اعتبر المتخصصون في شئون الحركات الجهادية وجماعات الاسلام السياسي، أن انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة تحرك تكتيكى لتحقيق أهدافها، ومنها رغبتها الدخول في المباحثات السورية كجزء من المعارضة، إضافة إلى مغازلة الغرب وكسب النقاط على حساب "داعش". وكان أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، قد اعلن في أول ظهور إعلامي له خلال كلمة متلفزة أمس الخميس، عن وقف العمل باسم "جبهة النصرة"، وتشكيل جماعة جديدة باسم جبهة "فتح الشام" إضافة إلى الانفصال عن تنظيم القاعدة، التي سبقت الجبهة و بايعته في بداية الثورة السورية. وقال الجولاني إن هذه الخطوة تسعى لتحقيق خمسة أهداف وهم:" العمل على إقامة دين الله، التوحد مع الفصائل المعارضة للقضاء على النظام وأعوانه، حماية الجهاد الشامي والاستمرار فيه، السعي لخدمة المسلمين وتخفيف معاناتهم تحقيق الأمن والأمان والاستقرار لعامة الناس" _على حد قوله_. وفي المقابل، أعلن البيت الأبيض أن تقييمه لجبهة النصرة لم يتغير، وأنه ما زالت لديه مخاوف متزايدة من قدرتها المتنامية على شن عمليات خارجية قد تهدد الولاياتالمتحدة وأوروبا، كما أكدت الخارجية الأميركية أن جبهة النصرة ما زالت هدفا للطائرات الأميركية والروسية في سوريا. ويُشار إلى أن جبهة النصرة تم تشكيلها أواخر عام 2011، وأصبحت في وقت قصير من أبرز قوى المعارضة المسلحة في سوريا، وفي 2012 صنفتها الحكومة الأمريكية كجماعة إرهابية، كما قرر مجلس الأمن في 30 مايو 2013 إضافتها إلى قائمة العقوبات للكيانات والأفراد التابعة لتنظيم القاعدة. وفي هذا الصدد، قال نبيل نعيم، مؤسس تنظيم الجهاد السابق، إن الهدف من انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة هو التواجد سياسيًا بصورة أكبر، موضحًا أنها تريد أن الدخول في المباحثات السورية ضمن وفود المعارضة، وهو ما لم تكن لتتمكن منه في ظل تبعيتها للقاعدة. وأشار في تصريح خاص ل "بوابة الوفد"، أنها كانت قد أعلنت قبل عامين انفصالها عن القاعدة ولكن تمت المصالحة بينهم، مؤكدًا أن "النصرة" لم تعد في حاجة إلى تنظيم القاعدة في الوقت الحالى، لأنها ترى في أن زعيمه أيمن الظواهرى ذو شخصية ضعيفة. وذكر نعيم، أن أمريكا تريد القول بأنها ما زالت تحارب الإرهاب وذلك من خلال رد فعلها على الانفصال بين "النصرة" و"القاعدة"، مشيرًا إلى أنها تظهر عكس ماى تخفي، لأنها حليفة الإرهاب وهى التي أدخلت تلك التنظيمات الإرهابية إلى سوريا والمنطقة. واعتبر مصطفى زهران، باحث في الحركات الإسلامية والجهادية، أن الانفصال يأتي على خلفية حالة الارتباك التي يعيشها تنظيم القاعدة، حيث أصبح بمثابة تنظيم هزيل في الفترة الأخيرة، ولم يعد تنظيم عنقودى له رأس وأطراف ولكنه مجرد فكرة موجودة. وأكد على أن "جبهة النصرة" تحاول أن تمارس التقية في الداخل والخارج بمعنى أنها تسعى لاظهار عكس ما في باطنه، مشيرًا إلى أنها تريد أن تظهر وكأنها تواجه نظام الأسد في كجماعة معارضة سورية وليست كجبهة جهادية تابعة لقوى خارجية. ورأى زهران، أن جبهة النصرة تغازل الغرب بقرار انفصالها عن القاعدة، من خلالها سعيها لكسب النقاط على حساب تنظيم داعش، لأنها تعي جيدًا أن "داعش" لديه خصومة شديدة في العالم العربي والغربي على حد سواء، لذا فإن انفصالها نكاية فيه ونوع من ممارسة التقية داخليًا وخارجيًا. قال هشام النجار، الباحث في شئون التيارات الاسلامية، إن الانفصال بين "جبهة النصرة" و"القاعدة" لا يعنى الاختلاف فيما بينهم في الفكر والمنهج، ولكنها تحركات تكتيكية للتأقلم مع مستجدات الوضع الإقليمى والتطورات في سوريا. وأشار إلى أن القاعدة كانت تتعامل مع جبهة النصرة في الشام باعتبارها مركز تدريب واعداد وتسليح للمجندين ولكن معركتها الأولى هو الصدام مع الغرب وضربه في العمق، كما أن جبهة النصرة تسعى للتأقلم في على الأوضاع في سوريا في ظل انهزامهم وتفوق نظام الأسد مؤخرًا.