بعد نحو تسع سنوات من الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق والاطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين تنسحب القوات الامريكية وتترك وراءها بلدا ما زال يواجه مسلحين وتشوشا سياسيا وانقسامات طائفية. وفقد نحو 4500 جندي أمريكي وعشرات الآلاف من العراقيين أرواحهم في حرب بدأت بحملة "الصدمة والرعب" من قصف بغداد بالصواريخ والقنابل وتحولت لاحقا الى صراع طائفي دموي بين الاغلبية الشيعية التي ظلت مقموعة لزمن طويل والسنة الذين كانت لهم اليد العليا سابقا في البلاد. أعدم صدام وانحسر العنف لكن انسحاب القوات الامريكية يترك العراق أمام عشرات التحديات، من التمرد المستمر والسياسة الهشة الى اقتصاد يعتمد أساسا على النفط ويعاني من انقطاع الكهرباء والفساد. ترقب الدول المجاورة للعراق عن كثب كيف ستواجه بغداد مشكلاتها بدون وجود عسكري أمريكي يقوم بدور المنطقة العازلة في الوقت الذي تهدد فيه الازمة في سوريا المجاورة باحداث هزة في التوازن الطائفي والعرقي بالمنطقة. وأبلغ الرئيس الامريكي بارك أوباما -الذي وعد في حملته الانتخابية بإعادة القوات الامريكية لوطنها- رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن واشنطن ستظل شريكا مخلصا بعد انسحاب اخر جندي أمريكي. وقال وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا للقوات في قاعدة أمريكية بجيبوتي الاسبوع الجاري "كانت المهمة هناك اقامة عراق قادر على حكم وتأمين نفسه بنفسه وتمكنا من ذلك، هذا لا يعني أن الوضع سيكون سهلا". وترى القيادة الشيعية في العراق الانسحاب كبداية جديدة لسيادة البلاد لكن الكثير من العراقيين يتساءلون عن الاتجاه الذي ستأخذه البلاد بمجرد مغادرة القوات الامريكية، هل سينشب صراع طائفي أم ستهيمن طائفة على أخرى.. هل سيعود تنظيم القاعدة ليعيث في الارض خرابا، هل ستمتد النزاعات الحالية بين الاكراد في كردستان العراق التي تتمتع بحكم شبه مستقل الى صراع مع الحكومة العراقية المركزية في بغداد بسبب الارض المتنازع عليها. انحسر العنف مقارنة بالايام التي بلغ فيها الصراع الطائفي ذروته وتسببت خلاله تفجيرات انتحارية وفرق اعدام في قتل مئات الضحايا يوميا في وقت انزلقت فيه البلاد الى موجة من حوادث القتل الثأرية بين السنة والشيعة.