اسعار الاسماك اليوم الاثنين 3-6-2024 في الدقهلية    أسعار اللحوم البلدي والضاني اليوم الاثنين 3-6-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    قصف إسرائيلي يستهدف أهدافا عسكرية شمالي سوريا    مسؤول أوكراني: مقتل شخص وإصابة 2 في هجوم روسي على خاركيف    استشهاد 12 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خان يونس ورفح    ميدو: تواجد محمد صلاح تسبب في أزمة نفسية ل "زيزو" في المنتخب    ادعو لهم بالنجاح.. طلاب الثانوية الأزهرية بالأقصر يؤدون امتحانات القرآن الكريم    اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    قنا.. ارتفاع ضحايا حادث قفط - القصير إلى 6 وفيات و10 مصابين    أخبار مصر: حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم، بيع مقتنيات سمير صبري، السكك الحديدية تحذر المواطنين،أفشة: 95% من المصريين مش بيفهموا كورة    الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    مفاجأة أسعار الحديد والأسمنت اليوم 3 يونيو.. عز مزعل المقاولين    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    موعد مباراة إنجلترا أمام البوسنة والهرسك الودية والقنوات الناقلة    إعادة النظر في نظام استبدال نقاط الخبز المدعم    عودة نشاط قطاع التصنيع في اليابان إلى النمو    إعلام إسرائيلي: دوي صافرات الإنذار في الجليل الأعلى    طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة القرآن الكريم.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 3 يونيو    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"إحسان عبدالقدوس" قدم "عبدالناصر" إلى وجهاء المجتمع
«لويس جريس» يروى ذكرياته ل «الوفد»:
نشر في الوفد يوم 19 - 06 - 2016

يصف «لويس جريس» أستاذه «إحسان عبدالقدوس» بأنه شخصية فريدة ومتفردة، ومن يعرفه معرفة حقة لا ينساه، لأنه كان إنسانًا ودودًا وطيبًا وحازمًا وحاسمًا، وكان يحسن استقبال الموهبة، مثلاً «حسن فؤاد» قدم له «رجائى ونيس» و«جورج البهجورى» وكانا طالبين فى كلية الفنون الجميلة.. و«إحسان» كان يستقبلهما ويعاملهما كأنهما زملاء له يتحدث معهما ويستمع لهما، بل ويطلب «جورج» ليقول له: تعال نفكر معاً كيف سنخرج غلاف «روزاليوسف»، و«رجائى» جعله يرسم غلاف «روزاليوسف».. وكان ل«إحسان» سهراته الجميلة حيث كان يقيم حفلة رائعة بداية كل شهر، وكان يدعو إليها عدداً من السياسيين والفنانين والكتاب ورجال المجتمع، ورغم أنه كان صديقاً لأشهر نجوم المجتمع، فإنه كان لا ينسى الموهبة الجديدة التى يراها تبزغ فى «روزاليوسف»، ويقرب منه من كان يرى أنه سيكون له شأن فى قادم الأيام، ويقدمهم إلى صفوة المجتمع، وكانت أول مرة يرى فيها «لويس» السيدة «أم كلثوم» و«عبدالوهاب» فى حفلات «إحسان عبدالقدوس»، ولقد تعلم «لويس» منه الجد والاجتهاد والصبر والدأب فى العمل، وعدم التقصير فى مراجعته والاهتمام به حتى مع الفاصلة والنقطة وعلامة التعجب.
ويقول «لويس جريس»: إنه تعرف إلى «إحسان» معرفة شخصية عندما عمل فى مجلة «صباح الخير»، بما أنه كان مالكاً لها أو ابن «فاطمة اليوسف» مالكة «روزاليوسف» و«صباح الخير»، ولكنه اقترب منه عندما سافر «أحمد بهاء الدين» لمدة شهر إلى روسيا، وترك المجلة إلى «لويس» حيث كان يعرض موضوعاتها على «إحسان» وذات يوم دخل عليه فوجده يبكى، ودموعه منهمرة فوقف «لويس» فترة ثم نظر إليه قائلاً: خير أستاذ «إحسان» فيه حاجة؟
إحسان: ممدوح مات.
لويس: ممدوح مين؟
إحسان: بطل الرواية.
ومن هنا عرف «لويس» أن «إحسان» كان يعيش حكايات أبطال رواياته، وكانت رواية «لا تتركونى هنا وحدى»، وفى يوم آخر كان «إحسان» ناشراً فى مجلة «صباح الخير» باباً بعنوان «المخبر المجهول» عن طلاق «مريم فخر الدين» و«محمود ذوالفقار» وأرسله إلى «لويس» فى أخبار الفن، وتساءل «لويس» فى نفسه هل معقول أن «إحسان» ينشر الخبر فى الفن، وفى ذات الوقت ناشر القصة فى المخبر المجهول؟
وأعتقد «لويس» أنها مرت على «إحسان» دون قصد لأن هذا الخبر سيكشف من هو المخبر المجهول، وقام «لويس» بحذف الخبر دون الرجوع إليه، وبعد صدور المجلة، وجده خارجاً من مكتبه وأمام الزملاء قال: تعال هنا يا «لويس» وذهب إليه فأمسك «إحسان» بطرف أذن «لويس» وضغط عليها بشدة.. وقال: إزاى يا أستاذ أرسل لك خبراً وتحذفه دون الرجوع إلىَّ؟
لويس: آسف يا أستاذ إحسان.
إحسان: آسف إيه وبتاع إيه؟ إزاي تكون نائب رئيس تحرير ولا تعود إلىَّ عندما تريد حذف خبر؟
وتركه ودخل إلى مكتبه.
ودهش «لويس» عندما فوجئ بزملائه يقولون له مبروك يا «لويس».
لويس: مبروك على إيه، والأستاذ وبخنى وشد أذنى
فقالوا: ولكنه قال لك نائب رئيس تحرير.
ويؤكد «لويس»، أنه لم ينس هذا الدرس أبداً، وظل لا يحذف شيئاً على الإطلاق إلا في وجود المحرر صاحب الموضوع، وإذا كان له رئيس فلا يتخطاه أبداً، ويرجع إليه فى كل ما يريد أن يفعله.
ويذكر صاحب الذكريات: إن «إحسان عبدالقدوس» استدعاه ذات يوم وسأله: لو لديكم رجل فى الصعيد ويريد أن يلعب بذيله ماذا يفعل؟
لويس: مثل هذه الأشياء لو حدثت فى الصعيد تكون فى الخفاء لأن فيها قطع رقاب، وأكمل فيما عدا حالة واحدة حدثت.
إحسان: وما هى؟
لويس: وأنا فى الصعيد جاء مهندس رى هناك، وقدم واحدة مزيفة على أنها شقيقته، وبدأت تزور الناس، والناس ترد لها الزيارة، وفجأة وجد المهندس زوجة العمدة قادمة إليه طالبة زواج شقيقته إلى ابنها، فثار وهاج وقال لهم دى مخطوبة، ومرة يقول دى مكتوب كتابها، وأخذها وهرب من الصعيد.
ثم كتبها «إحسان» حكاية من الحكايات التى تنشر فى مجلة «صباح الخير».. وبعد تأميم الصحافة بدأ «إحسان» يؤجل ويتكاسل ويعتذر عن الكتابة، مع أنه كان من أنشط الناس الذين يعملون فى «روزاليوسف» لأنه كان يكتب «أمس واليوم وغداً»، ورواية في «روزاليوسف»، والمخبر المجهول وحكاية فى «صباح الخير».
إلى أن قال: يا «لويس» أنا غير قادر على الكتابة وعاوزك تتصرف فى هذا الأمر.
وكان «لويس» يعلم إلى أى مدى تعلق القراء بالحكاية التى كانت تنشر فى «صباح الخير» فأراد أن تستمر، فكان يبحث فى الأدب الإنجليزى، والأدب الأمريكى عن روايات تكون قريبة من كتابات «إحسان»، وكان يترجمها وينشرها، وفى أحد كتب حكاية مهندس الرى وأخته المزيفة التى كان حكاها إلى «إحسان» لكنه كتبها من وجهة نظر الأخت المزيفة، وليست من وجهة نظر المهندس، ولكن بعد نشرها فوجئ «لويس» بعدد كبير جداً من الخطابات والتليفونات التى تسبه وتهاجمه وتقول له: يا لص، يا حرامى، يا مخادع، وفى هذه اللحظة أدرك إلى أى مدى القارئ ذكى ومرتبط ب«إحسان»، ولا يستطيع أحد أن يضحك عليه، ومن هنا عرف أنه لابد أن يكون مستعداً للقارئ، ويعمل له ألف حساب؛ لأنه يقظ ويستطيع أن يدرك الألاعيب والانحرافات هنا أو هناك.
ويؤكد كاتبنا الكبير: إن «إحسان عبدالقدوس» عاش قصص حب كثيرة، وعندما كان ينتهى أى منها، كان يقود سيارته ويصطحب معه «جمال كامل» الرسام الذى كان يرسم له أغلفة كتبه ورواياته، وينطلق بالسيارة لمسافات بعيدة، ثم يعرف الزملاء فى المجلة من «جمال» أنه فى إحدى المرات ظل يقود السيارة، حتى وصل بها إلى «مرسى مطروح»، ومرة أخرى إلى «الفيوم»، ومرات عديدة ذهبا إلى «العلمين».
ومع هذا يقول «لويس»، إنهم لم يعرفوا أياً من الفتيات كن بطلات أى من قصص «إحسان» فقد كانت تزوره الكثيرات من رواد نادى الجزيرة، ويمكن فى تلك الفترة كانت البنات أكثر انفتاحاً فى الخمسينيات، حيث كن يسرن فى الشارع بالميكروجيب الذى كان مجرد تنورة قصيرة جداً تكشف عن كامل الساقين، وكان يشعرن فى المجلة أن «إحسان» يستغل هؤلاء البنات فى معرفة أسرارهن وأحاسيسهن ونوازعهن، وما ينتابهن من حالات، ويوظفها فى سياق الأحداث الروائية على لسان أبطالها.
وعن علاقة «إحسان» بوالدته.. يصف «لويس» هذه العلاقة بأنها كانت فى منتهى الروعة والاحترام، حيث كان يسعى إلى تقبيل يديها عندما يراها، وكان يحترم رأيها ويستمع إليها ولا يغضبها، فقد كان إنساناً فريداً، ولا يعتقد «لويس» أن الصحافة شهدت مثله، فقد علمته والدته رغم أنه مالك ل «روزاليوسف» إلا أنه لم يستطع الكتابة فيها إلا بعد أن أثبت ذاته خارج «روزاليوسف» فاضطر للذهاب إلى دار الهلال والعمل فى مجلة «الأثنين والدنيا» وكان يوقع باسم «سانو» فسمعت «فاطمة اليوسف» ب«سانو» الذى يتحدث عنه الناس لأنه كاتب جيد، فاكتشفت أنه «إحسان» ولدها وحينها سمحت له بالكتابة فى «روزاليوسف».
ثم حكى «إحسان» إلى صاحب الذكريات بعد مجيئه إلى «روزاليوسف» كاتباً، أراد أن يبهر أمه فى الخبر الصحفى، وكان «إحسان» يعرف أن «محمد التابعى» رئيس التحرير كان يحصل على أخبار من «هيكل» لينشرها باسمه فى المجلة، وتعقب «إحسان» مجيء «هيكل» وقابله بعيداً عن «روزاليوسف».
وسأله: كم ثمن ما تحصل عليه من «التابعى» للخبر؟
هيكل: 20 قرشاً.
إحسان: اعطينى الخبر وسأعطيك 25 قرشاً، ولا تعطه ل «التابعى».
وبالفعل تم هذا، وكان «إحسان» يحصل على الأخبار من «هيكل» وينشرها باسمه حتى يبهر أمه.. فقد كان يعمل على إرضائها وسعادتها، وتعلم منها الكثير من الحكمة والصبر والمناقشة والإقناع أو الاقتناع دون مكابرة أو مغالطة، حيث أصبح زوجاً محترماً، وابناً باراً، وأباً حنوناً مع أبنائه «محمد» الذى تزوج من ابنة الشيخ «محمد الغزالى» و«أحمد» الذى تزوج أكثر من مرة، ومنها زواجه من «نجلاء فتحى» ولكنه لم يستمر إلا سنوات قليلة وانفصلا.
وعن علاقة «إحسان» ب«عبدالناصر» يقول كاتبنا الكبير: إنها كانت علاقة قديمة وممتدة، حيث كان «عبدالناصر» يذهب إلى «إحسان» ويعطيه بعض المقالات التى كان «إحسان» يعيد صياغتها وتصحيحها وينشرها له، وأيضاً «إحسان» قام بتقديم «عبدالناصر» إلى كثير من وجهاء المجتمع المصرى فى السياسة والصحافة، ورغم هذا فإنَّ «إحسان» اعتقل مرة واحدة عام 1954 عندما كتب عن الديمقراطية والحرية، وطالب مجلس قيادة الثورة بتطبيقها فى إدارة الدولة، وقد ذكر «إحسان» تجربة الاعتقال وكتب عنها.
وبعد أن أمم «عبدالناصر» دار روزاليوسف من «إحسان» عينه «عبدالناصر» رئيس مجلس إدارتها، وعين العضو المنتدب لها «يوسف السباعى» الذى كان صديقاً ل«إحسان»، ويعتقد «لويس» أن «عبدالناصر» راعى هذه المحبة والصداقة بين «السباعى» و«عبدالقدوس» عند التعيين ولم يعين له أحداً يضايقه أو يقرفه.
وكان «إحسان» حينها كاتب رواية، فأهداها إلى «عبدالناصر»، حيث كتب فى الإهداء الذى يقول إلى إيمانى «جمال عبدالناصر»، وهنا «هيكل» بدأ ينبط على هذا الإهداء فى الأهرام بهدف إذلال «عبدالقدوس»، لأنه قال: فيه ناس تدعى الوطنية والكبرياء، وهم من جوقة المطبلين.
واستغل «هيكل» هذا الأمر بشدة وطبل له كثيراً إلى الدرجة التى جعلت هذا الأمر معروفاً للعامة والخاصة، لأن «هيكل» لم يفوتها وظل يذل بها «إحسان».. أما عن الزملاء المقربين من «إحسان» فأصبح هذا الإهداء يمثل صدمة شديدة لهم، لأنهم يعرفون أن «عبدالناصر» ديكتاتور، وهذا الإهداء معناه أن «إحسان» يؤمن بديكتاتور، ولكن «إحسان» حاول يبرر لماذا كتب الإهداء، لأن معناه أن «عبدالناصر» قيمة كبيرة، والإنسان عندما يؤمن بهذه القيمة فهذا ليس عيباً ولا خطيئة.
وعن علاقة «إحسان» ب«السادات».. يصفها صاحب الذكريات بأنها كانت أقوى من علاقة «إحسان» ب«عبدالناصر» لأنها أيضاً كانت قوية ومتينة إلا أنها استمرت بذات القوة والمتانة، لأن «السادات» كان من طبعه الوفاء، وعدم الكبرياء، وكان يحفظ الجميل ويصون المعروف، ولم يتغير أو يتبدل فى علاقاته مع أصدقائه القدامى، وكان يعرف قدر الأشخاص جيداً، ويقال إن رواية «فى بيتنا رجل» كانت تتحدث عن «السادات» لأنه كان قد أختبأ عند ناس كثيرين عندما كان هارباً من الإنجليز، ومن ضمن هؤلاء كان أختبأ فى منزل «إحسان» خلال هروبه فى الأربعينيات، ولهذا لم ينس «السادات» هذا الأمر ل«إحسان» أو لغيره ممن ساعدوه على الاختباء.
ولا ينسى «لويس» ليلة 31 ديسمبر وهو يوم عيد ميلاد «إحسان» وكان الجميع يذهب إلى منزله للتهنئة بعيد ميلاده، وفى أحد الأعياد فوجئ المهنئون ب«السادات» وكان نائباً ل«عبدالناصر» فى هذه الفترة ودخل عليهم وهنأ «إحسان» بعيد ميلاده، وكان هذا دليلاً على قوة الصداقة ومتانتها بينهما.
ويذكر «لويس» بعد اعتقالات 5 سبتمبر 1981 ، كان تم القبض على «محمد» نجل «إحسان» ضمن مجموعة الاعتقالات الشهيرة، ومع هذا لم يطلب «إحسان» من الرئيس الإفراج عن «محمد»، وفى خطاب «السادات» الشهير الذى تحدث فيه عن سبب الاعتقالات، وكان قد تم وضع كرسياً ل«إحسان» فى الصفوف الأولى مع الذين سيحضرون الخطاب، وسأل «إحسان» منسق الخطاب: من أين سيخرج الرئيس بعد انتهاء الخطاب؟
وبعدما حددوا له مكان خروج الرئيس، جاء «إحسان» وجلس أمام الباب الذى سيخرج منه «السادات»، وبعد انتهاء الخطاب، وجد «السادات» صديقه «إحسان» واقفاً.
فذهب إليه قائلاً: ما تخافشى يا «إحسان» ابنك سيخرج بس هو طالع (..........) زى جده!
إحسان: أنا لا أتدخل فى شئون أولادى.
وبالطبع «إحسان» كان يدرك المسافة بينه وبين الرئيس مع أنهما كانا صديقين، خاصة بعدما لاقاه من تعذيب وإهانة فى اعتقال 1954، عندما اعتقله «عبدالناصر» صديق الأمس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.