فى ظل الارتفاع الجنونى فى أسعار اللحوم الحمراء، يحجم الكثيرون عن شرائها ويستعيضون عنها باللحوم البيضاء أو الأسماك، إلا أن الاحتفال بعيد الأضحى وما يفرضه من طقوس تناول لحوم الأنعام (أبقار، خراف، نوق« جعل اللجوء إلي اللحوم المستوردة أمرًا لا مفر منه. لتتحول أشهر أكلة مصرية فى العيد وهى »الفتة باللحم الضانى« إلي »فتة باللحم المستورد«. أمام أحد محلات بيع اللحوم المستوردة قالت طفلة لوالدها.. »بابا عايزين نشترى خروف؟« طلب البنت الذى عبرت عنه ببراءة، أعاد إلى ذهن »صلاح أحمد« الكثير من الأوجاع، فقد كان فى طريقه لشراء كيلو لحم مستورد.. للاحتفال بعيد الأضحى مع أسرته بعد أن أصبح شراء اللحم البلدى من المستحيلات، »مرتبى 500 جنيه« ببساطة قال الرقم، طالبًا منى إجراء عملية حسابية لتوزيع هذا الراتب الضعيف على نفقات أسرته، لذا فبديهىًا أن يلجأ صلاح للمستورد »الحمد لله إنى لاقى حتى أجيب مستورد بالمرتب ده«، ويؤكد أن حاله أفضل من كثيرين لا يجدون »العيش الحاف«، عاقدًا مقارنة ساخرة بين الظروف الصعبة التي يعيشها غالبية المصريين وتصريحات مسئولى الحكومة والذين وصفهم: »دول ناس عايشة فى عالم تانى أكيد بيتكلموا عن بلد آخر«. بنظرة مترددة تقف حنان طه أمام محل بيع اللحوم المستوردة، لتوها مرت علي جزارة السعادة التي تبيع اللحم البلدى إلا أن نظرة عابرة علي أسعار تلك اللحوم كانت كفيلة بالهروب بسرعة نحو اللحوم البرازيلية والهندية. »أعرف أن طعم البلدى أفضل ولكن من الجنون شراءه بهذا السعر« هكذا تلخص حنان الأمر بواقيعة، فشراؤها 3 كيلو لحم بلدى لتناوله فى أيام العيد مع أسرتها المكونة من ستة أفراد، يعنى تدمير ميزانية هذا الشهر، وعلي هذا آمنت صباح بأن المجازفة غير محسوبة العواقب. العيد السابق رفض أبناؤها المستورد، وبالطبع هذا العيد سيرفضونه أكثر بعد ما أثير حول فساد هذا النوع من اللحوم ووجود (ديدان الساركوسيست بها« لذا تعترف حنان بأنها لن تخبر أولادها بأنها اشترت لحومًا مستوردة وتتابع: سأتكفل بطهيها بطريقة جيدة حتى لا يدركون الفرق. وكنوع من أنواع التوازن، اتفق على محمد وزوجته منال علي شراء 2 كيلو لحم بلدى و3 كيلو مستورد حتي يوازنا بين الشعور ببهجة العيد والتوفير. يقول علي: »غلاء أسعار اللحوم غير طبيعى ولا يحدث فى أى دولة من دول العالم« مشيرًا إلي تحكم »مافيا اللحوم« علي حد تعبيره فى الأسعار »والنتيجة أن الشعب نسى طعم اللحمة«، وتتفق منال معه فى الرأى مطالبة بضرورة وضع حل لردع المحتكرين الذين يتحكمون فى السلع وأسعارها«. »عادى مش هاموت لو مأكلتش بلدى«. باصرار يشوبه اللامبالاة قال عبدالمجيد فهمى، مؤكدًا أنه سيخلط نصف كيلو بلدى مع اتنين مستورد، و»الدنيا هتمشى زى الفل« ورغم اعتراضات زوجته المستمرة وشكواها »اللحمة زفرة والشوربة طعمها مش حلو« إلا أن دخل عبدالمجيد لن يرضخ أمام هذه الاعتراضات التي كما يراها الزوج »رفاهية« لا يحتملها راتبه الذى يكفى نصف الشهر بالكاد.