المؤتمر: حرب أكتوبر جسدت أسمى معاني التضحية والفداء    أسعار السلع التموينية اليوم الأحد 6-10-2024 في محافظة الدقهلية    بمشاركة طارق شوقي.. تكني الإسكندرية تناقش بناء نظام تعليمي مرن    مظاهرات حول العالم بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للحرب على غزة    مصر ترحب بدعوة الرئيس الفرنسي لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل    ما هي القنوات الناقلة لمباراة برشلونة ضد ديبورتيفو الافيس اليوم    ارتفاع لمدة 48 ساعة.. الأرصاد تكشف مفاجآت حالة الطقس خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    ضبط عنصرين إجراميين بأسوان لقيامهما بالاتجار بالمواد المخدرة    أطعمة تخلصك من حموضة المعدة.. تعرف عليها    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية كوم أشفين بقليوب    «الإسكان»: إعادة فتح باب التقدم لاستيفاء طلبات توفيق الأوضاع بمنطقة صحراء الأهرام    اللواء المنصوري.. أطلق عليه الإسرائيليون «الطيار المجنون»    تفاصيل تفعيل دور صندوق الرعاية الاجتماعية للمعلمين    النص الكامل لكلمة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعد انتصارات 6 أكتوبر    دور الأهلى والزمالك فى مباراة الكرامة بذكرى نصر أكتوبر    مواعيد مباريات اليوم.. فرانكفورت مع البايرن وألافيس أمام برشلونة فى الدوري الإسباني    الرئيس السيسي: مصر تؤكد موقفها الثابت المدعوم بالتوافق الدولي بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية    البربوني ب320 جنيهاً والبلطي ب85.. أسعار السمك والمأكولات البحرية في الإسكندرية 6 أكتوبر 2024    الأمن يكشف ملابسات التعدي على سيدة ونجلها خلال مشاجرة بالمنصورة    البالون الطائر يحلق بصور الرئيس السيسي للاحتفال بالذكرى 51 لنصر أكتوبر غرب الأقصر    «جيش وشعب» ل ريهام عبد الحكيم بمناسبة احتفالات نصر أكتوبر    تحرير 112 محضرا متنوعا خلال حملات تموينية مكبرة في أسيوط    الإسكان: حملات على وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات بالمدن جديدة    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    قوات الاحتلال تقتحم حي رأس العامود في سلوان وأغلقت مدخل عابود برام الله    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    البوصلة    الشوارع "فاضية".. انتظام حركة السيارات بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    الأزهر: الأسلحة الدقيقة مصطلح صهيونى يستخدم فى تبرير جرائم القتل الجماعى .. من غزة إلى لبنان.. جرائم الكيان الصهيونى مستمرة    مصر أولا.. موت الإنسانية.. عام من الآلام وتوقف الحياة.. غزة.. فى مرمى تصويب الآلة العسكرية الإسرائيلية!    مفتي الجمهورية: الرفق والحكمة أساس الفتوى.. وملتزمون بالمنهج الأزهري    الكاريكاتير فى قلب الحدث!    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    «ترانسفير ماركت» يكشف عن صفقة جديدة تقترب من صفوف الأهلي.. وقرار مفاجئ من سيراميكا بعد أزمة أحمد قندوسي| عاجل    اليوم انطلاق معسكر منتخب مصر استعدادا لمواجهة موريتانيا.. تفاصيل برنامج الفراعنة.. موعد انضمام محمد صلاح.. و"بركة يا جامع" سبب أزمة بين أكرم توفيق وحسام حسن    طريقة عمل البيتزا في البيت زي المحلات، وبأقل التكاليف    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: لقاح جدري القرود آمن تماما ولم يتسبب في حالات وفاة    أسعار الدولار اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    مدحت شلبي يكشف مصير " زيزو" في نادي الزمالك    عاجل.. إسرائيل تعلن الاستعداد لضرب إيران.. و«الخارجية الأمريكية»: لا ضمانات لاستثناء المنشآت النووية.. وقائد عسكري أمريكي يزور المنطقة    الكويت.. سحب جنسية 63 شخصا بينهم مزدوجان متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    الكشف موقف أحمد فتوح من المشاركة في السوبر الإماراتي    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    بعد شائعات وفاته.. جورج قرداحي يوجه رساله شديدة اللهجة    أحمد السقا يمازح علاء مرسي ويبعده عن ابنته ليرقص معها (فيديو)    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    نجوى فؤاد: فيفي عبده الوحيدة اللي ملتزمة بالزي المخصص للراقصات    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    جيسوس: الهلال السعودي قوي بدون نيمار    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    مصرع وإصابة 3 أطفال في تصادم دراجة بخارية وسيارة ملاكي بقنا    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    إعلام لبناني: صعوبات في وصول الإطفاء والدفاع المدني لأماكن الغارات الإسرائيلية    كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المضادة كما يريدها الأعداء (4)
نشر في الوفد يوم 11 - 11 - 2011

عرضنا فى الحلقة السابقة الجزء الثالث من البحث المطول المؤرخ 29/9 الذى نشرته مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكسى» للكاتبين حسين أغا وروبرت ماليف اللذين قارنا فيه بين الانتفاضات العربية فى خمسينيات القرن الماضى التى قادتها الانقلابات العسكرية وانتهت بإقامة دكتاتوريات عسكرية
وتركز الثروة فى يد نخبة محيطة بالحكم وبين الثورات الشعبية التى اندلعت سنة 2011 وأسقطت الحكم الدكتاتورى فى تونس ومصر وليبيا ومازالت مشتعلة فى اليمن وسوريا والبحرين، وقد حاول الكاتبان عرض بحثهما بما يوحى بأن ثورات ستنتهى لمصير انقلابات خمسينيات القرن الماضى وأن الثورة المضادة تجعل صراع السلطة يدور بين العسكر والتيارات الإسلامية وقوى الثورة المضادة من فلول الأنظمة الساقطة وتنبأ الكاتبان بتفكك دول عربية على أسس عرقية أو دينية أو طائفية كما حدث فى السودان، وانتهيا فى الحلقة السابقة إلى ما طرأ على التيار الدينى من تمرد شبابه على السلطة المطلقة لقادته، والانشقاقات التى حدثت فيه مثل انشقاق حزب الوسط عن الإخوان المسلمين فى مصر، وفى هذه الحلقة الرابعة والأخيرة يقول الكاتبان إن هناك احتمالاً لمزيد من الانشقاقات فى التيار الدينى، فهؤلاء الذين يشكون بعمق فى نوايا أمريكا لن يقبلوا تنسيقاً معها وقد يفضلون التنسيق مع إيران، والبعض قد يأمل فى هزيمة القوى الشيعية، وقد يتحالف البعض مع السعودية، ففرع الإخوان المسلمين فى سوريا الذى تلقى ضربات ساحقة على يدى الحكم البعثى بها يستحيل أن يفكر فى التقارب مع إيران، وقد تكون للتيارات الإسلامية حسابات أخرى فى اليمن والأردن لو نجحت فى إسقاط حكوماتها وسيكون أكبر تحد للتيارات الإسلامية المعتدلة هو التيار السلفى، كان السلفيون يركزون على التربية الدينية للفرد ورفض العمل السياسى، ولكن ذلك تغير تماماً الآن، ففى مصر كون السلفيون تنظيماً سياسياً قوياً، وكونوا عدة أحزاب سياسية وينوون المنافسة فى الانتخابات، وفى دول أخرى يشتركون فى حركات الاحتجاج حتى العنيفة منها، أما التيارات المعتدلة مثل الإخوان المسلمين فإنها تطوع أفكارها لطمأنة القوى الداخلية والخارجية، وكلما اشتركت فى السلطة كلما خاطرت بانشقاق بعض أتباعها وانضمامهم للسلفيين وتفسيرهم المتطرف للإسلام، وكلما حاول الإخوان التوصل لتوافق مع القوى السياسية الأخرى كلما زادت فرص نفوذ السلفيين، وفى كل من مصر وسوريا واليمن وليبيا فإن أكثر احتمالات المنافسة مستقبلاً لن تكون بين الإسلاميين وبين قوى الديمقراطية المسماة علمانية ولكن بين الإخوان والسلفيين.
5 وبين كل مظاهر الانتفاضات العربية فإن أكثر ما يميزها أن العسكريين لا يقودونها، وليست انتفاضات مدبرة من الخارج أو مدعومة بتنظيمات قوية، أولها رؤية وقيادة واضحة، كما تتميز بأنها سلمية بعيدة عن العنف، وكانت أكبر عوامل الإثارة التى ولدتها لحظات الثورات الأولى هى هذه الجوانب السلمية، وكان غياب العنف هو ما جعل الكثيرين خصوصاً فى الغرب يعتقدون أنهم يشاهدون ميلاد مجتمعات مفتوحة ليبرالية ديمقراطية.
ولكن الثورات تأكل أبناءها، وتذهب الغنائم للمصممين والذين يتميزون بالصبر والذين يعرفون ما يريدونه وكيفية الوصول له، فالثورات عموماً عمرها قصير، فهى هبات من القوة تحطم الكثير فى طريقها، وضمن ما تحطمه هو الأشخاص والأفكار التى فجرت الثورة، والشىء نفسه ينطبق على الثورة العربية، ستسبب تغيرات جذرية، وتضع فى السلطة قوى جديدة وتهمش غيرها، ولكن نشطاء الشباب الذين كانوا أول من اندفع إلى الشوارع عادة ما يخسرون الجولات التى تلى الهبة الأولى، قد تتحمس الجمهور فى إعجاب بما أنجزه الشباب ويعتبرهم أبطالاً، ولكنه لا يشعر بأنه جزء منهم، فالمصير العادى للإنسان الثورى هو تنحيته جانباً فى النهاية.
والاحتمال الأرجح أن المستقبل القريب للعالم العربى سيكون فى صورة صراع ينفجر بين الجيش وبين بقايا النظام الساقط وبين الإسلاميين فلكل من هذه القوى جذور وموارد وقدرة ورغبة فى تشكيل الأحداث، وسيكون للقوى الإقليمية دورها الفعال فى الأحداث، ولن تتردد القوى العالمية فى التدخل فى الأحداث، وهناك نتائج عديدة محتملة لكل ذلك، منها احتمال إعادة النظام القديم للسلطة، واحتمال انقلاب عسكرى يستولى فيه الجيش على الحكم، واحتمال تشرذم المجتمع واندلاع حرب أهلية فيه، واحتمال زحف التيار الإسلامى ببطء نحو السلطة، ولكن النتيجة التى تمناها الكثيرون وهى انتصار القوى التى فجرها الثوار فى أول تحركهم تكاد تكون محكوماً عليها بالفشل.
بعد تردد فى البداية تقدمت أمريكا ودول أخرى فى الغرب بإعلان مساندتهم للثوار، فقد كانت لديهم عدة اعتبارات ومن ضمنها الأمل فى أن مساندتهم للثوار ستقوى هؤلاء الذين يعتنقون الأفكار الديمقراطية المؤيدة للغرب وتمكنهم من صداقة من تعتقد دول الغرب أنهم سيصلون للسلطة، ولكن القادة الجدد فى دول هذه الثورات قد يعبرون عن شكرهم لهؤلاء الذين ساندوا ثوراتهم، ولكن مشاعر الشكر هذه ستكون قصيرة العمر، فالاحتمال الأكبر أن يصحو الغرب على عالم عربى يحكمه زعماء يمثلون شعوبهم ويثقون فى أنفسهم، ولكنهم ليسوا بالضرورة أصدقاء للغرب أو متعاطفين معه.
على سبيل المثال، فقد ساعد الفرنسيون والبريطانيون العالم العربى على التحرر من أربعة قرون من الحكم العثمانى، وساعدت أمريكا المجاهدين الأفغان على التحرر من السيطرة السوفيتية، وحررت العراق من دكتاتورية صدام حسين، ولم يمض وقت طويل قبل أن يتحول محررو الأمس إلى أعداء اليوم، فالأمور ليست كما يبدو على سطحها، فصوت اللحظات الثورية والغضب الذى تفجره قد تغيب الحواس ويخفى الصراعات الأكثر وحشية التى تدور فى الخفاء.
وإلى هنا ينتهى هذا التقرير المطول الذى يمثل أصدق تمثيل حقيقة مشاعر الاستعمار الغربى نحو ثورات التحرر العربية، والجهد الخارق الذى يبذله لدفع اليأس إلى نفوس الشعوب العربية حتى يرسخ فى أعماقها أنها شعوب من طينة أقل آدمية وكرامة من شعوب الغرب التى تنعم بالرفاهية الاقتصادية والحرية السياسية، وأن هذه الشعوب العربية المتخلفة محكوم عليها أن تعيش تحت وطأة دكتاتوريات عسكرية أو شمولية ترفع راية الدين لتضلل به شعوبها، ويبلغ الاستخفاف بكاتبى الغرب ولسانه الأجير أن يعرضا فى آخر بحثهما استعمار الشرق العربى بعد الحرب العالمية الأولى وتقسيمه بين دولتى الاستعمار الأكبر عندئذ فرنسا وبريطانيا على أنه تحرير للعرب من أربعة قرون من الحكم العثمانى، وأن يصورا استدراج أمريكا للسوفييت إلى فخ أفغانستان وتسخير الأفغان وغيرهم لمحاربة الاستعمار السوفيتى بهم وبأموال دول العصور الوسطى من مشايخ البترول حتى سقط الاتحاد السوفيتى وكسبت أمريكا الحرب الباردة دون أن تفقد جندياً واحداً أو تطلق رصاصة واحدة، ويمعن كاتبا الغرب الأجيران فى الاستخفاف الوقح فيصوران غزو أمريكا للعراق ونهب موارده على أنه تحرير للعراق من دكتاتورية صدام حسين.
ولكن لسوءحظ الغرب وألسنته الأجيرة فإن الصحوة العربية هذه المرة ليست أبداً كهبة خمسينيات القرن الماضى، التى أخمدت أنفاس العرب وعرقلت نموهم بدكتاتوريات عسكرية ونخب من اللصوص المحيطين بالحكم، فبفضل الإعلام المفتوح، الذى تدين به الغرب الذى اخترع الكمبيوتر وشبكات الإنترنت لم يعد ممكناً إخفاء أى حقائق عن العرب أو غيرهم من الشعوب، وبفضل شجاعة وبطولة الشباب الذى فجر الثورات العربية انهار حاجز الخوف نهائياً ولم يعد ممكناً لأى مغامر عسكرى أو كهنوتى، أن يفرض دكتاتوراً عسكرياً أو وهابياً آخر على الشعوب العربية، كما حدث بعد الانقلاب العسكرى سنة 1952 فى مصر.
فالعملاق العربى قد صحا ولن يعود لنومه أبداً، وكسر حاجز الخوف ولن يعود للذل أبداً وقد سبق لنا فى سبتمبر سنة 2006 أن نشرنا فى «الوفد» خريطة العالم العربى الجديد كما يتمناها الاستعمار الأمريكى، وكما جاء فى عدد يونيو 2006 من مجلة «الجيش الأمريكى» نفسه، وقد تضمن الحلم الاستعمارى الأمريكى إعادة تقسيم دول الشرق العربى على أسس طائفية وعرقية وقبلية ودينية فى صورة كيانات صغيرة متنافرة يسهل لأمريكا السيطرة عليها عن طريق كلب حراستها الإسرائيلى، وكانت إحدى مفردات الحلم الأمريكى على سبيل المثال تقسيم مصر لدويلات ثلاث مسلمة وقبطية ونوبية، وإعطاء جزء من سيناء لقطاع غزة لإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى إلى صراع مصرى فلسطينى، وها نحن نرى الحلم الأمريكى ينهار مع النفوذ الأمريكى فى المنطقة، ونرى كلب الحراسة الإسرائيلى يتخبط مذعوراً وقد سقط حليفه الاستراتيجى الذى كان أحط وآخر الطغاة فى مصر، ووقف الكلب المذعور وحيداً بعد تخلى حليفه التركى عنه، رحم الله شاعر تونس العظيم أبوالقاسم الشابى إذ قال:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة... فلابد أن يستجيب القدر
ولابد للدم أن ينهمر... ولابد للشعب أن ينتصر
ومن لا يرم صعود الجبال... يعش أبد الدهر بين الحفر
---------
نائب رئيس حزب الوفد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.