"دكتور ممدوح تهامي عقل" أستاذ الجغرافيا الطبيعية بجامعة الإسكندرية، ووكيل كلية الآداب لشئون التعليم والطلاب، الوكيل السابق لخدمة المجتمع وشئون البيئة فى جامعة الإسكندرية، ووكيل سابق للدراسات العليا في آداب دمنهور، كان " لبوابة الوفد" معه هذا الحوار عن التغيرات المناخية فى العالم وتأثيرها على مصر والإسكندرية. - ما تأثير التغيرات المناخية التى تحدث فى الأرض على مصر تحديدا الخطر ليس مرعبا، لكن من الناحية الجغرافية أخطر شىء هو ارتفاع منسوب سطح البحر نتيجة ذوبان الجليد الموجود على قمم الجبال، أو فى المناطق القطبية ، مما يترتب عليه غرق الآراضى المنخفضة على وجه الخصوص فى جميع سواحل العالم، وفى مصر يمثل ذلك الجزء الشمالى من الدلتا، خاصة وأن للدلتا معدلات هبوط لأسباب طبيعية، وهى تمثل ثلثى مساحة الآراضى الزراعية فى مصر كلها، ولذلك فإن لغرقها أخطار كبيرة. فالمشكلة ليست غرق الآراضى فى حد ذاتها، لكن فى كونها آراض منتجة سواء زراعيا أو صناعيا؛ لأن الخسارة فيها تكون هائلة. - ماهى تهديدات ذلك بالنسبة للإسكندرية ؟ الإسكندرية إلى حد ما مرتفعة عن سطح البحر، وخصوصا وسط وغرب المدينة؛ ولذلك فهى ليست مهددة مثل آراضى الدلتا التى تبدأ من المعمورة فى شرقى الإسكندرية وحتى شرق بورسعيد مروا برشيد ودمياط والبرلس وغيرهم. - ذكرت بعض التقاير أن هناك تخوف من أن يؤدى ارتفاع درجات الحرارة إلى انخفاض منسوب نهر النيل فهل ذلك ممكن الحدوث؟ مع ظهور التغيرات المناخية والاحتباس الحرارى فى العقود الأخيرة زاد عدد مرات حدوث الأعاصير الناتجة عن ظاهرة "النينو" من جانب، وزادت شدتها من جانب آخر. وظاهرة "النينو" هى ظاهرة طبيعية عبارة عن أعاصير فى فترات معينة تحدث فى شرقى القارات، وتؤدى لحدوث جفاف بها. وبالتالى يؤثر ذلك على نهر النيل لوقوعه فى شرق المنطقة الإستوائية فى إفريقيا. وفى دراسة أجريتها عن مائية نهر النيل اتضح انخفاض منسوبه منذ القرن ال 16 وحتى الأن لأكثر من النصف. ففى السابق كان يصل لأسوان 170 مليار متر مكعب من الماء، والأن يصل لها 84 مليون متر فقط. وذلك لأسباب طبيعية تماما. - هل كان الإعصار الذى ضرب اليمن الشتاء الماضى طبيعى ؟ نعم، طبيعى. فمنطقة جنوب الجزيرة العربية وبحر العرب تقع على هامش منطقة حدوث الأعاصير المدارية، وبالتالى تكون الأعاصير فيها محدودة وغير متواترة. ولذلك تكون محل استغراب لغير المتخصصين عندما تحدث كل عدة أعوام، إلا إنها بالنسبة لجو الأرض طبيعية تماما. - تذكر بعض التقاير أن المدن الساحلية ستغرق بحلول عام 2050 فما صحة ذلك ؟ هذا غير صحيح. فى التقديرات العلمية هناك دائما تقديرات متشائمة تعطى أرقام مرتفعة، وأخرى متفائلة تعطى أرقام منخفضة، وفى هذه الحالة يتم الأخذ بالتقديرات المتوسطى بينهم. فهى كلها تقديرات وليست حقائق علمية، وثمة اختلاف كبير بين الإثنين. - هل صحيح أن درجة حرارة الأرض الأن تبعد عن درجة حرارتها فى أخر عصر جليدى درجة أو اثنين مئويتين فقط ؟ كلا، الفرق بينهما كبير جدا. فدرجة حرارة الأرض فى أخر عصر جليدى انخفضت عن معدلها فى الزمن التالى لها الذى نعيش فيه بمعدل 8 درجات مئوية، فى حين أن معدل التغير حاليا هو من 0.6 إلى 0.9 درجة حسب كما أثبتت الجهات العلمية العالمية. إلا إننى أريد التنبيه على أن التغيرات المناخية فى آخر عصر جليدى كانت لأسباب طبيعية تماما وإن لم تعرف على وجه الدقة حتى الأن، فى حين أن التغيرات المناخية حاليا هى لأسباب بشرية وانطلاق الغازات التى تؤدى للاحتباس الحرارى. - ماهى الحلول للحد من تأثيرات التغيرات المناخية ؟ من الرائع وجود مؤتمرات دولية تحاول السيطرة على معدلات التلوث، واتفاقيات تلتزم بها جميع الدول وخاصة الصناعية، لأنها تشارك فى التلوث بنسبة كبيرة؛ فالولايات المتحدةالأمريكية وحدها مسئولة عن 60% من التلوث. ونتمنى أن ينفذ مايتم الاتفاق عليه فى هذه المؤتمرات. لأن الحلول المطروحة تحاول ضبط إيقاع التلوث وانطلاق الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، واستخدام المحروقات منذ بداية الثورة الصناعية وحتى الآن. ومطلوب من كل واحد فينا المحافظة على البيئة، وهو مطلب إسلامى ديني قبل أن يكون مطلب إنسانى. فكل شىء نلوث به البيئة يرتد علينا بطريقة ما. - ماهى التوقعات للشتاء القادم فى الإسكندرية ؟ ليس بالضرورة أن يتكرر الحدث، لكن علينا أن نأخذ حذرنا. فمن الممكن ألا يأتى الشتاء القادم غزيرا مثل العام الماضى، ومن الممكن أن يأتى غزيرا ونحن مستعدين له. بحكم تخصصى أعرف إنه حدثت أمطار أكثر غزارة من الشتاء الماضى فى السنوات السابقة، لكن كان هناك استعدادت لها، والبالوعات تعمل، والناس يحافظون على نظافة الشارع أكثر من ذلك. فأى شىء نلقيه فى الشارع مهما صغر قد يصل إلى بالوعة الأمطار ويسدها. فنحن جميعا مسئولين عن الخطأ البشرى الذى حدث الشتاء الماضى. - غرقت الإسكندرية الشتاء الماضى فهل كانت الأمطار أكثر غزارة من المعتاد ؟ ماحدث العام الماضى كان سبب بشرى أكثر منه طبيعى؛ فمعروف إنه تحدث نوة كل عام فى نهايات شهر أكتوبر، وبدايات نوفمر، وتحددها هيئة الأرصاد الجوية وتحذر منها. كانت كميات الأمطار العام الماضى أكثر قليلا، ولكنها لم تكن شاذة أو لم تحدث من قبل فهى لم تخرج عن التقديرات المعتادة للخبراء. ربما ماحدث العام الماضى وما جعل المأساة أكثر سوءا كان عائدا لخطأ أو إهمال بشرى، أو مؤامرة فأنا لست مسؤلا فى المحليات، لكن من الناحية الطبيعية حدث ذلك من قبل، وماهو أكثر منه ولم نشاهد أزمة العام الماضى.