فى سنوات هى أحلك ما مرت به دول أفريقيا من خضوع لأحكام التمييز العنصرى التى فرضتها عليها قوى الاحتلال الأبيض المتمثل فى بريطانيا، قفزت قصة الحب بين الزعيم الأفريقى «سيريتسه خاما» ملك أكبر القبائل فى بتسوانا، الذى أصبح فيما بعد أول رئيس للبلاد، قصة حب بينه وبين امرأة بريطانية بيضاء هى روث وليامز الموظفة الإنجليزية المولعة بموسيقى «الجاز»، والتى تعرف إليها خاما أثناء دراسته فى بريطانيا فى الأربعينات، وأثار زواجهما أزمة سياسية، لكن تحدى كلاهما الأعراف والعنصرية، كما تحديا معارضة أسرتيهما لهذا الزواج، وعندما انتصر حبهما على كل هذه الاعتراضات، أصبحا هدفاً لمؤامرة سياسية أوسع نطاقاً، إذ ضغطت حكومة جنوب أفريقيا على بريطانيا لضمان عدم عودة خاما إلى الحكم أبداً والذى تولاه كأول رئيس لبلاده فى سبتمبر 1966. وظل خاما يحارب فى جبهتين حتى وفاته عام 1980، الجبهة الأولى من أجل الدفاع عن حبه، الثانية من أجل البقاء فى السلطة ومواجهة حكومة جنوب أفريقيا التى أرادت تنحيته تماماً عن الحياة السياسية. إنها قصة واقعية سجلها التاريخ، وبعد هذه السنوات الطويلة اجتذبت القصة سيناريست ومخرجا بريطانيا، لتقديمها للسينما الإنجليزية، كنوع من الاعتراف من قبل مستعمر قديم نجح فى فرض سيطرته السياسية والاقتصادية على الدول التى احتلها، لكنه لم يتمكن من مصادرة حريات المشاعر الإنسانية وخيارات القلوب، كما لم يخجل البريطانيون من استعادة هذا التاريخ العنصرى وقصة الملك الأفريقى العاشق، الفيلم حمل اسم «آى يونايتد كينجدم» وتم عرضه للمرة الأولى يوم الجمعة الماضى فى مهرجان «تورنتو السينمائى الدولى»، وقام بدور الزعيم خاما الممثل البريطانى ديفيد أويلو، وجسدت شخصية حبيبته وزوجته روزاموند بايك، وقال الممثل أويلو وهو على السجادة الحمراء للمهرجان «إن الأمر الذي أصبح واضحاً جداً.. هو أن الحب الشىء الذي يقهر كل شىء كل هذه المعارضة وكل تلك التحديات»، فقد ظل هذا الزواج مثار قلق على الساحة السياسية الأفريقية، رغم ذلك أصبح ايانا ابن خاما الرئيس الرابع لبتسوانا فى عام 2008، وقد قوبل الفيلم بترحيب شديد وصفق الجمهور الإنجليزى للقصة، رغم مناقشته مرحلة خطيرة من تاريخ بريطانيا وفرضها التمييز على الدول الافريقية التى احتلتها فى حينه.