«تشريعية النواب» توافق نهائيًا على مشروع قانون الإجراءات الجناية الجديد    كليات التربية في تنسيق المرحلة الثالثة 2024    أحمد موسى: توجهات رئاسية بالتخفيف عن المواطنين.. وأخبار سارة قريبًا    كيفية الاستعلام عن فاتورة الكهرباء وسدادها بسهولة    بلينكن: سنقدم 50 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة لأوكرانيا    ماسك: لن نصل إلى المريخ أبدا إذا فازت هاريس بالانتخابات    رئيس الوزراء اللبناني: عدد اللاجئين من جنوبي البلاد وصل إلى 140 ألف شخص    توفى بشكل مفاجئ أثناء مباراة.. غزل المحلة ينعي لاعبه السابق    الحزن يخيم على بعثة بيراميدز في رواندا بعد بوفاة إيهاب جلال    وزير الشباب والرياضة يستقبل محافظ دمياط لبحث مستجدات العملية الإنشائية وتعزيز التعاون    مع عودة نجومه.. ريال مدريد جاهز لمواجهة سوسييداد    حبس المتهم بسرقة فيلا مدرب حراس المنتخب الأوليمبي    تكريم أوائل الثانوية العامة بجنوب سيناء في الحديقة المركزية بشرم الشيخ    القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يكرم لجنتي المشاهدة والتحكيم بحفل الختام    محمد المهدي عن منع طفل عن رؤية والده بعد الطلاق حتى لو الأب توكسيك: لا يجوز    رئيس المشيخة الإسلامية في كرواتيا: القاهرة تحملت مسؤولية نشر تعاليم الإسلام في أوروبا    أمين الفتوى: شكر الله يكون بالصلاة وقراءة القرآن والصيام (فيديو)    بالتوست.. خطوات بسيطة لتحضير بيتزا كب    تنسيق جامعة الأزهر 2024، بدء تسجيل الرغبات ل 4 فئات أبرزها طلاب الثانوية العامة    علي جمعة يكشف عن أوصاف وشمائل النبي: صفات ساقيه وقدميه الشريفة    فن اختيار الستائر    المتحدث العسكري: خبير أمريكي في علاج تشوهات وضيق الأوعية الدموية بالمركز الطبي العالمي    كوجك وجميعة يتفقدان مستشفى أبو حماد المركزي بالشرقية    طبيب يجيب.. ازاى تعزز مناعة طفلك قبل العودة للمدارس    وليد عوني يخطف أنظار جمهور حفل ختام الدورة 31 لمهرجان المسرح التجريبي    لماذا يتناول المسيحيون البلح والجوافة في عيد النيروز؟    عناوين مكاتب حجز تذاكر القطارات بمحطات المترو والجامعات.. خدمة جديدة    مصرع مسجل خطر في تبادل لإطلاق الرصاص مع الشرطة بقنا    خالد الجندي يوضح الفرق بين الغيبة والنميمة والبهتان    سبتمبر الخير والأفراح.. بداية لمواسم حصاد ثمار البلح والزيتون وصيد السمان فى شمال سيناء    رئيس الوزراء: الحكومة مهتمة بتوفير جميع الحوافز لصناعة الدواء    بريطانيا تستدعي القائم بالأعمال الإيراني بسبب نقل صواريخ باليستية إلى روسيا    ليس «زنا» أو «دعارة».. محامية تكشف عقوبة تبادل الأزواج    5 معلومات عن خالد شباط بطل مسلسل إنترفيو على WATCH IT    حفل تخرج الدفعة الأولى من البرامج المشتركة لجامعتى المنوفية والمصرية للتعلم الإلكتروني    النزول بسن القبول للصف الأول الابتدائي في جنوب سيناء    حبس طرفي مشاجرة الأسلحة النارية بنجع عطيتو بالأقصر 15 يوما    محافظ أسوان يتابع مشروعات محطات معالجة ورفع الصرف الصحي    «مدبولي»: سنُعلن أنباء جديدة بشأن استدامة توافر الاحتياجات البترولية    السلطات التشيكية تصدر تحذيرا شديدا من الفيضانات شرقى البلاد    محافظ مطروح يدعو منتجى التمور للمشاركة فى المعرض الدولى بمركز مصر للمؤتمرات    «الصحة» تعلن بدء التشغيل التجريبي لمركز الزهراء التخصصي للأسنان    مدبولي يلتقي "عياد" ب "الإفتاء: الدولة تدعم الدار لتحقيق أهدافها    رئيس «مطروح الأزهرية» يكرم أوائل الطالبات بمعهد فتيات مطروح النموذجي    المشاط تلتقى الرئيس التنفيذي لبورصة المناخ في نيويورك    العراق وإيران يوقعان 14 مذكرة تفاهم في عدة مجالات    «بيت الزكاة والصدقات» يدعم الأسر الفلسطينية وأبنائهم الطلاب في مصر    ليفربول يتلقى ضربة قوية بغياب نجم الفريق بسبب الإصابة    11 سبتمبر.. هل ضحايا غزة بني أدمين درجة ثانية؟    "خايف من اللي عمله".. الزمالك يفجر مفاجأة بشأن صفقة بوبيندزا    «الأرصاد»: ارتفاع شديد في درجات الحرارة غدا.. والرطوبة تصل إلى 90%    المعارضات يجدد حبس المتهمين بقتل ابن سفير سابق في الشيخ زايد    "الصحة" تحتفل بتخريج الدفعة الثانية من دبلومة "المستشفيات التعليمية" للصيدلة الإكلينيكية    أول رد من الحكومة بشأن «التفرقة بين أبطال البارالمبية والأولمبياد في الجوائز المالية»    الشريعي: أحمد دياب أساء اختيار عامر حسين.. وحقنا في صفقة إسلام عوض "سقط"    إصابة 4 أشخاص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالبلينا سوهاج    3 أبراج محظوظة اليوم 11 سبتمبر 2024.. هل أنت منهم؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 11-9-2024 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إميل أمين يكتب : أميركا.. بوتقة الانصهار في خطر
نشر في الوفد يوم 11 - 07 - 2016

تطرح الأحداث المأساوية الأخيرة التي جرت في الولايات المتحدة، واستحضار
حالة العنصرية من جديد علامة استفهام جذرية... هل نحن أمام حالة فردية
جديدة أم ظاهرة جماعية؟
المؤكد أن ما جرى في دالاس الأيام القليلة المنصرمة بات يتسنم قمة أعمال
العنف العنصري التي شهدتها عدة ولايات أميركية تجاه الأميركيين الأفارقة
مؤخرا، وأضحى البحث عن أسباب هذا العنف فرض عين.
المؤكد أننا لسنا في مجال التحليل الخبري للمشهد، بل جلّ المراد هو البحث عن
أبعاد الأزمة الأميركية والتي تقف اليوم أمام استحقاقات مثيرة، في مقدمتها
ضبابية الرؤية حول فكرة المساواة القانونية في البلاد، وهل هي فكرة هيولية
بأكثر منها حقيقة؟ ثم لماذا أخفق الرهان على كون اختيار أول رئيس من أصول
أفريقية (باراك أوباما)، ربما يعيد للموازين العنصرية المختلة نصابها؟ ثم
وهذا هو الأهم هل ستشهد الولايات المتحدة هذه الأيام فورة تعقبها ثورة
للسود مثل تلك التي رأيناها في الخمسينات والستينات، وشملت شمال البلاد
وجنوبها، ومن أقصاها إلى أدناها؟
لتكن الاستشهادات هنا من على لسان كبار العقول الأميركية، وذلك بحثا عن
الموضوعية فيما يتصل بأميركا وهل هي أمة عنصرية أم لا؟
في كتابه «من نحن.... المناظرة الكبرى حول أميركا»، يضعنا صموئيل هنتنغتون
صاحب فكرة صراع الحضارات أمام الحقيقة الآتية على مرارتها: «الأميركيون
يحملون مشاعر خاصة بالعنصرية والعرقية».
أما المؤرخ الأميركي الأشهر آرثر شلينرنجر فعنده «أنه في معظم التاريخ
الأميركي كانت هناك أمة عنصرية، تميز بحدة بين البيض الأنجلو ساكسون
والهنود الحمر، والسود والآسيويين والمكسيكيين، وطويلا ما استبعدتهم من
فعاليات المجتمع الأميركي الحقيقية، وعملوا على تهميشهم».
ماذا عن حال الأميركيين الأفارقة الذين يبلغون نحو 40 مليونا أي بنسبة تقرب
من 14 في المائة من تعداد الولايات المتحدة؟
الأرقام حقا مفزعة ذلك أن 37 في المائة من أطفال أميركا السود يعيشون تحت
خط الفقر، وواحد من بين كل عشرة سود يقبع أحدهم في السجون الأميركية، كما
أن النظام القضائي الأميركي يغلظ العقوبات بنسبة 20 في المائة، مقارنة بنفس
الأحكام التي تصدر ضد البيض، الأمر الذي دعا المقررين الخاصين للأمم
المتحدة لحقوق الإنسان (كريستوف هالينس، وميران قانون) للتنديد بالنقص
الحاد للثقة بذلك النظام، أما عن البطالة فحدث ولا حرج، عن نسبتها بين
السود، والناظر إلى واشنطن العاصمة يرى كيف أنها مقسمة جغرافيا بين قطاعين
لا علاقة لأحدهما الأبيض بالآخر الأسود.
بعض الأرقام التي جمعها الكاتب والباحث الإيطالي جيوفاني ما ورد من مكتب
الإحصاء الأميركي، والمركز الفيدرالي لإحصاءات التعليم، ومكتب الولايات
المتحدة لإحصاءات العدالة، حقا مزعجة، إذ يشير بعضها إلى أن 48 في المائة
من الأميركيين البيض يحملون مواقف عنصرية ضمنية للسود، هذه النسبة ارتفعت
في عام 2012 إلى 51 في المائة.
هل باتت نظرية «بوتقة الانصهار» الأميركية مشكوكا في جدواها؟
في أواخر القرن الثامن عشر أشاع المفكر الأميركي كريفيكير في كتابه الشهير
«رسائل من مزارع أميركي» فكرة أن الولايات المتحدة هي بوتقة انصهار Melting
pot وهي الفكرة التي ستصبح شائعة جدا في القرن العشرين وتفاخر بها أميركا،
انطلاقا من أن شعبها هو محصلة أفراد من جميع أنحاء العالم انصهروا في دولة
جديدة، لذا فقد ترك الأميركي وراءه كل تحيزاته وطباعه القديمة، واكتسب
تميزات وطباعا جديدة من نمط الحياة الجديد الذي تبناه..
ربما لو عاد الرجل للحياة واستمع إلى باراك أوباما لغير رأيه، ففي مارس
(آذار) 2015 وخلال خطاب له في مدينة سلما جنوبي الولايات المتحدة، رفض
أوباما مقولة اختفاء العنصرية في البلاد قائلا: «ثمة خطأ شائع مفاده أن
العنصرية زالت، وأن العمل الذي بدأه، رجالا ونساء انتهى»..... وأردف «هذا
ليس صحيحا».
الأمر ذاته أكدته هيلاري كلينتون في يونيو (حزيران) من العام المنصرم، وفي
مؤتمر لها مع رؤساء بلديات سان فرانسيسكو إذ اعتبرت أنه: «من المخادعة
التصديق بأن أميركا تخلصت من العنصرية إلى حد كبير» ومؤكدة أن العنف
المؤسسي العنصري لا يزال مستمرا في الولايات المتحدة.
خطورة تصاعد المد العنصري المصحوب بالعنف هذه الأيام أنه يجري على هامش
انتخابات رئاسية أميركية، ما سيجعل ذلك جزءا كبيرا ومؤثرا من التصويت يجري
برسم عرقي وعصبي مذهبي وطائفي، ويصب تلقائيا في صالح دونالد ترامب ورؤاه
العنصرية.
والأمر الأخطر هو كون ميكا أكزافير جونسون مطلق النار وقاتل الشرطة في
تكساس، عنصرا سابقا في الجيش الأميركي، ما سيلقي ظلالا من الشك على نظرائه
العاملين في الخدمة، ويعمق الشرخ القائم في جدار الأمة.
حالة التماسك الاجتماعي الأميركي غير مبشرة، فقد وصل الأمر لإحراق كنائس
المسيحيين السود، ولهذا ليس غريبا الإحباط الذي يسود الأميركيين الأفارقة
من رئاسة أوباما، فأوضاعهم لم تتعدل ومآسيهم لم تتبدل، وأن حجج أوباما على
غير حق بأن أميركا دولة غير منقسمة وما جرى كان حالة فردية، وقد أدرك
الجميع أن تغيير الأمر الواقع يقع على عاتق حركة الجماعة لا مبادرة الفرد
مهما كانت سلطته ومنصبه.
في مجتمع يخضع لسيطرة معقدة ومركبة، بإمكان المرء أن يجد الأفكار السرية
متخفية في الفنون، كذلك الحال في مجتمع السود، ربما أخفت أغاني الزنوج
الأميركيين مهما كانت شجية وتبعث على الحزن، الغضب، وربما كانت موسيقى
الجاز، مهما كانت مبهجة تنذر بالتمرد والثورة.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.