عندما تتفاقم جرائم التعديات على الأراضى الصحراوية.. وتعجز اللجان المعنية عن مجابهة المخالفين، ممن سعوا إلى الاستفادة من كل موقع بالتعدى على أملاك الدولة الصحراوية، فاعلم أن الوزارات والهيئات الحكومية تعانى من غياب الرؤية والتخطيط المتكامل، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومى، ومستقبل التنمية الشاملة، نظرًا لفقدان آلاف الأفدنة التى يصعب، إن لم يكن مستحيلاً تعويضها. تلك ظواهر الإهمال والسلبية، التى أصبحت الآن مبدأ سائدًا فى أداء الأجهزة التنفيذية والرقابية المختصة، فى ظل غياب الرقابة والقانون الرادع، للحد من فوضى التعديات على أراضى مصر الصحراوية. لنتساءل: هل تفلح لجان الحكومة -هذه المرة- فى استرداد أراضى الدولة المنهوبة؟ وهل تنجح سلطة القوة فى محاصرة مغتصبى الأراضى الصحراوية وحمايتها من التعديات المستمرة عليها؟ والأكثر دهشة وحزنًا أنه لا يوجد حصر رسمى دقيق حتى الآن عن حجم أراضى الدولة التى تم الاستيلاء عليها فى مختلف المحافظات، وإن كان رئيس الأمانة الفنية للجنة استرداد أراضى الدولة -أكد خلال لقائه مع نواب البرلمان- أن ما تم حصره إلى الآن وصل ل300 مليار جنيه. ضوابط ملزمة أحمد أيوب، المتحدث الرسمى للجنة استرداد أراضى الدولة، يقول: نحن ننفذ القانون من أجل استرداد أراضى الدولة المنهوبة أو مستحقاتها، حيث قمنا باسترداد 44 ألف فدان تم الاستيلاء عليها من أشخاص دون وجه حق واستغلوها بهدف التربح منها، وموزعة بين 7 آلاف فدان تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية و37 ألف فدان تابعة لهيئة التنمية الزراعية ومشروعات التعمير فى عدد من محافظات مصر، منها: كفر الشيخ، الفيوم، سوهاج، أسيوط، طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى، طريق القاهرة - السويس، وادى النطرون، وجميعهم استولوا عليها بوضع اليد ورفضوا التصالح مع الدولة. وأوضح المتحدث الرسمى للجنة استرداد أراضى الدولة أن هدف اللجنة هو محاصرة فساد الأشخاص أو الكيانات التى تمتلك أراضى الدولة، ولن نسمح بالاستثناءات أو التجاوزات فى عملنا. وأشار إلى أن هناك نوعين من الأراضى هما أراضى هيئة التنمية الزراعية وقانونها يسمح بالتصالح والتقنين. أما أراضى المدن الجديدة، فهى تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية وقانونها لا يسمح بالتصالح، بل تسترد الأرض للدولة مرة أخرى. وأضاف المتحدث الرسمى للجنة استرداد أراضى الدولة أنه لا يوجد حصر فعلى بحجم الأراضى المنهوبة حتى الآن، ولكن طبقًا لتقديرات رئيس الأمانة الفنية للجنة – فإن ما تم حصره من أراضى الدولة حتى الآن يقدر بمبلغ 300 مليار جنيه. كما أن هناك 120 ألف فدان تم تقديم طلبات لتقنين أوضاعهم من أجل استرجاعهم للدولة، وأيضًا تم تشكيل لجنة من هيئة قضايا الدولة من أجل تحصيل واسترداد 2. 8% مليار جنيه من بعض الشركات مقابل انتفاع وإيجار أراض زراعية، ومن يمتنع عن السداد سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنه. منوهًا إلى أن المهندس إبراهيم محلب، رئيس لجنة استرداد أراضى الدولة أكد أن «تقنين الأوضاع هو الاختيار الأول»، لمن أثبت جديته فى استثمار تلك الأراضى، وأن اللجنة تراجع الأجهزة القضائية والرقابية والأمنية لدراسة حالات التقنين أولًا بأول للتأكد من عدم تورط أصحاب الأراضى فى قضايا أخرى. مشيرًا إلى أن الأراضى المستولى عليها تابعة ل9 وزارات والمحليات، مع العلم أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يتابع أعمال اللجنة من خلال تقريرها الشهرى. إجراءات مشددة وفورية وقال الدكتور فوزى عبدالصمد، مدير معهد بحوث الأراضى والمياه: ينبغى تجريم الاعتداء على أراضى الدولة الصحراوية، والإزالة الفورية بالتنسيق مع المحافظين والأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، بجميع المحافظات، ومحاسبة المسئول الرئيسى عنها. وطالب بضرورة تيسير إجراءات تخصيص الأراضى فى المناطق الصحراوية، مما يساعد على استصلاح مزيد من الأراضى الصحراوية، وإقامة مساكن جديدة عليها، وتكثيف جهات الرقابة، ونسف التقسيمات العشوائية على الأراضى المملوكة للدولة، ومنع التصالح مهما كان عوائده المالية، وإحالة المخالفين للنيابة فوراً، لاتخاذ اللازم حيال جرائم الاستيلاء على أملاك الدولة. مكافحة الفوضى والفساد الدكتور شريف قاسم، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، يتفق مع الرأى السابق، مضيفاً أن هذه التعديات تكبد الدولة خسائر فادحة، لأنها تأكل اليابس والأخضر، وتعوق خطط التنمية وتهددها بالفشل الذريع، وتضر بالأمن القومى للبلاد، ومن هنا ضرورة أخطار كل من أجهزة الشرطة بالمحافظات لتحريك الدعاوى القضائية ضد المخالفين، والوحدات المحلية بصفتها الجهة المسئولة عن التخطيط والتنظيم، وذلك بالتنسيق مع الأجهزة المعنية بالمحافظات وحماية الأراضى لسرعة إزالة هذه التعديات. وأكد أن «المحليات» تسمح بالتعدى على أملاك الدولة، ونهبها، إذ تقوم بتوصيل البنية الأساسية من كهرباء ومياه للمعتدين، وتمتنع عن استلام محاضر بمخالفات التعديات لتنفيذ قرارات الإزالة، مما يزيد من التعديات العشوائية، خصوصاً أن نحو 36 ألف كيلومتر مربع معرضة للتصحر فى مصر «حسب بحوث الصحراء»، ومن ثم يكلف الدولة أموالًا طائلة. كما طالب أستاذ الاقتصاد بضرورة وضع ضوابط قانونية لردع المخالفين، حفاظًا على الأراضى المصرية، وحمايتها من البناء العشوائى واستنزاف ونهب أراضى الدولة الصحراوية ومواردها الطبيعية.