرص" وتختلف العلاقة بين مصر وقبرص عن اليونان، حيث ارتبط بشكل وثيق مع الانظمة المتتابعة، وتأثرت بها صعودًا وهبوطًا، وفي فترات معينة انقطعت العلاقات بين البلدين تمامًا لعدة سنوات، لكنها لم تلبث وتحسنت بعد ذلك. "جمال عبدالناصر" كانت حقبة الراحل عبدالناصر، هي بداية العلاقة الخاصة التي جمعت مصر وقبرص، برئاسة ومكاريوس الثالث، إبان فترة مساندة مصر لقبرص للحصول على استقلالها، ولم يشوبها أي توتر خلال الحقبة الناصرية من بدايتها حتى نهايتها. "أنور السادات" شاب التوتر ثوب العلاقة القبرصية المصرية خلال عهد الرئيس السادات، مع الأزمة الكبرى التي وقعت في 19 فبراير عام 1978، حين أغارت قوات مصرية على مطار "لارنكا" الدولي في قبرص، في محاولة لتحرير رهائن عملية خطف. البداية كانت مع قيام مجهولون بقتل الأديب يوسف السباعي وزير الثقافة في عهد السادات، واحتجزوا عددًا من العرب الذين كانوا يحضرون مؤتمرًا في العاصمة "نيقوسيا"، وكانت القوات القبرصية تحاول التفاوض مع المختطفين في المطار، وأثناء ذلك قررت السلطات المصرية إرسال قوات من الوحدة 777 قتال. ورغم أن دخول القوات المصرية جاء بعد استئذان السلطات القبرصية، إلا أن قوات الأخيرة اشتبكت معها، أسفرت العملية عن قطع العلاقات الدبلوماسية لقبرص مع القاهرة لعدة سنوات حتى اغتيال السادات في 1981. وهنا طلب الرئيس القبرصي إعادة العلاقات مع تقديم اعتذار رسمي للقاهرة ولكنه قال إنه لم يكن ممكنًا إعطاء الإذن للمصريين للهجوم على الطائرة. "حسني مبارك" كانت العلاقة توصف ب"العادية" بينهم خلال عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، فلم تخرج عن إطار عقد اللقاءات الرسمية بين البلدين، ولكن طوال 30 عامًا من عهده كان هناك حديث عن زيادة الواردات القبرصية من الغاز الطبيعي. "محمد مرسي" ولم يختف الدور القبرصي تجاه مصر إبان عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث ساعدت مصر القاهرة في استرداد أموالها من رموز النظام السابق، وجمدت أرصدة ورؤوس أموال منسوبة لعدد من رموز نظام مبارك، وأعلنت أنها في طريقها لإعادة الأرصدة المجمدة. "عدلي منصور" وفي عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، وقعت أزمة شهيرة بين مصر وقبرص عام 2013، حين اعتدت الشرطة القبرصية على سفيرة مصر في قبرص "منحة باخوم" بعد رفضها للتفتيش، مما دفع السفيرة صفع شرطية قبرصية، لكن الأمر تم تسويته بالاعتذار المتبادل بينهم.