محاولات مستميتة تقوم بها وزارة المالية حاليًا بقيادة الوزير عمرو الجارحى للدفاع عن ضريبة القيمة المضافة من اتهامات التسبب فى حدوث موجة غلاء جديدة للأسواق المحلية. رفعت «المالية» لافتة كبيرة لتهدئة المواطنين من آثار تلك الضريبة شعارها إعفاء 90% من السلع التى تمس احتياجات المواطنين، على أن تشمل تلك الإعفاءات أهم الخدمات الأساسية لمحدودى الدخل، وأبرزها التعليم والصحة والنقل.. ولكن فى المقابل نجد «الجحيم فى التفاصيل» إذا قمنا بإجراء قراءة سريعة لفاتورة الغلاء التى ستكتبها تلك الضريبة بالنسبة لأهم الأنشطة التجارية والاقتصادية من خلال كلمة السر التى تتمثل فى «سعر الجدول» الذى ستتم إضافته لسعر الضريبة المقترح بواقع 14%. الأسباب وراء زيادة الأسعار نتيجة استبدال تطبيق ضريبة المبيعات بالضريبة على القيمة المضافة يحددها المحاسب القانونى أشرف عبدالغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية، مؤكدًا أنه سيتم فرض «ضريبة على ضريبة»، حيث إنه طبقًا لمشروع القانون تفرض الضريبة بالسعر العام المقترح بواقع 14% على السلع والخدمات، إلا ما سيتم استثناؤه وفقًا لجدول الإعفاء المرفق للقانون، واستثناءً من السعر العام أرفق بالقانون جدول يحتوى على بعض السلع والخدمات ذات أسعار ضريبية مختلفة عن السعر العام، وتم تقسيم الجدول إلى جزأين، الأول يخضع لمرة واحدة فقط لضريبة الجدول، ولا يعاد فرض ضريبة أخرى فى مراحل التداول إن وجدت مثل التبغ والبنزين والخدمات المهنية والاستشارية، أما الجزء الثانى لسلع وخدمات تخضع لضريبة على السعر العام، بالإضافة إلى ضريبة الجدول، أى «ضريبة على ضريبة» من النوع نفسه عند المنتج أو المستورد. أما قائمة الأنشطة التى ستتأثر أسعارها من تطبيق ضريبة القيمة المضافة فيحددها المحاسب القانونى الدكتور أشرف نصر، مؤكدًا أنه بالنسبة للصناعة فإن أسعار بعض الأجهزة المنزلية مثل التليفزيونات والثلاجات والديب فريزر وأجهزة التكييف ستخضع لسعر ضريبة 14%، بالإضافة إلى 8% سعر الجدول أى تصل إلى 22%، ولا يعنى ذلك انخفاض الضريبة عليها من 25 إلى 22%، لأن هذا الخفض نظريًا فقط، لأنه لن يتم خصم ضريبة الجدول، ما يعنى إضافة 8% زيادة فى التكلفة على التاجر، ما يجعله يلجأ لزيادة الأسعار لتعويض ذلك. وبالنسبة لقطاع الاتصالات يشير د. أشرف إلى أن الضريبة ستزيد على المحمول من 15% إلى 22% نتيجة فرض ضريبة سعر جدول بنسبة 8% بجانب 14% السعر العام، وذلك مقابل زيادة فى ضريبة الهاتف الأرضى من 5% إلى 14%، ولن يتفادى قطاع الأدوية خطر زيادة الأسعار حيث سيتأثر من جانب مستلزمات ومواد التعبئة والتغليف والعبوات التى سترتفع الضريبة عليها من 1% إلى 14%، ما يؤثر على زيادة السعر العام للدواء، وأضاف أن القطاع الزراعى سيتأثر أيضًا من خلال الأسمدة والمبيدات التى تم اعتبارها ضمن سلع الجدول، ما يزيد أسعارها لعدم السماح بخصم مدخلاتها. وكشف د. أشرف نصر عن تأثر قطاع المقاولات بقدر كبير، حيث ستزيد تكاليف مدخلاته، بالإضافة إلى زيادة سعر الضريبة عليها، ما يؤدى إلى تراجع هذا النشاط كثيف العمالة وما يخلفه من زيادة كبيرة فى أسعار العقارات، حيث سترتفع الضريبة على المقاولات من سعر يتراوح بين 1.2% و3% لتبلغ 5%، بخلاف زيادة الضريبة على قضبان وعيدان حديد البناء من 8% إلى 14%. وأضاف أنه سيتم خضوع بعض السلع والخدمات التى كانت بسعر 5% لترتفع إلى السعر العام 14%، وهى سلع وخدمات تؤدى إلى موجة من ارتفاع الأسعار، وتضم الأسمنت والأخشاب، وتتضمن خشبًا منشورًا طوليًا ومسطحًا أو مشرحًا وخشب (الكونتر)، وألواح الخشب الحبيبى والمضغوط دون تصنيع إضافى، والأسمنت المائى بجميع أنواعه، بما فى ذلك الأسمنت المكتل غير المطحون (كلينكر)، وخردة وفضلات الحديد، بالَإضافة إلى الصابون والمنظفات الصناعية للاستخدام المنزلى، وخدمات الوسطاء الفنيين لإقامة الحفلات العامة والخاصة. ومن جانبه يؤكد المحاسب القانونى علاء السيد أن سياسة الإعفاءات لخدمة محدودى الدخل سلاح ذو حدين، موضحًا أن مشروع القانون منح مراعاة للبعد الاجتماعى من خلال الإعفاءات الخاصة بمحدودى الدخل، ولذلك لجأ لتعويض الحصيلة الضريبية المفقودة من تلك الإعفاءات إلى زيادة الضريبة على بعض السلع التى تعتبر عوامل إنتاج مهمة. وكشف «السيد» عن عدم مراعاة الظروف الحالية للنشاط السياحى، موضحًا أنه سيتم إلغاء الإعفاء الممنوح لشركات السياحة عن نشاط جلب الأفواج السياحية، وسيتم إخضاعها لسعر 14% على العقود الحالية والموقعة منذ فترة مع الشركات الأجنبية، ما يؤدى إلى تحمل شركة السياحة المصرية للضريبة!!، وفى المقابل سترتفع الضريبة على النشاط الفندقى من 10% إلى 14%، ولكن قد يعوض ذلك السماح بخصم المدخلات، وطالب بضرورة تأجيل فرض الضريبة على شركات السياحة لمدة عام أسوة بتأجيل الضريبة على الإنترنت الأرضى. وأشار إلى أن الزيادات لن تتوقف عند ذلك، لافتا إلى أن هناك أزمة ستحدث نتيجة إخضاع الخدمات المستوردة، حيث ستتعرض إلى ضريبتين، الأولى بسعر 14% قيمة والثانية 20% ضريبة دخل، لتصل الضريبة عليها إلى 34%، فى حين أنها كانت معفاة منقبل فى ضريبة المبيعات.