مازال الجدل مستمرا سواء بين المثقفين المصريين أو بين الصفوة التركية حول مايعرف بنموذج تركي وخاصة بعد الزيارة الأخيرة لرجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي لدول الربيع العربي ومنها مصر . المثقفون الأتراك يطالبون بتحديد أولا أبعاد النموذج التركي وهل هناك نموذج تركي بالفعل وهل هو نموذج حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مشيرا إلي أنه ليس هناك نموذج أو هو نموذج غير مكتمل حيث لم يحقق أهدافه بعد . فيما يؤكد د.أحمد هارون استاذ الأدب التركي في جامعة المنصورة أن تركيا نموذجا مثاليا يجتذب أعين العالم شرق وغربا للخروج من أزمة الاغتراب وأنظمة الحكم الفاسدة في الشرق لاسيما الشرق العربي والاسلامي كما يدعم الغرب هذا النموذج لاحتواء العالم الاسلامي بدعوي النهضة والحداثة والديمقراطية علي الطريقة الغربية . وأوضح د.هارون في دراسته "النموذج التركي :من خلال دراسة عن الهوية التركية" أن البناء الفكري للجمهورية التركية طبقا لدستور 1924 والتي لم تنقطع رغم الانقلابات حتي اليوم ؛رغم الحديث عن الجمهورية الثانية حاليا وهو ما لايؤيده البعض ؛يقوم هذا البناء علي التوجه نحو الغرب وهو ما سعي اليه كمال اتاتورك وتحجيم دور الدين وتكوين شخصية تركية عصرية.فالجمهورية التركية كانت تعتبر الدولة الدينية دولة ضد الديمقراطية كما أن المشروع الاتاتوركي كان جزءا من نموذج عالمي . واعتبر أن فرض العلمانية من أعلي دون قاعدة عريضة يفسر فشل السياسات الديمقراطية في حسم الصراع السياسي الإ من خلال تدخل عسكري مباشر وغير مباشر . وقال إن توجهات تركيا نحو الغرب في سياستها الخارجية أثر سلبيا علي علاقتها مع الدول العربية والاسلامية كما كانت الضغوط الغربية وراء قيام انقلاب عسكري ثالث كما أوقعت هذه السياسة تركيا في تناقضات. وأوضح أن تجربة الحداثة والمدنية التي نفذها اتاتورك وأنصاره ؛أدت إلي تناحر بين القديم والجديد والعلمانية والاسلام والأكراد والأتراك في ازدواجية سياسية وثقافية مما يكشف عن أبعاد أزمة الهوية . وأوضح أن الموقف الاسلامي في تركيا يتصل أكثر بأزمة هوية ناتجة عن فرض الدولة هوية رسمية لها مغايرة لهوية المجتمع الأصلية . وقال د.هارون إن أزمة الهوية واقع لاشك فيه في تركيا الحديثة والمعاصرة علي اعتبار أن لها أبعادا في تاريخ تركيا وحضارتها منها أن تلك الحركة المضطربة للأحداث والوقائع التاريخية التركية خاصة في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي بلغت ذروتها بإعلان اتاتورك الجمهورية عام 1924 وإلغاء الخلافة العثمانية وتأسيس دولة تركيا الحديثة في تواصل لاضطراب الأحداث والوقائع والذي لم يتوقف ومازال مستمرا حتي اليوم بين ثورات تشريعية وحركات شعبية وانقلابات عسكرية وتمرد كردي يمثل أكبر تحدٍ لحكومة أردوغان. ويشير إلي عصمت أوزال كواحد من المثقفين المسلمين الجدد المعروفين جيدا للقارئ التركي المعاصر بمختلف توجهاته العلمانية والاسلامية فأوزال يري أن مصير الاسلام في تركيا يرتبط بمستقبل المسلمين بشروط لأن تركيا أصبحت أكثر عنفا بالتغرب من أي دولة اسلامية أخري ويطرح أوزال رؤيته للإسلام كمخرج من الصراعات والشكوك الايديولوجية اليمينية واليسارية وكطريق ثالث متميزعن الاختيارات المعروضة عليه من الأطروحات الشرقيةوالغربية منتقدا المسلمين ومطالبا لهم ببرنامج ليكشف الحقائق المرة ومنها أن المسلمين ليسوا أغلبية في تركيا، كما هو متصور وانما هم أقلية.