يبدأ أحمد أبو الغيط، مشواره الجديد فى الجامعة العربية، غدا الأحد، بعد ان تسلم أمانة الجامعة العربية من سلفه نبيل العربي، الذي انتهت مدة ولايته. ويستمر أبو الغيط امينا للجامعة العربية لمدة 4 سنوات، وفى حال اختياره مجددا من خلال مجلس وزراء العرب يتم المد أربع سنوات اخرى مثلما حدث مع عمرو موسى الذى تولى أمانة الجامعة دورتين. ونجا أبو الغيط من فخ صنعته له قطر منذ 6 أشهر أثناء اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب لاختياره أمينا جديد للجامعة، وحاولت قطر أن تقود تحالف ضده داخل الجامعة لاسقاطه بمساعدة السودان وتصدت الدبلوماسية المصرية لهذا المخطط التآمري. وتمكنت مصر بذكاء ودعم عربى من إحباط المؤامرة ليفوز أبو الغيط بالمنصب، وتضطر قطر الخضوع لرأى الاغلبية معلنة تحفظها على اختياره لتجعل من موقفها هذا اكبر تحدى يواجهه ابو الغيط فكيف سيتعامل مع قطر رغم موقفها المعلن من ترشحه وخاصة ان لها اسهامات ضخمة فى المشروعات الانسانية التى تنفذها الجامعة حيث تعد من أكبر الدول الممولة لهذه المشروعات الانسانية. شغل أبو الغيط منصب آخر وزير خارجية مصري في عهد المخلوع مبارك، لمدة 7سنوات، وعرف بمواقفه العدائية لثورات الربيع العربى، وله تصريحات مثيرة للدهشة حول ملف الصراع العربى الاسرائيلى. وعاد أبو الغيط للمشهد السياسى مجددا ليخوض تجربة عمل على نطاق أوسع فى الجامعة العربية، وليواجه تحديات كبيرة أهمها حالة التشرزم التى تعانيها الدول العربية والصراع الشيعى السنى التى تطيح بالامة العربية، وتدخل ايران فى الشان العربى وتنظيم الدولة الاسلامى الذى يشكل تهديد لامن واستقرار الوطن العربى والوضع الانسانى الصعب لللاجئين العرب سواء فى سوريا او ليبيا او اليمن. ويواجه أبو الغيط أيضا رفض اسرائيل استئناف مفاوضات السلام واصرارها على مواصلة عداءها البغيض فى حق الشعب الفلسطيني، ليصبح مطالبا برؤية جديدة لمواجة التحديات التى تكاد ان تعصف بالوطن العربى وعلية ان يفكر بصورة غير نمطية. ابو الغيط وليفنى: وثقت الكاميرات لقطة شهيرة لأحمد أبوالغيط، وهو يمسك بيد وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بعد أن كادت توشك على السقوط على سلالم قصر الاتحادية، عقب المؤتمر الصحفي الذي جمعهما في 2008، لتعلن ليفني بعدها شن حرب ضروس على غزة، وقيل وقتها إن ليفني أعلنت الحرب على غزة من قلب قصر مصر. ورد أبوالغيط على الانتقادات الواسعة التي تعرض لها بعد هذا الموقف في مذكراته "شهادتي"، بالقول: "أعلنت في المؤتمر الصحفي أن مصر ضد التصعيد وترفض كل أعمال العنف من الجانبين، وبعد المؤتمر الصحفي، أوشكت ليفني على السقوط على سلالم القصر، فأمسكت بيدها حتى لا تتزحلق على الرخام كموقف تلقائي، ثم فوجئت في اليوم التالي بصورتي وأنا ممسك بها في الصحف". وأضاف كاشفا أن زوجته حذرته ساخطة من كون تلك الصورة سوف تثير الناس عليه، ولكنه رد عليها "وهل كنت أتركها تسقط؟!" بينما ردت عليه هي "كنت تركتها تقع". ابو الغيط وثورة شعب: عقب اندلاع ثورة يناير، عكست تصريحات أبوالغيط اضطرابًا واضحًا وسخرية أثناء ثورة 25 يناير، حيث لم يكتف بتصريحاته العدائية للثورة، و قال إن مصر ليست تونس، واصفاً كل حديث عن ثورة مصر بأنه "كلام فارغ"، إلا أنه أعلن موقفه من ال"فيسبوك" رسميا، من خلال برقية رسمية صادرة عن مكتبه تحذر الدبلوماسيين المصريين من الدخول إلى الموقع الاجتماعي. كما أصدر أثناء الثورة مرسوما يهدد فيه الدبلوماسيين المصريين بالفصل من العمل لو ثبت ذهابهم لميدان التحرير. وقبيل سقوط حسني مبارك، حاول أبوالغيط الدفاع عنه في وجه تصريحات أوباما المتصاعدة، فانفعل واصفا الرئيس الأمريكي بأنه "The boy"، ولم يتورّع عن فعل أي شيء في محاولته إنقاذ النظام في مصر، بداية من البرقيات الغريبة التي دأب على إرسالها إلى الدبلوماسيين المصريين في الخارج، وحتى محاولة اختلاق مواقف وطنية مكذوبة تحاول جعل مبارك ونظامه في كفة، والخضوع لسياسات أميركا (التي تطالب مبارك بالرحيل) في كفة أخرى، محاولاً بسذاجة خلق رأي عام مناهض لثوار التحرير. وأرسل أحمد أبوالغيط برقيات إلى سفراء مصر في الخارج، طالباً منهم التأكيد لدى الدول المرسلين إليها على أن كل شباب الثورة مجموعة من العملاء يتلقون دعماً أجنبياً، وأن الجهات الأمنية في مصر استطاعت أن تضع يدها على أجهزة وأوراق تنظيمية تثبت ذلك. موقفه العدائى من حماس: هاجم أبوالغيط حماس عقب الغارات الجوية الإسرائيلية ضد قطاع غزة التي استمرت منذ 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، وقتلت حوالي 348 فلسطينياً، محملاً حركة "حماس" مسؤولية ما حدث، قائلًا: "إن مصر قامت بتحذير الحركة منذ فترة طويلة بأن إسرائيل ستقوم بالرد بهذا الأسلوب"، مضيفًا "فليتحمل اللوم هؤلاء الذين لم يولوا هذا التنبيه أهمية". وفي عام 2009، هاجم وزير الخارجية الأسبق، أبوالغيط، حركة "حماس" و"حزب الله"، قائلاً: "خلال الحرب على غزة سعى الطرفان لإشعال صراع في الشرق الأوسط"، واتهمهما ب"محاولة تحويل المنطقة إلى صدام وصراعات". وفي يونيو2007، كشف أبوالغيط وجود إيراني في غزة في أعقاب إمساك "حماس" بالسلطة، ثم رد في أبريل 2008 على عبور بعض الفلسطينيين الحدود، بالتهديد قائلاً إن مصر "ستقطع رجل" كل من يحاول اقتحام الحدود، عقب مقتل 42 شهيداً على الحدود برصاص إسرائيلي كما اعترف بأن مصر أفشلت عقد قمة عربية مكتملة النصاب حول غزة في قطر، مبرراً ذلك بأن القمة كانت تهدد العمل العربي المشتر رأيه في جماعة الإخوان: اعتبر أبو الغيط أن جماعة الإخوان استطاعت أن تسرق ثورة 25 يناير من شباب الثورة، وقال إن الإخوان ركبوا موجة ثورة 25 يناير، مشيرا إلى أن القوى الثورية والشباب كان تأثيرهم يظهر على شاشات الفضائيات فقط ولم يكن لهم أي تواجد على الأرض عكس التيار الإسلامي الذي كان يتواجد على الأرض بقوة وبشكل منظم، مضيفًا أنهم الأكثر نشاطا في التنظيم والحشد من أي حزب آخر. علاقته بمبارك بعد الثورة: بعد ثورة يناير وخلع مبارك، أعلن أبو الغيط في حديث صحفي مع قناة "الحُرة"، أنه ظل على تواصل معه بعد خلعه وسفره إلى مدينة شرم الشيخ، حيث قال إن مبارك اتصل به على هاتف منزله وطالبه بأن يطلعه على آخر المستجدات المتعلقة بالشأن العربي في ظل وجود أزمة في دول الربيع العربي. وحول عدم سفر مبارك لخارج مصر بعد خروجه من الحكم، قال الوزير الأسبق: "مبارك كان عنده كبرياء شديد يمنعه من الهرب خارج مصر، وربما جاءته تطمينات جعلته يبقى في مصر ولم يهرب بعد الثورة ، دون تحديد ما إذا كانت هذه التطمينات خارجية أم داخلية" . السيسى بطل: وعن الرئيس عبدالفتاح السيسي، قال أبو الغيط: "بطلي الذي أنقذ مصر، بقول كدا ومش عايز حاجة من حد أنا خلاص عندي 76 سنة"، كاشفاً في حوار له على احدى الفضائيات: "كنت أتواصل مع اللواء عمر سليمان، قبل وفاته بأربعة أيام أتحدث بحزن عن سيطرة الإخوان على الحكم، فقال لي: الإخوان مش هيقعدوا وما علينا إلا التمرد عليهم". وأضاف: "سليمان قال لي (في راجل قادر عليهم)، وأقسم بالله قال لي الاسم، قاللي اللواء عبدالفتاح السيسي هو رجل اللحظة". وتابع أبوالغيط قائلا: "لذا أرى أن السيسي منقذ مصر وسوف أحييه حتى مغادرة الحياة". ولد أبو الغيط عام 1942، وحصل على بكالوريوس تجارة من جامعة عين شمس عام 1964 وبعد تخرجه بعام التحق بوزارة الخارجية، ثم عين سكرتيرًا ثالثًا في سفارة مصر بقبرص عام 1968 حتى 1972. وفي1972، عين عضوًا بمكتب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومي، وبعد عامين عمل سكرتيرًا ثانيًا بوفد مصر لدى الأممالمتحدة، ثم ترقى إلى درجة سكرتير أول في عام 1977 لمكتب وزير الخارجية. وفي أواخر السبعينيات وتحديدًا في 1979 عُين مستشارًا سياسيًا بالسفارة المصرية بموسكو، ثم للوزارة من جديد 1982، وتم تعيينه بمنصب المستشار السياسي الخاص لوزير الخارجية، وعام 1984 عين مستشارًا سياسيًا خاصًا لدى رئيس الوزراء. وظل أبو الغيط يتدرج في المناصب واحدة تلو الآخرى، ففي 1985 عُين مستشارًا بوفد مصر لدى الأممالمتحدة، ثم مندوب مناوب لمصر لدى الأممالمتحدة، ثم مديرًا لمكتب وزير الخارجية في عام 1991، وبعدها تم تعيينه سفيرًا لمصر لدى إيطاليا ومقدونيا وسان مارينو وممثلًا لمصر لدى منظمة "الفاو" الأغذية والزراعة. وفي 1996 عين مساعدًا لوزير الخارجية، وبعد ثلاث سنوات عين بمنصب مندوب مصر الدائم في الأممالمتحدة، حتى جاءت لحظة توليه منصب وزير الخارجية المصرى فى حكومة أحمد نظيف في 2004 . وأعيد تعيينه أبو الغيط كوزير للخارجية في آخر حكومة في عصر مبارك، التى تم تشكيلها أثناء اندلاع الثورة، برئاسة أحمد شفيق.