دور القوات المسلحة فى نجاح الثورة لا ينكره إلا جاحد.. فقد بات من المسلمات.. لكن كل ذلك كوم، وأن يجعل الجيش من نفسه دولة داخل الدولة كوم آخر تماماً!! أقول هذه المقدمة بعد قراءتى لوثيقة السلمى الأخيرة.. وبالتحديد المادة 9 منها والتى تجعل من الجيش وصياً على الدستور والشعب وكأننا شعب فاقد للأهلية يحتاج لمن يحجر عليه ويقرر مصيره!! يذكرنى موقف المجلس العسكرى بمحام أعماله أوكله رجل أعمال لإدارة أثناء غيابه ففوجئ به يطلب منه حقه الشرعى من المدام!! فهذه المادة اللعينة لا يضعها إلا شيطان لا يريد الخير لمصر، فهى أولاً تجعل من ميزانية الجيش لغزاً من الألغاز لا يستطيع أحد أن يقترب منه أو يفك طلاسمه.. فلا مناقشة ولا محاسبة والأمر كله مقصور على المجلس الأعلى وحده لا شريك له!! كما أنه يصنع من المجلس الأعلى الوصى الشرعى على الشعب المصرى حتى فنائه أقصد فناء الشعب طبعاً فهل هذا معقول؟! اننى كنت ولا أزال من أشد المتحمسين للمجلس العسكرى فى مصر، بل والأول فى الاعتراف بدورهم البيضاء على الثورة.. لكن كل ذلك لا يعنى أبداً أن نوقع شيكاً على بياض لأى أحد أياً كان اسمه وصفته.. فالغموض وعدم الشفافية قبلناهما ثلاثين عاماً رغماً عن أنوفنا أما الآن وبعد قيام ثورة بذلنا فيها الغالى والنفيس.. فلا مكان فى بلادنا لأى فرعون جديد سواء كان يرتدى البدلة العسكرية أو المدنية.. انتهى زمن الفراعين.. والجيش مثله مثل أى مرفق فى الدولة تناقش ميزانياته ويحاسب أفراده كأى موظف فى مصر.. ولعل هذا الوضع السيئ فى الماضى هو الذى أدى لانتشار وتفشى عمولات السلاح وانتشار الشائعات حولها والتى طالت كل شخص حتى رأس الدولة نفسه. إننى أعتقد صادقاً أن شياطين الإنس من ترزية القوانين هم وراء هذه المادة الكارثة.. فهم على الدوام يقدمون خدماتهم لكل سلطان.. فعلوها مع ناصر وزينوا له كل نقيصة.... وكرروها مع السادات وأخيراً قدموا كل شروهم وآثامهم فى خدمة مبارك فكان السقوط من نصيبه هو وأسرته ليصبح «فرجة» للعالمين فى قفص الاتهام. ولم يهدأ لترزية القوانين وشياطين الإنس بال حتى أحاطوا برجال المجلس العسكرى، وهم أناس قليلو الخبرة فى العمل المدنى وألاعيب الحواة.. فقدموا للمجلس كل ما يسىء اليه والى دوره العظيم فى حماية الثورة والحفاظ على مكتسباتها!! وأنا على ثقة أن وثيقة السلمى الأخيرة لابد وأنها تحمل بصماتهم القذرة.. ومن هنا أناشد رجال المجلس الأعلى الذين حملوا أرواحهم على أكفهم أثناء الثورة.. أرجوكم حافظوا على تاريخكم وثقة الشعب فبكم ولا تسلموا آذانكم لشياطين الإنس من ترزية القوانين.. لأن المرحلة الحالية لا تتطلب أى مغامرات أو ألاعيب حواة!